الأربعاء، 16 يناير 2013

ذكرى الباصات والتكسيات والشوارع في عمان «1-2»

صورة


وليد سليمان - يا شُوفير إدعس بنزين عَ الميه وتسعه وتسعين .. هكذا كنا نُنشد نحن الصغار لسائق الباص في عمان بستينات القرن الماضي ..
وسميرة توفيق غنت قي السبعينات تقول : ...مرت سيارة حمرا يالالا.. وانا اعرفتا من النمرة ..هالله هالله. لكن أحد أقارب فؤاد القسوس وكان زميلا له في الصف السادس بمدرسة عمان الثانوية المتوسطة وكانت تقع مكان سوق اليمنية بشارع طلال وذلك في الثلاثينات يقول : انه كان يعرف معظم أصحاب سيارات عمان التي تُعد بالاصابع ..فقد كان هذا الطالب وهو في غرفة الصف يميز السيارت عن بعضها البعض بواسطة ( الزامور) دون أن يراها !!! فاذا مرت سيارة في شارع طلال قرب المدرسة وأطلقت زامورها فلا يستطيع السكوت ويتمتم :هذا «سيارة التلهوني «الينكولن ، وهذه «سيارة ابو قورة» ، وهذه سيارة طلبت وهذه سيارة منكو ورقمها (2) .

سيارة القائد العثماني 
في كتاب عمان للمؤرخ سليمان الموسى جاء ما يلى :لقد بدأ استعمال السيارات في عمان اثناء الحرب العالمية الأولى 1914_1918، أذ بدأ الناس يشاهدون سيارة القائد العثماني 
«جمال باشا الصغير» وهو ينتقل بين عمان والسلط .. ولم ينتشر استعمال السيارات الا بعد مجيء الامير عبد الله ، ومع مضى الزمن اقتنى البعض سيارات أجره حيث أخذت هذه السيارات تنقل الركاب بين حي المحطة وبلدة عمان .
وفي العام 1927 كانت في عمان حافلة صغيره تنقل الركاب .. وكان أول من أدخل سيارات نقل البضائع في نفس العام هم السادة : عبدالله أبو قوره وسيروب أنتيكاجيان وحسين أبو الراغب .

رواد النقل بالسيارات
لكن بين الاعوام 1922_1930 قام بعض رواد النقل بالسيارات أمثال عبد الله أبو قوره وسيروب انتكجيان باقتناء (6) سيارات ركوب ، وفتحوا مكاتب لها ،واخذوا ينقلون المسافرين من عمان الى المدن والقرى في شرقي عمان وفلسطين ، وذلك ضمن المناطق التي تتوفر فيها طرق سالكة . وبعد العام 1930 تكاثر الوافدون الى مدينة عمان من الاقطار العربية المجاورة حيث بادر السيد جميل الصالح حتر باقتناء أول حافلة (باص) في عمان بين محطة سكة الحديد ووسط عمان ،ثم تلاه كل من :عبد الله أبوقورة وقدري اليوسف ورجب الخشمان وذلك باقتناء حافلات(باصات) مستعملة كانوا يشترونها ، وبذلك بدأت أول نواة للنقل الحديث في شرقي الاردن، وكان هذا النمو تجاوبا مع الزيادة المضطردة في عدد سكان المدينة ، وانتشرت في بداية الاربعينات كراجات السفريات أي (مكاتب السفريات) في وسط المدينة ،وازداد عدد العاملين في النقل بسبب ازدهار المدينة ومحالات العمل في تعهدات الجيش والحكومة ونقل مواد البناء لشق الطرق أو نقل البضائع أو نقل الموظفين والمواطنين. وكان حسين ابو الراغب من اقدر العاملين في هذا المجال .

سيارات خصوصي 
وبدأت ملكية السيارات الفردية بالنسبة لميسوري الحال .. ومنذ عام الاستقلال 1946 وحتى العام 1962 توسعت حركة النقل في المملكة بسبب شق العديد من الطرق وتعبيدها وبسبب زيادة عدد السكان وما نجم عن ذلك من طلب مستمر على وسائط النقل ، حتى غدت عمان عام 1962 عبارة عن مدينة مترامية الاطراف يبلغ عدد سكانها حوالي (350)ألف نسمة .وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية وصلت الى عمان مجموعة من السيارات الجديدة استوردها أديب الصباغ ، وخصص بعضها كسيارات أجرة نظرا لقلة سيارات الأجرة أنذاك .

قصة سفر ؟!
ويروى الأديب والعلامة الشهير روكس العزيزي قصة حول صعوبة المواصلات قديما ، حيث أنة قرر زيارة عمان في عشرينات القرن الماضي فركب سيارة أجرة وكانت السيارة الوحيدة على خط مأدبا _عمان في ذلك الوقت ، فانطلقت السيارة الساعة الثامنة صباحا من مأدبا ، ولم تصل الى عمان الا الساعة الرابعة عصرا ، وسبب طول الرحلة ان السيارة كانت قديمة اضافة الى ان الطريق كانت ترابية غير معبدة ؟!

عمر العرموطي ..عمان زمان 
ويذكر الكاتب والباحث عمر العرموطي في كتابه الشيق عمان قديما أيام زمان من خلال لقاءاته العديدة مع مشاهير وشخصيات عاشت وواكبت عمان الجميله والاردن العزيز .. ومن كتابه التاريخي والذي صدر في السنة الماضية استعنا هنا ببعض الذكريات لشخصيات اردنية هامه تحدثت حول ما واكبته وعرفته عن وسيلة المواصلات الشعبية ألا وهي السيارات في عمان قديما ومن ذلك نذكر مثلا :

اللواء حكمت مهيار 
يقول الباحث عمر العرموطي وعلى لسان مدير الأمن السابق اللواء مهيار مايلي : أتذكر بأن عدد السيارات في عمان كان محدودا ، فكان هناك سيارات للقصور الملكية منها سيارة الملك عبد الله مؤسس الاردن ،سيارة الأمير شاكر وسيارة الأمير نايف .وعن أهل عمان كانت هناك اعداد محدوده من السيارات لبعض شيوخ العشائر وكبار التجار أذكر منهم :
حمدي ابراهيم منكو ، مثقال وشوكت عصفور ، اسماعيل البلبيسي محمد أمين شريم ، صبري الطباع ، مثقال الفايز ، ماجد العدوان ، أبو صلاح الشربجي ، محمد على بدير ، فتحي البقاعي ...الخ .

وزراء .. بلا سيارات ؟!
وكان ابراهيم باشا هاشم رئيسا للوزراء وكان عنده سيارة بينما كان قائد الشرطة بلا سيارة ويخرج للتفتيش خيالاً على الراحلة ، وكان الوزراء بدون سيارات ، وكانوا يأ تون مشياً على الاقدام واتذكر بأن قائد المعسكر بهجت طبارة كان قد أشترى سيارة صغيرة على حسابه الخاص ، وأتذكر بأن جنود موسيقيات الجيش يوم الجمعة أو في الاعياد كانوا يأتون من معسكر المحطة الى عمان مشياً على الاقدام لعدم وجود سيارات .. فالامكانيات كانت متواضعة جداً .

سيراً على الأقدام 
ويقول الدكتور محمد عدنان البخيت : كنت أشاهد كبار موظفي الدوله يحضرون في الصباح الى مكاتبهم سيراً على الاًقدام او بالاعتماد وعلى سيارات الاجرة حيث يشارك الواحد منهم غيره من الركاب في تلك السيارة ، وما زلت اذكر ان قاضي عمان الشرعي ورئيس المحاكم الشرعية فيما بعد إمام الحضره الهاشمية الشيخ محمد الشنقيطي وهو يحضر من بيته في جبل الجوفه الى المحكمة الشرعية عند قلعة الحسين ويعود بعدالظهر سيراً على قدميه .

سيارة اطفائية واحدة 
أما اللواء المتقاعد عصام احمد الجندي فيقول في كتاب « عمان أيام زمان « لمؤلفه عمر العرموطي عن السيارات قديما ما يلي : كان عددها قليلاً جدا وتعد على الاًصابع ، واتذكر زامور السيارات كان بواسطة الضغط باليد (طرمبه باليد) ، وكانت توجد سيارة نفايات واحدة لونها أزرق لأمانة العاصمة وذلك في الاربعينات ، وسيارة تنك رش للبلدية التي تقوم بعد الظهر خلال أيام الصيف برش شوارع عمان بالماء حتى تحمي الناس من الغبار المتطاير من أجل ترطيب الجوـ وكان هناك أيضاً سيارة اطفائية واحدة على وعلى ما اذكر أنها جاءت هدية من احدى الدول الاوروبية عام 1948.

أوتومبيل .. بالانجليزية 
والعميد المتقاعد فلاح الرقاد يقول :كان باص لِ (على النجار ) يتحرك الساعة (10) صباحاً من سحاب الى عمان وموقفه في شارع الملك طلال ،ويظل ينتظر الركاب حتى الساعة (3) عصراً ويأخذ الركاب والمواشي والخضار والطحين والخبز ، أما الزيادة من الركاب مثلاً فيركبون على ظهر الباص ويأخذون بالغناء وينشدون الهجيني والشعر البدوي .
 هذا وكان معظم الناس لا يعرفون اسم السيارة او نوعها سواء كانت مرسيدس أو كيا أو روفر .. فأي سيارة متحركة يسمونها تمبيل (من أتومبيل)بالانجليزية ، واستمرت الى فترة متأخرة ،والجيل القديم والرعيل الاول يقول تمبيل .

خمس سيارات في عمان 
عبد الرحمن حسين العرموطي يقول السيارات في عمان القديمة كانت لا تتجاوز الى (5) سيارات واذكر منها سيارة سمو الامير عبد الله بن الحسين ، وسيارة ابراهيم منكو ، وسيارة صبري الطباع ،وسيارة حسين أبو الراغب وكان باص مأدبا يقف عند الجامع الحسيني ، وكانت اجرة الراكب قرشين أو قرشين ونصف من عمان لقرية منجا التي تقع قبل مأدبا ب (8) كيلو متر فقط . 

الطباع رقم سيارة (22) 
الوجيه بندر صبري الطباع يذكر ان رقم سيارة والده صبري الطباع كان (22) في المملكة وكان اخر سيارة له من نوع (باكرد)
امريكي ،وقد ألغي هذا الموديل عام (1948) .
ومما يذكر أيضا: اثناء الحرب العالمية الثانية (1945) قالوا بأن في الاردن 68 سيارة خاصة ،وكان لدى رئيس الحكومة سيارة والوزراء لم تخصص لهم سيارات ،وفي الحرب العالمية الثانية أوقف استعمال السيارات لصالح المجهود الحربي ،وان أقدم شركة للباصات كان يملكها عبد الله ابو قوره على طريق المحطة ، ثم شركة باصات لجميل حتر ،وبعدها شركة باصات عبدالحليم العلي ورجب خشمان. أما أقدم مكتب تكسي للأجرة كان لعبد الله أبو قورة ورقم هاتف مكتبة هو (57) في عمان ، عند أديب الصباغ مكتب سفريات رقم هاتفة هو (196) في عمان 

باص عمان ـ السلط
يقول الشيخ مشهور حسن حمود : كان يوجد باصات من السلط باتجاه عمان : باص لرجب خشمان وباص لأولاد عبد الله العلي الجزازي رحمهما الله وكان الباص يأخذ الموظفين صباحاً من عمان للسلط ، ولم تكن الطريق معبدة في ذلك الزمن فكان الباص يتوقف في شارع الملك فيصل أمام البنك العربي وينتظر خروج الموظفين من اعمالهم ليصعدوا الباصين عائدين الى السلط في رحلة واحدة يومياً .
َومن الكتاب التأريخي الهام للدكتور رؤوف ابي جابر نقرأ عن بعض مكاتب السفر التي كانت ناشطة في عمان مثل :
 ((شركة الموصلات __ عبد العلي الجزازي ))
بدأ اعماله بنقل الركاب بين السلط وعمان ، وكانت المنافسة شديدة بينه وبين نقليات رجب الخشمان في أواخر الاربعينات حيث كانت له عدة باصات تعمل على هذا الخط بالاضافة الى السيارات الصغيرة .
 (( كراج المنشية __ حسن ديراني ))
حضر حسن من دمشق عام 1925 لعمان وكانت له شراكة مع محمد صبحا في محل تجاري بشارع الرضا مقابل دخلة النجاح ، كما كان يتعهد نقليات الحكومة والجيش من خلال كراج المنشية عندما كان يشغل سيارات شحن على الطريق 
الصحراوي قبل تعبيده بين عمان ومعان والعقبة .
 (( كراج العلمين __ يوسف ونقولا قعوار ))
كانت لهما عدة سيارات تكسي ومكتب في دخلة ماضي وسط 
عمارة عبد الرحمن باشا ماضي في شارع فيصل . وكان يتخصص في نقليات العائلات وتوصيل طلاب وطالبات المدارس يومياً .كما كان يعين سواقين خاصين لتعليم السواقة قبل فتح مدارس تدريب السواقة في عمان .
وفي الستينات توقف العمل في هذا الكراج .
(( كراج الأندلس )) __ خالد الواكد _ رجب الخشمان ))
شركة رجب خشمان إ خوان هاتف (32) السلط _ كان لديها سيارات جاهزة من كافة الانواع وتكسيات وباصات وشركات _ اذا أراد الانسان السفر الى العراق وسوريا وفلسطين ، مع سفريات منتظمة يومياً الى القدس الساعة السابعة صباحاً بأجرة (550) مل (فلس ) للذهاب وجنيه واحد للذهاب والإياب في اليوم نفسه.
(( كراج الأهلي للنقليات __ عوده النبر ))
عمل عوده النبر في حقل النقليات منذ مطلع حياته ، وهذه الشركة ما زالت قائمة بشراكة أبناء المرحوم عودة وهم سليم وسمير وموريس وهي احدى الشركات القليلة في الأردن المؤهلة للنقليات الثقيلة نظراً لما يتوفر لدى أصحابها من سائقين وميكانيكيين مهرة ومعدات ثقيلة كالرافعات والجرارات والسيارات المفتوحة التي تتسع للطرود الكبيرة وقد أقامت لأعمالها وحدة متكاملة على أرض واسعة في منطقة اليادودة جنوب عمان . 
(( كراج مستشفى السيارات __ نعيم ناجي ))
كان نعيم حسب ما اذكر صناعياً ممتازاً _ وكان يصلح السيارات بكل خبره ودراية بحيث تظهر السيارة التي تم إصلاحها بمظهر ممتاز وكأنها لم تصب في حادث السير الذي حل بها قبل عدة أيام !!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com