الاثنين، 15 أبريل 2013

الشخصيات الصعبة مصدر حيرة وقلق في العلاقات الاجتماعية


نسعى جميعا لتكوين سلسلة من العلاقات الاجتماعية مع من حولنا؛ لأننا لا نستطيع العيش بمعزل عن الناس، ونشعر دائما بحاجة إلى وجود أشخاص يبادلوننا ذلك الخليط العجيب المكون من المشاعر المختلفة المتضاربة.
وتضم العلاقات الاجتماعية شخصيات صعبة الطباع، تخلق نوعا من الاختلاف، وهذا ما يضفي على علاقاتنا تميزا وتنوعا، فاختلاف شخصياتنا قد يكون مصدر حيرتنا وانزعاجنا، لكنه في النهاية أمر ضروري يحقق التكامل والتوافق بين النسيج الإنساني المترابط، فلكل شخص منا صفات مميزة ينفرد بها عن غيره.
وتتباين نظرتنا اتجاه الشخصية الصعبة، فبعضنا يراها شخصية لطيفة ومحبوبة وقريبة من القلب، والبعض الآخر يجد فيها القسوة والعدوانية المنفرة، ولا يرغبون في التقرب منها.
وبغض النظر عن رأينا بهذه الشخصيات، إلا أننا مضطرون للتعامل معها باحترام وتفهم، فهم يشكلون الجزء الأكبر من حياتنا، والإنسان الطبيعي لا يستطيع الانفصال عن محيطه الذي يعيش فيه، ولذلك فهو يحتاج إلى قدرة هائلة على استيعاب جميع الشخصيات سواء تلك التي ننسجم معها أو حتى التي لا نستطيع الانسجام معها، فنحن لا نختار الناس الذين نتعامل معهم، وإنما يفرضون علينا بدون اختيار، ولا بد من أن نتعامل معهم بذكاء اجتماعي وعاطفي فائق، فجميعنا قد نتحول في بعض الأوقات إلى شخصية صعبة ذات طباع حادة ومنفرة، نتيجة تعرضنا لضغوطات ومؤثرات خارجية تدفعنا إلى التصرف بغرابة وبطريقة مغايرة لصفاتنا الحقيقية.
ومهما اختلفنا مع أصحاب هذه الشخصيات، وإن لم تعجبنا ردود أفعالهم وسلبيتهم تجاه المواقف المختلفة التي تكشف عمق شخصيتهم وجمال أو قبح الطباع التي تحملها، إلا أن علاقاتنا المتشابكة بالآخرين تقودنا إلى استيعاب فكرة أن الشخصيات الصعبة بحاجة إلى معاملة خاصة وفهم عميق للتصرفات الصادرة عنها، لكي نتجنب الصدام معها، ونحاول التقليل من الفجوة التي يخلقها التعامل مع تلك الطباع الصعبة.
وكثيرا ما تجمعنا الحياة بمثل هذه النماذج التي تقتحم حياتنا باستمرار، محاولة ترك بصمتها في كل محطة تمر بها، ومن بين تلك النماذج؛ شخصية تحاول دائما أن تثير غضبنا بعنادها الشديد التي لا تظهره إلا أثناء تعاملها معنا، وامتلاكها لسانا لاذعا قاسيا، لا يعرف سوى الإساءة للآخرين، وجرح مشاعرهم، وتسعى جاهدة إلى توجيه انتقاداتها التي غالبا ما تكون سطحية وليست بناءة، وحوارنا مع مثل هذه الشخصية حتما سيكون حوارا عقيما؛ لأنها في الأصل ترفض قبول أي كلمة توجه إليها، وخصوصا إذا كانت من قبل شخصيات تسبب لها الانزعاج والضيق لمجرد أنها لا تتفق معها، لكن رغم ذلك، إلا أنه من الضروري أن نتفهم صفاتها جيدا، لكي نكون قادرين على التعامل معها بطريقة تتناسب مع طباعها الغريبة حتى لا يحدث خلل في علاقاتنا بسبب عدم قدرتنا على فهم الاختلاف الحاصل بين البشر وتقدير أهميته بالنسبة لحياتنا.
ومن الشخصيات الأخرى التي تجعلنا نقف حائرين لا نعرف كيف نتعامل معها الشخصية المزاجية المبنية على التناقضات يصعب علينا التنبؤ بتصرفاتها؛ لأنها تعاني من تقلبات شديدة لا تعرف معنى الاستقرار، وإذا أرادت التعامل مع المحيطين بها، فإن معاملتها ستكون حسب الحالة المزاجية التي تعيشها، وهذا ما يسبب الحيرة والقلق والسبب في ذلك راجع إلى حدوث اهتزازات وانهيارات في أساس علاقاتنا القائمة على وجود شخصيات صعبة تفتقد إلى الاستقرار، ولذلك نبدأ في البحث عن حل يرضي جميع الأطراف، فالعلاقات الاجتماعية تتطلب تنازلات من الجميع لكي تنجح، وتبقى صامدة في وجه الرياح العاصفة.
ولأن إمكانية تغيير طباع هذه الشخصية أمر غير مضمون، فعليا أن نحاول تقبلها كما هي بدون اللجوء إلى استغلال طباعهم السيئة لنبرر لأنفسنا هجومنا العنيف المهين بحقهم، ومهما كان احتكاكنا بهذه الشخصيات المستفزة مصدر قلقنا وتضايقنا، فلا بد لنا من المحافظة على أعصابنا قوية متماسكة قادرة على ضبط مشاعرها.
وعندما ندرك أن غضبنا من هذه الشخصيات لا يجدي نفعا، وإنما هناك طريقة أفضل وأرقى وهي استخدام لغة الحوار التي تهدف إلى إنجاح علاقاتنا مع من حولنا، فكلنا نحتاج لبعضنا وتواصلنا البناء رغم اختلافنا في الطباع والعادات والقناعات والتوجهات ضروري لحياتنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com