الثلاثاء، 9 أبريل 2013

زلازل الحياة لا تقاس بمقياس (ريختر)..!


صورة


كريمان الكيالي - جرافيك: مالك عبدالصمد - ..» زلزال بقوة 9 درجات بحسب مقياس» ريختر» يضرب سوق العقار بشدة ، يهبط بأسعار شقق سكنية الى البحر مباشرة بمساحات متفاوته وعروض مشجعة للغاية ، تتيح حتى الحصول على «العفش» مجانا ، إعلان طريف يتكرر يوميا على فضائية عربية برغم أن ذكر الزلازل تقشعر له الأبدان.
وكما أصبح الزلزال أسلوبا في التسويق والتأثير على المستهلك ، وربما الحالة التي تترجم أوضاع السوق وتقلبات البورصة وهزاتها ، فإن كثيرين لايجدون وصفا أفضل من الزلازل المدمرة لكثير من المتغيرات التي تطرأ على في حياتهم ، ربما للتأكيد على حجم الكارثة الانسانية أو الاجتماعية التي تعرضوا لها أو الأضرار التي لحقت بهم وعانوا بسببها الكثير.

 مصطلحات العلوم الطبيعية
وبعيدا عن التفسيرات الجيولوجية ، فإن إقحام مصطلح «الزلازل» في حياتنا لم يكن عفويا ، بحسب ما فسر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عمان الاهلية « د.عزمي منصور» حيث قال بأن علم الاجتماع كان في بداياته يستعير كثير من مصطلحات العلوم الطبيعية ، إذ أننا نميل لها دائما فهناك الفيزياء الطبيعية والديناميكا الطبيعية والاستاتيكا الطبيعية وغيرها، والمتعارف عليه بأن الطبيعة هي جملة من الحقائق بنسبة 100% فيما الحقيقة في علم الاجتماع لاتتعدى 96% حيث يحتمل هذا العلم الاجتهادات على خلاف العلوم الطبيعية التي تكون حساباتها ثابتة كما نقول الماء يتكون من إتحاد الاكسجين والهيدروجين ولاينفع في ذلك أي إحتمال آخر على الإطلاق.
أضاف «د.منصور» : العلوم الاجتماعية تتداخل مع قضايا كثيرة شائكة سياسية وإنسانية واقتصادية وتاريخية وأخرى في القانون والاعلام والتربية ، ويرى بأن وصف أي حدث يحصل للبشر بالزلزال إشارة مباشرة إلى قوة ما حل بهم والتأكيد على ما تسبب به من آثار لاتسر خاصة وأن الزلزال يأتي بدون إنذار أو بإنذار بسيط .
ولكن هل كل صعوبات تواجهنا أو متاعب نتعرض لها هي زلازل ؟ أم أن هناك مقاييس غير ريختر تتحدد من خلالها الزلازل الانسانية ؟

 خسائر فادحة كالزلزال
« أبو عزام « يرى بأن الانسان يتعرض لكثير من الصعوبات في حياته ، لكن هناك احداثا تهزه بعنف وتفسد عليه حياته وسعادته وقد تقلب حياته رأسا على عقب ، فتكون الخسائر فادحة كما يفعل الزلزال تماما ، وهذا ما حدث معه حين فقد شريكة العمر قبل عامين في صراع مع المرض بعد عشرة طيبة امتدت اكثر من ثلاثين عاما.
 اكتشاف خيانة الزوج زلزال قوي يهدد استقرار الأسرة ، وهذا ما حدث مع ام لثلاثة أبناء»سما « التي اكتشفت بالصدفة أن زوجها على علاقة بزميلة له في العمل وأنه على وشك أن يتزوجها ، فطالبته بالخروج من البيت وبالطلاق .
 لكن ليست كل الزلازل بذات السوء، كثيرون يستفيدون من تلك الهزات التي يتأثر بها غيرهم ، « منال « حصلت على ترقية لم تكن تتوقعها بهذه السرعة لولا سفر مديرها للعمل خارج الوطن وتكليفها بمهامه باعتبارها الأقدم في المؤسسة والأمثلة لاتنتهي.
 وجه إيجابي للزلازل الطبيعية
الزلازل الطبيعية هي الأخرى لها وجه إيجابي ، تثير الحس الانساني والشعور بالمسؤولية تجاه الغير، دول كثيرة تهب لمساعدة المدن المنكوبة برغم الخلافات ، كما وقد تحدث تحولا كبيرا في حياة الناس ،ففي عام 2001 ضرب زلزال مدمر قرية باناسكانتا بولاية جوجارات غرب الهند وتسبب بمقتل 20 ألف شخص ، فقامت النساء الناجيات بتجسيد زلزال عايشنه بالطريقة التي يتقنها .
رسمن بالخيوط منظر القرية ما قبل وبعد الزلزال ومظاهر الفزع التي أحدثها،منازل منهارة وأطفال يهربون من المدارس وموتى وجرحى ، ليصبح التطريز مصدر رزق وفير ، اصبحن يستخدمن مواقد الغاز ، يشترين ملابس جديدة لأطفالهن، يدفعن نفقات المدرسة ويعرضن منتوجاتهن في متاجر راقية ، وانتقلن من بيوت الطين إلى أخرى أفضل ومنهن من أصبح لها حسابات في البنوك، إضافة إلى أن الزلزال خلق وعيا بحقوقهن وفي المقدمة سوء استغلال مهور العرائس ، فالزلزال الذي كان سبب الدمار أصبح ذاته الفرج والانعتاق من حياة البؤس والجهل.

مقهى الكوارث
ومن أطرف ما ارتبط بالزلازل «مقهى الكوارث « في مدينة يوريت دي مار في إسبانيا ، واكتسب شهرة واسعة ، لأنه يقدم وجباته وسط أجواء زلازل تصل قوتها8 ر7 على مقياس ريختر، وبسبب الإقبال الشديد من الزبائن يجب الحجز مسبقا قبل شهر على الأقل ، والمقهى محصن ضد الزلازل وموجود داخل كهف ، وبه مصعد مصفح ينتقل من خلاله الزبائن والعاملون الذين يرتدون خوذات واقية و ملابس أشبه برواد الفضاء ، فيما تم تصنيع الأطباق والأكواب من خامات ثقيلة حتى لاتقع وتتكسرمع الهزات، والطريف أثناء حدوث الزلزال تتوقف الموسيقى ويسمع صراخ الزبائن وربما ضحكاتهم ريثما يمر الزلزال القوي بسلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com