الخميس، 11 أبريل 2013

الخضراوات والفواكه تحمي الجسم من الأمراض




عمان - لتناول الخضراوات والفواكه قيمة غذائية غنية؛ إذ تؤمّن مجموعة منوّعة من الفيتامينات والمعادن الضرورية لتأمين صحة وصيانة خلايا الجسم، وتوفير الألياف الغذائية المانعة للإمساك، والمواد المضادة للأكسدة التي تحارب بدورها التغيير غير المرغوب في خلايا جسمنا لتحمينا من الأمراض.
كمية الخضراوات والفواكه الواجب تناولها يوميا
ومن أجل تسهيل عملية التذكر ومراعاة التنويع، فقد لجأت التوصيات العالمية الى اعتبار تناول خمسة أنواع من الخضراوات والفواكه كمقياس لمراعاة الأسس الصحية في وجباتنا اليومية، فعملية تناول خمسة أنواع من الخضراوات والفواكه يوميا تضمن بدورها ما نحتاج اليه من فيتامينات ومعادن وألياف ومواد مادة للأكسدة على أن نراعي بأن الأنواع الخمسة هي مختلفة في مصدرها، مثل تناول شرائح البندورة مع وجبة الفطور، وتناول تفاحة كوجبة خفيفة، وكوب من سلطة الملفوف الأخضر والأحمر، أو سلطة السبانخ والبصل، أو أي سلطة أخرى على وجبة الغداء، وتناول بضع حبات من الفراولة كوجبة خفيفة، وشرائح من الخيار على وجبة العشاء.
وتثبت مجمل الدراسات والتجارب السريرية والمجتمعية بأن معدلات استهلاكنا للفواكه والخضراوات هي دون المستوى المطلوب لرفع مستوى الصحة والوقاية من الأمراض، خصوصا في مجال الوقاية من الأورام السرطانية، الجلطات، أمراض القلب والأوعية الدموية وضغط الدم المرتفع والسكري.
ووفقا لإحصاءات منظمة الصحة العالمية، فإن استهلاك القليل من الخضراوات والفواكه مسؤول عن أكثر من مليوني وفاة كل سنة في العالم. وتقدّر منظمة الصحة العالمية أن عدم تناول كمية كافية من الخضراوات والفواكه قد يكون مسؤولا عن 20 % من حالات الإصابة بسرطان الأمعاء و30 % من حالات الإصابة بأمراض القلب و10 % من حالات الإصابة بالجلطات أو السكتات القلبية.
ويتراوح معدل الحصص الغذائية من الخضراوات بين 3 و5 حصص، خصوصا الخضراوات غامقة اللون والخضراوات برتقالية اللون، كما تتراوح كمية الفواكه بين 2 و4 حصص غذائية، خصوصا الطازجة أو المجمّدة. فحصة الخضراوات تعادل كوبا أو زبدية صغيرة أو صحنا صغيرا من الخضراوات النيئة أو نصف كوب من الخضراوات المطبوخة، أو حبة بندورة متوسطة الحجم.
أما حصة الفواكه فتعادل حبة متوسطة الحجم من الموز، التفاح، البرتقال، الدراق وغيرها أو نصف كوب من العصير. ويختلف عدد الحصص الغذائية من الفواكه والخضراوات الموصى بها حسب العمر والجنس ومدى النشاط البدني اليومي، وكمية الطاقة المبذولة.
ما الفرق بين الطازجة والمطبوخة؟
تتميز الخضراوات والفواكه المطبوخة عن الطازجة بتركيز غني من مضادات الأكسدة التي تحمي خلايا جسمنا من التغيير المسبب للمرض، فتناول السبانخ المطبوخ مثلا يعطينا قيمة غذائية أعلى بكثير من محتواها من مضادات الأكسدة مثل فيتامين ألف ومادة الكاروتين، إلى جانب اللوتين والزيازانثين أيضا اعتمادا على المنطقة التي يتم فيها زرع وإنتاج السبانخ.
وتكمن القيمة الغذائية المثلى للسبانخ عند طبخه؛ إذ يحتوي السبانخ المطبوخ على 5 غرامات من البروتين غير المتوفر في السبانخ النيئ. كما أن السبانخ المطبوخ يحتوي على خمسة إلى ستة أضعاف الكمية من الألياف الغذائية وعنصر الحديد مقارنة بالسبانخ النيئ أو غير المطبوخ أو الطازج، وعلى حوالي عشرة أضعاف السبانخ النيئ من كل من البوتاسيوم، الفولات، فيتامين كاف، فيتامين ألف، مادة الكاروتين، وعشرين ضعف كمية مادتي اللوتين والزيازانثين.
وهذا لا يعني بأن تناول الخضراوات الطازجة لا يفيد، إنما التنويع بين تناول الطازجة والمطبوخة هو الأهم لأن عملية الطهي تزيد من تركيز العناصر الغذائية ولكنها قد تؤثر على بعض الفيتامينات مثل فيتامين جيم، خصوصا عند تعريضها لدرجات حرارة عالية ولمدة طويلة.
لماذا لا نتناول المزيد من الخضراوات والفواكه؟
الموضوع ليس مجرد موضوع المعرفة بأهمية تناول الخضراوات والفواكه، وإنما لعله موضوع التعرف على الحواجز المحيطة بنا وإدراك المعوقات التي تحول بيننا وبين تحقيق تناولنا الكميات اللازمة من الخضراوات والفواكه بشكل يومي. ولعل من أهم هذه العوامل أن تتاح لنا خيارات الخضراوات والفواكه لنتناولها من خلال توفيرها في المنزل، وجعلها متاحة وبسهولة للجميع في المنزل؛ مثل تقطيع شرائح من الخيار والجزر والفلفل وتوفيرها في إناء محكم الإغلاق وسهل الفتح في الثلاجة، إضافة الى وضع إناء من الفواكه على مائدة السفرة؛ حيث إن من يدخل المطبخ يجد الفواكه وصورتها أمامه.
ومن السهل أن نعتاد على تناول نوع واحد من الخضراوات والفواكه  لدرجة الملل أو الاستمرار في شراء أنواع الخضراوات ذاتها وطبخها بطريقة واحدة لا تتغير، ولكن لتجريب أنواع خضراوات جديدة أو لاستعمال الخضراوات بطريقة جديدة تساعد على زيادة الاستمتاع في تناولها؛ كإضافة برش الكوسا أو الشمندر أو الملفوف أو الجزر الى السلطات والساندويشات، أو إضافة الخضراوات (مثل البصل والجزر والبندورة والبازيلاء والفلفل الأخضر) الى الشوربات والمقليات السريعة والصلصات وأطباق الكاري أو الأرز واللحمة، أو حتى تناول بعض الخضراوات مع وجباتنا السريعة.
ويعتقد بعض منا بأنهم يحصلون على الفائدة ذاتها عند تناول الفيتامينات والمعادن كأقراص أو مكملات غذائية، مما يسهل مهمة تناول الفيتامينات والمعادن؛ إذ إن هذه الأقراص لا تغلب في الشراء، ولا التخزين ولا التحضير، كما أنها توفر السعرات الحرارية لتناول الحلويات بالمقارنة بكمية النشويات الموجودة في حبة الفاكهة مثلا. وواقع الحال هو أن هذه الأقراص لا تحتوي على المواد الأساسية التي تقينا من الأمراض؛ كمضادات الأكسدة والفلافونات مثلا.
هل الفواكه تقلل الوزن أم تزيده؟
يعتقد العديد منا أن بعض الفواكه تقلل الوزن بينما بعض منها يزيده، ولكن نتائج التحليل الغذائي تثبت لنا عكس ذلك؛ إذ تحتوي حبة الفاكهة المتوسطة الحجم بالإجمال على حوالي 80 سعرة حرارية، وعلى 15 غراما من النشويات، وعلى أقل من غرام واحد من الدهون. وقد تختلف النسب باختلاف نوع الفاكهة والمنطقة الجغرافية وحجمها ودرجة نضجها.
ولعل العديد منا يتفادى بل ويهرب من تناول الفواكه خوفا من زيادة الوزن، والبعض الآخر يلجأ إلى تناول الفواكه في وقت معين من اليوم، خصوصا في الصباح، ويمتنع عن تناولها ليلا نظير ما يتم تناقله عبر الجلسات والإيميلات بأن الفواكه تتحول إلى دهن وتتسبب في تخزين الدهون أو زيادة في الوزن.
وحقيقة الأمر أن هذا التوجه غير صحي؛ إذ تتميز الفواكه بأنواعها  بفوائد صحية عديدة، من بينها قدرتنا على الحصول على عناصر غذائية مختلفة في كل نوع من أنواع الفواكه، فتحديدنا لتناول الأناناس والكيوي من أجل ما يتم الترويج لهما بأنهما يخففان الوزن وابتعادنا عن تناول الموز والمانجا لأنهما يزيدان الوزن لا يوجد له أساس من الصحة العلمية. وعادة ما يتم تحديد تناول أنواع معينة من الفواكه من أجل تجنب حساسية لنوع معين منها، أو بسبب مرض طبي معين يحول دون تناول أنواع معينة من الفواكه، مثلما يحدث في حالات نقص انزيم معين في الجسم، أو حالات التهابات تقرحية في الجهاز الهضمي، أو اضطرابات في الكلى والكبد، ولكن ليس من أجل خسارة الوزن.
كما أنه لا يوجد أي دليل علمي قاطع يثبت أن اختيار وقت تناول الفواكه له دور في خسارة الوزن؛ مثل إجبار الفرد على تناول حبة فاكهة صباحا وحرمانه من تناولها ليلا، فالعديد منا لا يرغب بتناول الفواكه صباحا، أو يعمل لساعات طويلة من النهار لا يستطيع خلالها تناول الفواكه فتكون فرصته أكبر بتناولها في الليل. وعادة ما يلجأ البعض إلى الابتعاد عن تناول الفواكه ليلا خوفا من زيادة الوزن، ويستعيضون عنها بتناول أنواع من الأطعمة غير الصحية وغير المفيدة وقد تتسبب في زيادة الوزن عند زيادة كميتها أيضا. فالأساس إذن هو تناول الفواكه، ولكن باعتدال ومراعاة ظروفنا الشخصية والحياتية فلكل منا حالته الخاصة به.
وتحتوي الفواكه على ألياف غذائية تذوب في الماء، وأخرى لا تذوب في الماء. وتختلف الفائدة والقيمة الغذائية لهذه الألياف باختلاف نوعها، فالألياف الغذائية الذائبة في الماء تساعد على خفض مستوى الكولسترول في الدم؛ إذ تساعد جسمنا في التخلص من الكولسترول الفائض، كما وتساعد على تنظيم مستوى السكر في دمنا؛ إذ إنها تؤجل أو تطيل من زمن امتصاص الطاقة بكميات كبيرة من الأمعاء على صورة جلوكوز، فلا يرتفع المستوى التنشيطي لهرمون الانسولين، وبذلك تساعد على تقليل إصابتنا بالإجهاد الوظيفي للبنكرياس المؤدي إلى السكري، وتقلل من السمنة الناشئة عن فرط الانسولين، وتوجد هذه الألياف في كل من التفاح والموز والبرتقال والإجاص.
أما الألياف الغذائية غير الذائبة في الماء، فتوجد في قشور الفواكه، وهي تساعد على تنشيط الحركة الدودية في جسمنا، فتنظم بالتالي حركة أمعائنا وتساعدنا على معالجة الإمساك، كما وتلعب دورا كبيرا في تقليل احتمالية الإصابة ببعض أنواع الأورام السرطانية، خصوصا تلك المتعلقة بالجهاز الهضمي؛ كسرطان القولون، أو سرطان الثدي. وتقوم البكتيريا النافعة والموجودة في أمعاء جسمنا الغليظة بتخمير هذا النوع من الألياف وإنتاج أحماض دهنية معينة والتي بدورها تساعد على الوقاية من السرطان.
لذا فابتعادنا عن تناول أنواع معينة من الفواكه، أو تجنبنا لتناولها في أوقات معينة من اليوم لا يعطينا قيمة غذائية غنية ومماثلة لتناول حبة الفاكهة، فإضافة لأنواع الألياف الغذائية المختلفة، تحتوي الفواكه على مضادات الأكسدة التي تمنع حدوث خلل ما في خلايا جسمنا؛ مثل اللوتين واللايكوبين والفلافونات والأيزوفلافونات، والتي نستطيع الحصول عليها بتكاملية عن طريق تناولنا لأنواع الفواكه ككل، وفي أي وقت خلال اليوم شريطة أن نراعي الاعتدال في الكمية والتنويع في الفواكه المتناولة وتوزيعها خلال اليوم إن أمكن. ولعلنا نشدد على التنويع من أجل الحصول على ألياف غذائية ومضادات أكسدة وفيتامينات ومعادن مختلفة تختلف حسب نوع ولون حبة الفواكه.
وتعد الفواكه من السكريات أو النشويات، لذلك عند رغبتنا بخسارة الوزن وتناول الفواكه مع الوجبة الغذائية، يجب أن نراعي بأن نوازن كمية السكريات والنشويات المتناولة في الوجبة الغذائية، وهذا يعني أن نقلل أو نستعيض عن السكريات والنشويات في وجبتنا الغذائية بتناول حبة فاكهة. ومن الأمثلة على السكريات والنشويات في الوجبة هي: الخبز، المعكرونة، البطاطا، الأرز، المعجنات، الفريكة، المفتول، البرغل، البسكويت، والشوربات.
وتثبت لنا الأبحاث العلمية أن النمط الغذائي الصحي يعتمد على التنويع في تناول أنواع وأشكال الفواكه مع مراعاة الالتزام بالكمية في الوجبة الواحدة وخلال اليوم، والحرص على تناول حبتي فاكهة على الأقل في اليوم، وتوزيع حصص الفواكه خلال اليوم ضمن احتياجاتنا الصحية، وأفضليتنا الفردية، وظروف حياتنا وسلوكنا التغذوي.

تتيانا الكور
استشارية التغذية الطبية والعلاجية
Tatyana@tatyanakour.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com