الاثنين، 29 أبريل 2013

القـــراءة.. فـــي عالـــم لا ندركـــه بغـــير الـــورق !


صورة

فرح العلان - «وائل» البالغ من العمر ما يقارب الخامسة والستين عاما، قصة جميلة قريبة من القلب ،التقيته في أحد الأيام أمام مكتبة عبد الحميد شومان في التاسعة صباحا . مشيت وراءه حتى أمسك كتابا من على إحدى الرفوف كأنه يعلم بوجوده هنا مسبقا ثم جلس على احدى الطاولات وعاد الى قراءته ، ووجدت نفسي اجلس بقربه واستأذنه لقيامي بطرح عدة اسئلة عليه بعدما قمت بالتعريف عن نفسي، فبدأ وائل يسرد ما يقوم به كل يوم ...
يقول وائل :» بعد وفاة زوجتي وفي كل يوم أتناول فطوري وأعد نفسي للمجيء الى المكتبة وأقوم بأخذ كتاب وأبدأ بقراءته حتى أذا ما غلبني التعب ، اثني صفحة الكتاب حتى أعود اليه في اليوم التالي واعيده الى مكانه الذي اسعى جاهدا الى عدم نسياني له ، حيث ان ذاكرتي أصبحت ضعيفة بعض الشيء مع مرور الوقت .»
واضاف :» ثم أعود الى بيتي واخذ قسطا من الراحة حتى المساء ، فيأتي أولادي ومعهم احفادي لزيارتي ، وأبدأ بالحديث عن الكتاب الذي كنت قد قرأته ذاك اليوم في المكتبة ، ويأخذ اولادي بالنقاش في موضوع الكتاب حتى تنتهي سهرتنا «.

 الذهاب يوميا الى المكتبة للقراءة
عند الكهل «وائل» أن الكتاب يعد أفضل صديق يقضي معه الوقت ، فهو يستفيد منه ويفيد أولاده أيضا ، وأن وصولي الى هذا السن لا يمنعني من الذهاب يوميا الى المكتبة للقراءة.
وأشار اخصائي الطب النفسي الدكتور نايف ارشيدات الى عدم قدرة الانسان المثقف على الاستغناء عن القراءة ، موضحا ان التطور التكنولوجي الذي وصل اليه العالم الان لا يغني عن استخدام الكتاب الذي يعمل على تنمية المعرفة لدى الافراد القارئين .
وقال ارشيدات :» إن القراءة لا تعتبر نوعا من أنواع الادمان ؛ كالادمان على الكمبيوتر و الانترنت ، بل هي زيادة ثقافة القارئ وتنمية مداركه «.
وفي لقاءات لـ « أبواب « مع عدد من قراء الكتب لمعرفة طبيعة ونوعية قراءاتهم بالاضافة الى معدل ما يقرأونه قال محمد وليد :» احب القراءة ، واشعر اني في عالم آخر ، اجد نفسي ادخل في عوالم القصة وأن بعض الشخصيات تتجسد داخلي .»
مضيفا:» أن معدل ما أقرأه تقريبا من كتابين الى ثلاثة كتب اسبوعيا .»
واوضحت منال الجعافرة أن شعورها اثناء قرأتها للروايات لا يوصف وأن معدل ما تقرأه يصل الى كتاب واحد اسبوعيا .

للقراءة انواع عدة
وذكرت دعاء ابو طوق أن للقراءة انواعا عدة منها القراءة الثقافية والسياسية والاقتصادية ، وأنها شخصيا تركز على قراءات الثقافة العامة ، الى تثري معلوماتها بشكل عام ، وانها دائما ما تذهب الى مكتبة عبد الحميد شومان .
 السلوك و السكين!
وهنا قالت المتخصصة في اللغة والنقد والادب الدكتورة خلود جرادة :» الكتاب ، هو الذي يشكل هوية الإنسان ، ويرسم خارطة تفكيره وخطوطها وزواياها ومنعطفاتها ، ويضع الأسس التي منها ينطلق الإنسان في تعامله مع الحياة بتفاصيلها المختلفة ، فيضع هذه الأسس ويحدد ملامحها ، من خلال الأفكار المطروحة فيه وكيفية عرضها ، بل ومدى تفاعلها مع جوانب الحياة المختلفة ، مما يؤدي إلى أن تصبح تلك الأفكار جزءًا من شخصية القارئ ، وملمحا من ملامح تفكيره وسلوكه «.
وأضافت جرادة :» بمعنى آخر فإن المطالعة ، تثقف سلوك الإنسان كما تثقف السكين الرمح ، فتزيل ما به من شوائب وزوائد ، حتى يصبح مستقيما ، فنحن من خلال حوارنا وحديثنا مع الإنسان ، بل ومن خلال ما يكتب ، نستطيع أن نعرف ماذا يقرأ ، ومن خلال سلوكه وكيفية تعامله مع الحياة والناس حوله ، نستطيع أن ندرك إن كان قارئا جيدا أم لا ، فليس كل قارئ ينتفع بما يقرأ ، وليس كل كتاب يمتلك القدرة على صقل فكر الإنسان وتهذيب سلوكه ، فنحن نحتاج كتابا جيدا وقارئا يعي ما يقرأ ، ويحوله إلى فكر وسلوك» .
وأشارت الى أن أثر الكتاب والمطالعة لا يقتصر على بناء فكر الإنسان وتوجيهه ، بل يتعداه إلى بناء لغته وصقلها ، ويمنحه القدرة على صياغة أفكاره ومشاعره في لغة حية متينة ومعبرة ، بل إن تلك اللغة تصبح قالبا مسبوكا ، تنصهر فيه وتتشكل لغة الإنسان ، وبالطبع فإن لغة الكلام تختلف عن لغة الكتابة ، ولغة الكلام أيضا تختلف من شخص إلى آخر ، وهذا الاختلاف تحدده طبيعة الكتب التي يقرأها الإنسان ، وهذا الاختلاف أيضا ينطبق على لغة الكتابة .
ولفتت جرادة أننا نستطيع أن نستفيد من الكتاب بشكل كاف ، سواء في التعبير الشفويّ أو الكتابيّ ، فإن العلاقة بين الإنسان والكتاب يجب أن تؤسس منذ الصغر ، وأن يعتاد الأطفال على القراءة واحترام الكتاب وكيفية التعامل مع الأفكار المطروحة ، بمساعدة الأهل في البيت ، والمدرسين في المدرسة ، فلا يمكننا أن نكون أمة متحضرة اجتماعيا وفكريا دون أن نكون أمة قارئة ، صغارا وكبارا .
وبينت أن التكنولوجيا الآن ، شغلت الناس عن الاهتمام بالكتاب كمصدر رئيس للمعلومة ، فهناك مواقع الكتاب الإلكتروني ، ومواقع الثقافات المتعددة التي تقدم ألوانا متعددة من الثقافات ، قد لا يعمل في تقديمها متخصصون ، وهذا ما يجعل الثقافة الإلكترونية أحيانا ناقصة وغير كافية، فأصبحت أشبه ما تكون بالوجبات السريعة .
وأكدت د.جرادة على ضرورة بناء علاقة حميمة مع الكتاب الورقيّ ، فللقراءة منه وفيه مذاق مختلف ونكهة مميزة ، فهو يحمل في طياته وعلى هامش صفحاته ملاحظات القارئ وتداعيات أفكاره ومشاعره خلال القراءة ، وهذا بحدّ ذاته وثيقة ثقافية وفكرية ، وسيرة ذاتية مع الكتاب ، يعود إليها بين فترة وأخرى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com