بحر آزوف: في مَطْلِعَ الشَّمْسِ ومَغْرِبَها تَتَابَعُ الأسبابُ

محمد رفيع - هو المتوسّط، لا يكفُّ عن غموضه وكتم اسراره. فيلتفُّ على اليابسة، في شماله الشرقيّ ببحرين، ليصلَ الى عمق القارّة الاوروبية والى جبين آسيا. فمِنَ البحر الاسود الى بحر آزوف، بمضيقٍ أو مضيقين، يستسلمُ له برُّ الكون القديم ..!
وهناكَ، ترتبط باسمه أشهرُ اسماء التاريخ القديم: الاسكندر المقدوني، او ذو القرنين. وتسكنُ على مرافئه وفيها أقدمُ اساطير الشعوب وأعرقها: (يأجوج ومأجوج).
وتنهمرُ الحكايات كأنّها ضبابٌ؛
(حَتَّى  إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ..)، ثمّ؛
 (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ..)، ثمّ؛
تنهمرُ المدن والأسماءُ كالمطر؛ الاسكندر، داغستان، بلاد قزوين، القوقاز، حدود (شركيسيا) التاريخية، الأديغة، الشيشان، غروزني، (يأجوج ومأجوج)، شِبه جزير القرم، ورسول حمزاتوف ..
ثمّ تنصفقُ (بوّابات قزوين)، بعد (بحر آزوف)، على الشمس، التي (تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ)، لتواصل الأساطيرُ والمتوسّطُ والمرافيءُ كَتْمَ أسرارَ الشعوب، في حكمةٍ تتجدّدُ، على هيئة أسئلة تاريخٍ عميقة؛
ففي (جبال القوقاز)، التي أوصدت بوّاباتها، من أجل (صَدّ البرابرة)، تنفلتُ الأساطيرُ من عقالها، فتبني (حائطَ الأسكندر)، وتفتحُ للتاريخ والحضارة دهاليزها؛
(فَأَتْبَعَ سَبَبًا) ..؟!  

* حقائق:
- بحر آزوف هو بحر صغير، مثّلث الشكل تقريباً، يقع في الجزء الجنوبي من القسم الأوربي من روسية الاتحادية. وقد عُرف قديماً باسم بحر (ميئوت). وكلمة آزوف تعني الفم الضيق أو المدخل الضيق.
- وبحر آزوف هو بحر يتفرع من الجزء الشمالي للبحر الأسود، ويتّصل به عن طريق مضيق كيرتش. وتطل عليه من الجهة الشمالية الشواطئ الأوكرانية، ومن جهة الشرق روسيا، ومن الغرب شبه جزيرة القرم.
- كما يتّصل بحر آزوف ببحر قزوين عن طريق قناة مانيتش، ويتّصل ايضاً بقناة (فولجا دون)، التي تربط نهري الفولجا بنهر الدون.
 - طول بحر آزوف يصل الى 340 كم، اما عرضه فيصل الى الـ135 كم، في حين تبلغ مساحة البحر الإجمالية 37 ألف كم2 تقريباً. وهو يعتبر من البحار ذات الملوحة المنخفضة جدا في معظم مناطقه.
- وتعود ملوحته المنخفضة الى كونه  بحراً داخلياً. حيث تصبّ فيه العديد من الأنهار كنهر (دون) ونهر (كوبان) والعديد من الأنهار الأخرى القادمة من مناطق جليدية.
- وسواحل بحر آزوف الغربية والشمالية والشرقية منخفضة عموماً، وخالية من التعرّجات، باستثناء الناحية الغربية، حيث تكثر الجبال والحواجز الرملية الغنية بمستحاثات البحر. أما ساحله الجنوبي، فصخري كلسي مرتفع. وتصب بعض الأنهار في البحر مباشرة، ويعترض طريق بعضها كثبان وحواجز رملية تعزله، فتنقسم الى جداول صغيرة.
- يرتبط التاريخ الجيولوجي لبحر آزوف بتاريخ البحر الأسود، فقد كان بحر آزوف جزءاً من حوض الأطلسي (قبل نحو 16 مليون سنة). و قبل نحو 7 ملايين سنة، انفصل البحر الأسود وبحر آزوف عن المحيط. وفي مراحل تالية، كان هذان البحران يتصلان تارة بالبحر المتوسط وتارة ببحر قزوين، إلى أن حدث الانفصال وتحددت معالم البحر الأسود وبحر آزوف على ما هي عليه اليوم قبل نحو 2،5 مليون سنة، ومع نهاية تلك الحقبة، ثبت الاتصال بين منخفض البحر الأسود والبحر المتوسط.
- وعلى الرغم من صعوبة الملاحة في بحر آزوف شتاء، بسبب الجليد، وعدم صلاحيته لحركة السفن الضخمة، فقد أنشئت على سواحله موانئ مهمة منها: تَغانروغ وجْدانوف وييسك وبرديانسك. وبعد أن استولت روسية على المنطقة في النصف الثاني من القرن الثامن عشر انتعشت تجارة موانئها ومصائدها، وازدادت نشاطاً بعد استخدام كاسحات الجليد شتاءً في المنطقة.
- من المدن المهمّة المطلة عليه: (بيرديانسك) و(ماريوبول) و(روستوف نا دونو) و(تاغاناروغ) و(ييسك) وغيرها.
- بحر آزوف يعدّ من أقل بحار العالم انخفاضا، حيث يصل متوسط عمقه الى ثلاثة عشر مترا فقط.
- كما أنّ بعض حملات تنقيب الآثار وجدت آثارا لمستوطنات تعود للعصر الحجري الحديث (النيوليتي) تحت مياه البحر.
 - لبحر آزوف أهمية اقتصادية كبيرة، حيث يستغلّ اقتصاديا باستخراج البترول من بعض مناطقه. اما الثروة السمكية فهي مصدر اهميته الاقتصادية، إذ يصل عدد أنواع السمك الى اكثر من 80 نوعا، وهي مهدّدة بالانقراض، بسبب عمليات الصيد الجائر والتلوث المنتشر فيه.
-  ويعيش فيه نحو 350 نوعاً من الحيوانات البحرية منها المحلية التي تعيش في المستنقعات النهرية، وحيوانات البحر المتوسط المتسربة إلى مياه البحر الأسود، وحيوانات المياه العذبة. وأهم أنواع الأسماك التي تعيش فيه البَلَم والرَنْكة.

- ومناخ بحر آزوف قاريّ ومعتدل، حيث يكون المناخ بارداً في الشتاء تسيطر فيه الرياح الشمالية الشرقية والشرقية، وكثيراً ما يسود الضباب في المنطقة. أما في الصيف، فالمناخ حارٌ، بسبب الرياح الجنوبية الغربية والغربية.
fafieh@yahoo.com