الأحد، 14 أبريل 2013

الأنانية تدفع الزوجة للتفريق بين الإخوة



مجد جابر عمان- "تربوا على حب بعضهم البعض، وعلى أن لا يفرقهم أحد مهما حدث" بهذه العبارات تصف الحاجة أم حسين علاقة أبنائها السبعة، وهي العلاقة التي حرصت عليها منذ طفولتهم.
"كبروا وهم الاخوة والأصدقاء في آن واحد، لا يفرقهم شيء، ولا يقف أي حاجز بينهم، كل منهم يقف مع الآخر ويسنده، في حزنه وفرحه، وفي نجاحه وإخفاقه، حتى أصبحوا رجالا يعتمد عليهم".
لكن فرحة أم حسين بأبنائها لم تكتمل. فدخول زوجة ابنها التي وصفتها "بالقطاعة" في حياتهم سرعان ما نغصت على أبنائها حياتهم السعيدة، وذهبت بفرحتها بهم، بعد أن فرقتهم عن بعضهم.
تقول "لا أصدق أن ذلك يحدث داخل عائلتي، وبين أولادي الذين كان يضرب بهم المثل، في المحبة والتعاون والتعاضد، بس منها لله زوجة ابني الكبير التي زرعت المشاكل والخلافات بينهم، وجعلت كل واحد يفكر في مصلحته ولا يحتمل كلمة من أخيه، بسبب وساوسها وضغينتها وكرهها للمّة العائلية".
وتضيف أن زوجة ابنها "تزن" على ابنها بشكل مستمر، قائلة له بأنه أكثرهم عملا وإنتاجا، وأنه يجب أن يأخذ الحصة الأكبر في الشركة. في بداية الأمر لم يكن يكترث لكلامها، لكن "كثر الزن أمر من السحر"، كما يقول المثل فقد صار ابنها يشعر فعلاً أنه أفضل من غيره فجعل يميل إلى التفرقة بينه وبين إخوته ويخلق المشاكل معهم.
والحال أنه في كل مرة تحاول الأم الإصلاح بينهم إلا وتبدأ النزاعات بين الإخوة من جديد، حتى باتوا لا يحادثون بعضهم البعض، وانقسموا. 
وعائلة أم حسين ليست وحدها التي عانت من مثل هذه المشكلة التي تنفجر داخل العائلة بسبب دخول امرأة بينهم. ربا عبدالله هي واحدة من هؤلاء، فهي تحزن في كل مرة ترى فيها زوجها وحيداً ومتألماً بسبب أخيه الوحيد الذي فرقت زوجة أخيه بينه وبين أخيه والسبب غيرتها وحقدها.
تقول "زوجي وأخوه وحيدان، كان كل منهما متعلقا بالآخر، فهما متقاربان في العمر، وكانت طفولتهما ودراستهما ومغامراتهما متلازمة حتى كبرا وتزوجا. لكن سلفتي جاءت لتفرق بينهما، بسبب غيرتها، وكرهها لي، وعدم رغبتها في التواصل مع عائلتي وأبنائي".
وفي سياق متصل تضيف "أنا أعلم أن زوجي يتألم كثيرا، ويشتاق كثيرا لأخيه، حتى وإن كان لا يعبر عن ذلك بوضوح، وأعلم أنه لو عاد الآن سيحضنه بكل حب ومودة، إلا أن الأمر ليس بأيدينا".
وهناك حالات كثيرة في مجتمعنا لعائلات مترابطة ومتحابة نشأت وتربت على الأخوة والتراحم القوي بين أفرادها، لا يفرق بينهم شيء، لكن تأتي الزوجة لتفرق بين الإخوان وتشتتهم، وقد لا يكون ذلك من باب سيطرتها على الزوج في كل الأحيان، وإنما يكون ذلك أحياناً مقصودا من الزوج نفسه الذي يفضل اللجوء إلى الابتعاد عن إخوته من أجل الابتعاد عن المشاكل.
"ما يحصل بين الإخوة بسبب الزوجات شائع في مجتمعنا"، بحسب اختصاصي علم الاجتماع د.حسين الخزاعي الذي يعتبر أن السبب الرئيسي وراء هذه الظاهرة هو التنشئة الاجتماعية الخاطئة للزوجة التي تعلمت هذه التصرفات عند أهلها، وتحاول نقلها وتطبيقها في أسرة زوجها.
وهناك أيضا الغيرة والشخصية العدوانية التي لا تحب أن ترى الناس سعداء ومتفقين، إلى جانب الرغبة في الانتقام من الزوج بسبب مواقف معينة، ما يجعلها تفتعل المشاكل.
ويعتبر الخزاعي أن رضوخ الأزواج لزوجاتهم في مثل هذه التصرفات هو الذي يخلق عند الزوجة هذا التمرد، الذي يجعلها لا تتورع عن القيام بهذه التصرفات المرفوضة خلقا واجتماعيا ودينا.
ويؤكد الخزاعي ضرورة أن يكون هناك توجيه دائم منذ الصغر، وعلى أن يكون هدف العائلة الوحيد هو تحقيق السعادة.
وفي ذلك تقول اختصاصية العلاقات الزوجية د.نجوى عارف، إن اللوم في مثل هذه الحالات يقع على المرأة وليس على الرجل، فقد لا يكون الزوج محكوما بمثل تلك التصرفات من زوجته، إلا أنه يلجأ إليها تفاديا للمشاكل، مبينة أن المرأة هي التي تلم العائلة، وهي التي تفرقها.
وتعتبر أنه من السيئ جدا أن تصبح المرأة عنصر تفريق بين الزوج وإخوانه، خصوصاً وأن ذلك قد يحدث أحيانا لسبب لا ذكر له، كأن تكون هذه المرأة لا تطيق "سلفتها". وتؤكد عارف أن هذا التصرف لا يصب في مصلحتها ولا في مصلحة أبنائها الذين هم بحاجة إلى بيئة أسرية صحية، كي ينشؤوا بطريقة صحيحة، فإذا هي لا تفكر في نفسها فلتفكر على الأقل في مصير أبنائها.
وتشير عارف إلى أن زوج هذه المرأة قد يطاوعها في ذلك، إلا أنه لن يكون سعيدا، ولن يحمل لها المشاعر الطيبة، لأنه بتصرفاتها هذه تنغص عليه حياته، لافتة إلى أن الزوج قد يضطر لشراء راحة البال، بالانصياع لرغبتها، أو قد يصل علاقاته بغيرها من ورائها، وفي كلتا الحالتين ليس الأمر في صالحها.
وتعتبر عارف أن الحدود واجبة في العائلة الواحدة، ويجب أن تكون واضحة بين الإخوة، وفي الوقت ذاته يجب أن يكون الزوج حازما مع زوجته.
في حين يرى أستاذ الفقه والدراسات الإسلامية، د.منذر زيتون، أنه من الأساس لا بد من إعادة النظر في أسس اختيار الأزواج لبعضهم بعضا، مبينا أن كل المشاكل تظهر من سوء الاختيار.
ويرى أن الزوجة تسعى إلى امتلاك زوجها، وهو ما يؤثر على علاقته بأهله، خصوصا الأم والإخوة، مبينا أن امتلاك الزوج يعني التأثير عليه لإضعاف علاقاته مع عائلته، والتخفيف من حماسه، والتقليل من زياراته لهم، ومن واجباته المالية اتجاههم، لافتا إلى أن ذلك إذا لم يؤثر عليه في البداية فسوف يؤثر عليه مستقبلا مع تكرار الأمر. 
ويعتبر زيتون أن الإنسان امتداد لإخوته وإخوته امتداد له، فإذا صنع خيرا مع إخوانه سيصنعون خيرا مع أولاده فيما بعد.
ويرى أن الدال على الخير كفاعله، والدال على السوء كفاعله، وبالتالي فإن المرأة يجب أن تقوم بوصل علاقة الرحم بين أفراد العائلة، لافتا إلى أنه من حسن أداء حقوق الزوج على زوجته أن تعين الزوجة زوجها على برّ عائلته

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com