الأحد، 16 ديسمبر 2012

"الزوج المحكوم": سخرية تنغص على الأزواج حياتهم


مجد جابر

عمان- لا تكف الستينية عائشة علي، عن تذكير ابنها الذي تزوج منذ أشهر قليلة، بأن لا يحذو حذو إخوته "المحكومين" لزوجاتهم.
عائشة أمطرت ابنها حديث العهد بالزواج، بالنصائح والوصايا حول كيف يكون رجلا صارما مع زوجته، وألا يصبح "جبانا"، وفق وصفها لبقية أبنائها الذين سبقوه بالزواج.
وتقول عائشة "كل آمالي منعقدة على ابني بأن لا يخيِّبَ ظنِّي"، مستنكرة ما حدث مع بقية أولادها بعد أن تزوجوا، منوهة إلى أن حالهم "ينقلب ويصبحون جبناء يخافون من زوجاتهم، ويعملون لهن ألف حساب في كل كبيرة وصغيرة".
عائشة تمضي في وصف حال أبنائها أنهم يستأذنون زوجاتهم "على الباردة والسخنة"، وما إن تطلب إحداهن طلبا حتى يهموا إلى تنفيذه، منوهة إلى أن أبناءها عندما يريدون الإقدام على عمل ما وبمجرد أن تنظر زوجته له يتراجع وكأنه يتلقى الأوامر منها بدون أن تكون له شخصيته المستقلة.
"مفهوم الخوف يختلف من بيئة إلى أخرى"، وفق اختصاصية العلاقات الزوجية د.نجوى عارف، التي تشير إلى أنه قد يكون مثلاً اتصال الزوج بزوجته لإخبارها بأنه سيتأخر أو بأنه ذهب لمكان ما ولن يتمكن من المجيء، يفسر على أنه خوف منها، مبينةً أن هذا كله "يرجع للبيئة والثقافة".
وتضيف عارف أنه قد تكون العلاقة بين الزوجين علاقة احترام، إلا أن المجتمع يفسرها على أنها خوف من الزوجة، والمفروض من كل زوج الاحترام ومراعاة مشاعر الزوجة بإخبارها بالتفاصيل، وليس من باب الخوف.
وترى عارف أن تلبية طلبات الزوجة "لفتة جميلة من الزوج وتقوي العلاقة بينهما"، الا أنه لا بد من الوضع بعين الاعتبار أن "بعض النساء قد يستغللن هذه النقطة، لذلك على الرجل الا يحمل نفسه فوق طاقته إرضاء لزوجته وأحياناً قد يحتاج الأمر إلى حزم".
الثلاثينية هند عبدالله، تقول إنها تعيش وزوجها بسعادة كبيرة "لولا تدخل الأصدقاء والأصحاب"، مبينة أنها متفقة هي وزوجها على ترتيب حياتهما بشكل معين؛ كإخبار كل واحد الآخر ببرنامجه طوال اليوم، والاعتذار في حال التأخر عن المنزل أو الانصراف لتناول الغداء في الخارج.
وتتابع هند "كانت الأمور تسير على خير ما يرام، إلا أنه بعد فترة بدأ أصدقاء زوجها بالاستهزاء منه كلما اتصل بها، ونعته بكلمات مثل "محكوم"، "ما بتسترجي تطلع من دون ما تحكيلها"، ومع الوقت بات الأمر يستفز زوجها حتى أصبح عندما تقوم بسؤاله عن أي شيء يغضب ويخبرها بأنها تخنقه، ويستفسر منها لماذا كل هذه الأسئلة وكأنه مشحون منها".
وتقول "رغم أنني أعلم أن أصحابه الذين يستهزئون منه هم أكثر الجبناء ويخافون من زوجاتهم، إلا أنهم استطاعوا أن يؤثروا عليه، وهو ما أعمل جاهدة الآن على استرجاعه كما كان وعدم الالتفات لتلك السخافات".
وتشير عارف إلى أن "نسبة كبيرة من نسب الطلاق سببها أحياناً الأصحاب والجيران"، كونهم يستمرون في المراقبة والانتقاد، ومع الوقت قد يتأثر الشخص بذلك، وبمجرد سؤال الزوجة له سؤالا عاديا ينفجر بها بطريقة مبالغ فيها.
لذلك ترى عارف أنه "يجب عدم إظهار جميع تصرفات الزوجين أمام الآخرين"، وأن تتم بينهما فقط، وهذا لا يعد ضعفا في الشخصية بل حفاظا على علاقتهما، لافتة الى أن كثرة التعليقات ممن هم حول الزوج هي ما يجعله مضغوطا ويشعره بالتضايق من زوجته من أمور غير موجودة أصلاً.
ولعل رامي أسعد هو زوج يريد أن يريح رأسه من كل المشاكل والنق والخلافات كونه دائماً يجد أعين عائلته عليه متربصة به، لأنه يطيع زوجته، إلى حد إطلاق لقب "خويفة ومحكوم" عليه، وفق قوله.
غير أن أسعد يعتبر نفسه أذكى منهم؛ حيث اتفق مع زوجته أن تتم أمورهما كافة بسرية تامة وبدون علم من أي أحد من الأهل؛ فهما يشتريان ما يريدان ويخرجان ويصرفان ويفعلان ما يريدان من دون إخبار أحد.
ولا يقف الأمر عند ذلك، بل يقول أسعد إنه طلب من زوجته عدم مناقشة أي أمر بوجودهم حتى لا يضطر للرد عليها بشيء لا يعجبها إرضاء لهم، مبينا أن ذلك "ليس ضعفا في شخصيته على الإطلاق"، منوها إلى أنه بهذه الطريقة يسكت كل من حوله ويعيش براحة بال.
اختصاصي علم الاجتماع د.حسين الخزاعي، يقول "لا يوجد رجل يخاف من زوجته أو رجل محكوم"، الا أن التنشئة الاجتماعية في المجتمع العربي "تنظر الى الرجل على أنه يجب أن يكون خشنا ويتعامل بقوة ويكون صاحب رأي ولا يُناقَش".
وبعض الرجال يختلفون في هذا الموضوع ولا يطبقونه "كون الأزواج يتعاونون مع زوجاتهم ويساعدونهن ويتقاسمون الحياة؛ أي أنهم متفاهمون في إدارة شؤون الأسرة".
ويشير الخزاعي الى أن الأشخاص الذين لم يعتادوا رؤية هذه النماذج يصفونه بأنه محكوم ويخاف من زوجته أو مطيع، مبينا أن هذه كلها "ألقاب خاطئة كانت تعكس الصورة النمطية للرجل في الماضي".
بينما الآن في ظل تعليم المرأة وخروجها الى سوق العمل ومشاركتها في الحياة الاقتصادية تغير الأمر، وفق الخزاعي، الذي يلفت إلى أنها "نظرة سوداوية للزوجين المتفاهمين".
في حين يرى اختصاصي الطب النفسي د.محمد حباشنة، أن الأمر مبني على الحب والاحترام والمودة، الى جانب التشكيلة التحليلية للشخص نفسه؛ فالأشخاص المتماسكون يعتبرون كل ذلك الكلام "لغوا غير قائم على الصحة؛ أي أن الأمر يعتمد على الكفاءة النفسية للشخص".
ويضيف أن الشخص الواثق من نفسه والمتأكد من أن ما يقوم به نابع من نفسه وأن ما يسمع من حديث لا قيمة له، يسكت الآخرين، بينما الشخص الذي يسمع من الناس ويتأثر بكلامهم وتكون علاقته مع زوجته شكلية أو إرضاء لمن حوله عندها سيكون تأثره شديدا وفي كثير من الأحيان سيسبب "الإطاحة" بالعلاقة.

majd.jaber@alghad.jo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com