الجمعة، 28 ديسمبر 2012

فندق ترانسلفانيا.. جماليات الرسوم المتحركة


صورة


عمان-محمود الزواوي -  فيلم «فندق ترانسلفانيا» (Hotel Transylvania) هو باكورة الأفلام السينمائية الطويلة للمخرج الروسي المولد والأميركي النشأة جيندي تارتاكوفسكي، وهو صاحب باع طويل في إخراج وتأليف وإنتاج أفلام الرسوم المتحركة القصيرة والمسلسلات التلفزيونية. ويستند هذا الفيلم إلى سيناريو للكاتبين السينمائيين بيتر بينهام وروبرت سميجيل مبني على قصة اشترك في تأليفها الكتاب السينمائيون تود دورهام والشقيقان دان هيجمان وكيفين هيجمان.
 يجمع فيلم «فندق ترانسلفانيا» بين أفلام الرسوم المتحركة والأفلام الكوميدية، مستخدما العديد من الشخصيات الخيالية في قصص الرعب، وفي مقدمتها شخصية «دراكولا». ويقدّم هذا الفيلم نموذجا للنجاح الشعبي الكبير الذي تحققه أفلام الرسوم المتحركة الروائية على شباك التذاكر في سائر أنحاء العالم منذ انبعاثها من جديد في أوائل تسعينيات القرن الماضي بعد اختفائها شبه الكامل من إنتاج هوليوود السينمائي قبل ذلك بنحو 40 عاما.
 نتعرف على مصاص الدماء دراكولا (صوت الممثل آدم ساندلر ) كمؤسس وصاحب منتجع ترانسلفانيا الفخم الذي يشتمل على فندق خمس نجوم والذي يدعو إليه مشاهير «الوحوش» وأفراد عائلاتهم، وهي شخصيات مألوفة في قصص وأفلام الرعب، للاحتفال بعيد الميلاد الثامن عشر بعد المائة لابنته ميفيس (صوت الممثلة سيلينا جوميز) بعيدا عن إزعاج وتطفل الحضارة الإنسانية، في محاولة منه لتنشئة وتربية ابنته الوحيدة بعيدا عن تأثير بني البشر. ومن ضمن هذه الشخصيات فرانكنشتاين (صوت الممثل كيفين جيمس) وممي (صوت الممثل سي لو جرين) والرجل الذئب وزوجته (صوتا الممثلين ستيف بوشيمي ومولي شانون) والرجل الخفي (صوت الممثل ديفيد سبيد) وغيرهم من هذه الشخصيات الخيالية التي تكرر ظهورها في أفلام الرعب على مر العقود، منذ عصر السينما الصامتة.
 نتعرف على الابنة ميفيس كشابة ترغب في استكشاف العالم الخارجي والتأكد بنفسها مما إذا كان بنو البشر سيئين كما يدّعي والدها دراكولا. وتخرج بموافقة والدها إلى قرية يتعمد الأب اختيارها لكي تكتشف الابنة خطورة بني البشر وتتشجع على العودة إلى ديارها. إلا أن محاولة الأب تعود بأثر معاكس، حيث تجذب العملية مسافرا شابا يدعى جوناثان (صوت الممثل أندي سامبيرج) الذي يجد طريقه إلى الفندق الذي يقيم فيه «الوحوش».
 يحاول الأب دراكولا بادىء الأمر إخفاء هوية جوناثان عن ضيوفه «الوحوش»، وبعد سلسلة من التطورات غير المتوقعة يشركه في نشاطات الفندق، حيث يحظى جوناثان بإعجاب الحضور، وخاصة ميفيس. ومع مرور الوقت يصبح دراكولا نفسه من المعجبين بجوناثان ويأتمنه على أسراره ويحدّثه عن التاريخ المأساوي لأسرته، ويقابل جوناثان ذلك بمشاعر التعاطف والاحترام.
 تسير الأمور بهدوء وانسجام وتحقق حفلة عيد ميلا د ميفيس نجاحا كبيرا إلى أن يكتشف الأب دراكولا ابنته وهي تعانق جوناثان، فتثور ثائرته، كما أن ميفيس تعبر عن سخطها على والدها حين تكتشف أنه خدعها. أما جوناثان فيقرر مغادرة المكان حرصا على مشاعر ميفيس. وعندئذ يدرك الأب دراكولا أنه في محاولته حماية ابنته جلب لها التعاسة بحرمانها من حبيبها جوناثان.
 يغادر الأب دراكولا وبعض «الوحوش» المكان بحثا عن جوناثان الذي يوشك أن يغادر على متن طائرة من مطار ترانسلفانيا, ويفاجأ جمهور «الوحوش» باحتفال بني البشر بعيد «وحش» وباستقبالهم بحفاوة. وعندما يكتشف دراكولا أن طائرة جوناثان قد أقلعت يحلق في الجو، مستخدما قواه الخارقة، ويقنع جوناثان بالعودة إلى ابنته ميفيس. وينتهي فيلم «فندق ترانسلفانيا» النهاية التقليدية السعيدة لأفلام الرسوم المتحركة بلقاء الحبيبين جوناثان وميفيس.
 يتميز فيلم «فندق ترانسلفانيا» بالمستوى المتقدم لفن الرسوم المتحركة على يد مخرج خبير ومتمرس في هذا الفن هو المخرج جيندي تارتاكوفسكي. ومع أن الفيلم يستخدم أشهر شخصيات قصص وأفلام الرعب، إلا أنه لا يصنّف بين أفلام الرعب على الإطلاق، بل هو فيلم كوميدي يروق للأطفال والكبار على حد سواء، كما يؤكد ذلك الاستقبال الحار الذي لقيه الفيلم في مختلف دول العالم. وقد ترددت في استعراض بعض النقاد لهذا الفيلم عبارة «واحد من أفضل أفلام الأطفال في تاريخ السينما».
 كما يتميز فيلم «فندق ترانسلفانيا» ببراعة أداء أصوات الممثلين، وفي مقدمتهم الممثل آدم ساندلر والممثلة سيلينا جوميز، وبسرعة الإيقاع والتشويق والمواقف الكوميدية، وتبرز هذه المواقف بشكل خاص بالأسلوب الفكاهي الذي عبّر فيه «الوحوش» عن كرههم لبني البشر أو حين كانوا يهزأون من بعضهم البعض. وتشتمل قصة الفيلم على الكثير من النكات الخفية الموجهة للكبار، مقابل فيض من المواقف المرحة المثيرة للأطفال.
 تنطوي قصة فيلم «فندق ترانسلفانيا» على رسالتين رئيستين، الأولى تتعلق بالتعصب ضد من يجهلهم الآخرون الذين يصدرون عليهم أحكاما خاطئة، وضرورة التعرف عليهم قبل أن يصدروا أحكاما عليهم. والرسالة الثانية هي العلاقة بين الأب والابنة. ويلقي الفيلم نظرة على الآباء الذين يحاولون حماية أطفالهم ولكنهم يربكون حياتهم وحياة أطفالهم. وقد تكررت العلاقة بين أب وابنته في أكثر من فيلم من أفلام الرسوم المتحركة الأميركية خلال السنوات الأخيرة.
 يشار إلى أن «ترانسلفانيا» منطقة تقع في أواسط رومانيا، وقد ارتبطت على مر السنين بشخصيات قصص وأفلام الرعب منذ صدور رواية «دراكولا» الشهيرة للكاتب الإيرلندي برام ستوكر في العام 1897 والتي تدور بعض أحداثها في ترانسلفانيا.
 عرض فيلم «فندق ترانسلفانيا» في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي. وصعد هذا الفيلم إلى مركز الصدارة في قائمة الأفلام التي تحقق أعلى الإيرادات في صالات العرض الأميركية في أسبوعه الافتتاحي، وبلغت الإيرادات العالمية الإجمالية لهذا الفيلم على شباك التذاكر 302 مليون دولار. وسجل هذا الفيلم بعض الأرقام القياسية في الإيرادات. وبلغت تكاليف إنتاج هذا الفيلم 85 مليون دولار.
 يقدّم فيلم «فندق ترانسلفانيا» نموذجا لأفلام الرسوم المتحركة والخيال العلمي والحركة والمغامرات الضخمة الإنتاج التي تتطلب أعدادا كبيرة من الكوادر الفنية. فقد اشترك في إنتاج هذا الفيلم 130 من مهندسي وفنيي المؤثرات البصرية و74 في الرسوم المتحركة و11 في القسم الفني و11 في الموسيقى وتسعة في قسم الصوت وسبعة في المونتاج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com