الأربعاء، 23 يناير 2013

عن عالم الصناديق : كل الأشياء ممكنة!

صورة

مفلح العدوان - «غوايش فضّة»، و»رنّة خلخال».. «ذهب عصملي»، وثياب حرير.. ومرآة وحلم.. وشوق للحياة القادمة، حيث «صندوق العروس»، يحمل كرنفال العطر واللوان والصوات، ويزهو «مصمودا»، على راحلة تسير وراء هودج العروس، والأغنية تصدح، فترددها الصبايا مع أفراحهن:
«صندوق العروس يا معبا أحلام
بالكحل والحنا وبريش النعام
والبنات يطلن من بين الخيام
يا غزلان الحي التمّوا عالعروس».
تبتسم العروس، فتشرق ذاكرة الصندوق، وتتبدى أخشابه فخورة وهي مزينة بمسامير الفضة، ومغلفة بنعومة العاج.. حينئذ يستعيد الصندوق ألقه حين يأتي طيفا في الحلم، فيصحو الحالم بعد ليل رهيف، يفيق، فيجيئه مفسر الأحلام، مربتا على رؤياه، ومعبرا له بثقة العارف: يا بني.. الصندوق في الحلم، عزّ، وجاه، ومرتبة، وامرأة.. ومن فتح صندوقا يأتيه غنى من حيث لا يدري، أو يسافر في في رحلة بهيجة.. ويضيف العارف بالأحلام: أما من أخذ في الحلم صندوقا جديدا، كبيرا، أو اشتراه، فهو عز وجاه، أو زواج بامرأة جميلة، نبيلة.
تمضي العروس، تصبح أما وبعدها جدة، وتخبر طباع البشر، وتعرف دروب الحياة، ويبقى الصندوق معها، غير أن اسمه يتغير مع تغير الزمن، فيصير عند أبنائها، هو صندوق الأزرار عندما يتابعون أمهم وهي تضع فيه الأزرار، والإبر، والخيوط، والدبابيس. وفي زمن مختلف يصبح صندوق مجوهرات، حين يكون الثراء، يستحق هذا الاسم، فيكون الصندوق بهيا بالذهب، والألماس، واللؤلؤ، والأحجار الكريمة. أما عندما يتقدم العمر، ويتكاثر الأحفاد، فهذا الصندوق يصير اسمه «صندوق الجدة»، معتق بتلك الطيبة، والدعوات الطيبات، تحفّه هالة من روائح الهال، والبخور، والحناء، وتختلط في صندوق الجدة الحلاوة، مع الحلقوم، والفاكهة، وقطع النقود المعدنية التي تفرح بها قلوب الأحفاد كلما مروا عليها.. 
والصندوق ذاكرة حميمية، أنى كان، فيه الأسرار، والتوق المرتقب، ان كان «صندوق العجب»، حيث الصور، والدنيا المشتهاة، قبل أن يكون التلفاز والسينما. وهو صندوق البريد الدافىء بالرسائل المرتقبة، وعليها طابع البريد، وعنوان الغائبين، قبل أن يكون الانترنت، والبريد الالكتروني. وهو الصندوق الأسود، الغامض، الحامل لأسرار اللحظة الحاسمة، سمّوه أسود تشويقا، رغم أن لونه برتقالي. والصندوق الأكثر غموضا هو صندوق الأسطورة، حيث ما تناهى في «كان يا ما كان..»، عن «صندوق باندورا»، في الميثولوجيا الإغريقية، وكان فيه كثير من هدايا الآلهة، وشرور البشرية، حين أعطاه زيوس لبندورا، وأمرها أن تفتحه، غير أنها أخلفت الوعد، وفتحته، فخرجت منه كل الشرور، وعندما أسرعت وأغلقته، لم يكن متبقيا فيه، إلا قيمة الأمل.. غير أن الصندوق الأهم، والأبقى، مذ كان البدء، وحتى آخر الزمان، هو صندوق القلوب، الذي يبقى حافظا لأسرار الناس، وأحلامهم، وآمالهم، هو صندوق الحياة، صندوق النبض المتجدد.. لتبقى الحياة!!



 كل الصناديق هامة
..وصناديق البهجة أيضاً


وليد سليمان 

لم يعد صندوق العجب موجوداً في حياتنا المعاصرة .. فقد اختفى مع التكنولوجيا الحديثة ...ولكن إلى أين ستذهب يوم الانتخاب ؟! 
إلى الصناديق .. ياه .. إنه يوم رائع.. وهل لدينا في حياتنا صناديق أخرى ؟! ...
 لابد .. نعم ..ففي بعض الأيام والليالي وعندما نكون معاً تحيط بنا ألفة البيت ذات طقس بارد نتدفأ بالمرح والمحبة حول صوبات المنزل .. يأخذ أحدنا بتذكر أرشيف الأيام الخوالي وأدواته البسيطة مثل الصور الورقية بالأبيض والأسود , أو ملابس قديمة أو شهادات مدرسية أوميداليات .. مرت عليها أزمان حلوه ومرة خلال معركة الحياة .
أما الفتاة الشابة والتي في عمر الورد .. أخذت تضحك بخفية وهي تغمز لأخواتها ان هناك بدله عرس أمها البيضاء .. 
أين أين تقول الأم ؟! . الاخت الصغرى تقول : هناك في ذلك «الصندوق» القديم فوق الخزانه الكبيرة .. وما أدراكم ؟!.
والأب شبه خجل لأنه كان في يوم ما عريساً لأمهم العروس !!!
هيا إلبسيه يا أمي !! ...هذا غير معقول الآن !!!.
الأب يحاول الهرب من هذا الجو الغزلي والرومانسي قائلاً لأولاده وبناته :و أذكر بجانب هذا الصندوق صندوق آخر خاص بي كنت اضع فيه بعض صور لي ولأصدقائي ..ورسائل كثيرة .. وكتابات على ورق خواطر وحكايات وذكريات .. كنت اعتقد انني سأصبح كاتباً أو شاعراً .. ولكن الدنيا كانت صعبة .
وعندما ذهب الأب والأم لصناديق الانتخابات في يومها الحافل ..ابتسما معاً وانتخبا من يفضلان وهما يشعران بالبهجة.. لأنهما سيعودان للبيت لاستعراض كل محتويات الصناديق القديمة..و لإعادة الذكرى لتفاصيل حياة لطيفة عاشاها حقاً .

صندوق المسؤولية -الضمير السياسي

سامح محاريق

مهما يكن من أمر نتائج الانتخابات النيابية التي يتوجه الناخبون الأردنيون إلى صناديقها، فهي في النهاية انعكاس لواقع كامل بظروفه ومتغيراته كافة، وهي أيضا تعبير عن درجة الوعي السائدة في المجتمع الأردني، وطبيعة العلاقات الاجتماعية – السياسية التي تربط الأردنيين ببضعهم، وإذا كانت الغاية من التمثيل الديمقراطي هي التعبير عن حاجات المواطنين، فإن ذلك لا يجب أن يهبط للإنسياق وراء الرغبات التي تحملها (الجموع)، فالسياسي وإن يكن نتيجة الوعي العام في مجتمعه، فعليه، أن يعمل على النهوض بذلك الوعي وأن يمهد أمامه طريق التقدم. 
إن الجموع أو الجماهير تعبر عن تصورات عامة، وليست معنية بالتفاصيل، ولا هي بصدد التدارس في شؤون الإمكانيات والقدرات والتكاليف، هي تريد أن تحيا بصورة أفضل على الدوام، وذلك حق مشروع، وهو أيضا غاية العمل السياسي، ويجب أن ينفتح بعد صندوق الوعي الذي يضع الجمهور في صورة حدود الممكن صندوق آخر هو المسؤولية، فالتمثيل السياسي يجب أن يجعل الحلم في حد ذاته مسألة تكتسب قدرا من المعقولية والواقعية، فحتى الأحلام تحتاج لمن يرسمها ويرشدها، وإلا انفلتت وتحولت إلى مصدر للإحباط وأدت إلى تفاقم الشعور بالخيبة والعجز. 
صندوق المسؤولية هو عملية تتعلق بالضمير السياسي القائم على المصارحة والمكاشفة، وعلى وضع الحقائق في المقدمة، فالقاطرة تحتاج في النهاية إلى قضبان صلبة لتمضي قدما، أما ميوعة المسايرة والمواقف الرخوة، فهي تؤدي إلى جنوح المسيرة، إن لم يكن تعطلها، والنائب المسؤول هو الذي يعتقد بأن تمثيله للمواطنين ليس فرصة ميكيافيلية لتحقيق مصالحه والاحتفاظ بامتيازاته، وإنما هي عملية عطاء قائمة على إنكار الذات والتبرع بالهامش الشخصي من أجل المصلحة العامة، وعليه في ذلك، أن يتوقع دائما شتى أنواع النقد، وربما الهجوم، ولكن في النهاية عليه أن يمسك جيدا بمفاتيحه الخاصة ومعاييره الثابتة والمتمثلة في العمل والإنجاز.



الصندوق ... بدلالاتـه الماليّـة


إبراهيم كشت

رغم أن(الصندوق) مجرد أداة ، تُجمع فيها الأشياء ، أو تُحفظ ، أو تخزّن ، أو تكدّس، أو تنظّم ، أو تُخفى عن العيون ، فإنه من خلال وظائفه العملية المتعددة هذه، وكثرة استعماله ، ارتبط في وعي الناس - وربما في لاوعيهم أيضاً - بدلالات أوسع وأعمق وأبعد ، حتى غدا (أي الصندوق) بمثابة «رمز» يشير الى العديد من المواضيع والنشاطات والأعمال والجوانب الحياتية الأكثر تعقيداً من مجرد ذلك الوعاء المعدني أو الخشبي أو الكرتوني ، القابل للإقفال والفتح عادة، والذي نلقي فيه بعض أشيائنا المتشابهة الآن؛ لنعود إليها فيما بعد، ونطلق عليه اسم (الصندوق) . 
ولعل أهم تلك الدلالات التي ارتبط بها لفظ (الصندوق) على مستوى واسع، هو دلالته على الجانب المالي من حياة الناس، إبتداء من المعنى المحاسبي للفظ (الصندوق) الذي يشير إلى حركة النقود في حسابات التاجر، في معنى لا يخلو من (المجاز)، حين يُعتبر (الصندوق) من خلال القيود المحاسبية، وكأنه المسؤول عن المبالغ النقدية التي تدخل إليه أو تخرج منه. ويتعدى الأمر ذلك ليسمى الشخص الذي يتولى أمور حركة النقد هذه سواء في بنك أو شركة أخرى أو أي مؤسسة بـ (أمين الصندوق). بل ويطلق لفظ (الصندوق) بدلالته المجازية هذه، أو ربما دلالته الرمزية، على صناديق الاستثمار، وصناديق الادخار، وصناديق التنمية، وغيرها من (الصناديق) ذات العلاقة بالاقتصاد والمال والأعمال، وصولاً الى (صندوق) النقد الدولي، الذي يمكنك أن تتخيله بما يتمتع به من سطوة وسلطة وتأثير، بأنه (صندوق) ضخم جداً : طولاً وعرضاً وعمقاً، ويمتد بأبعاده هذه ليشمل قارّات بأكملها، ومع ذلك يبقى اسمه (صندوقاً) .
ولعل ما تجدر الإشارة إليه، عند الحديث عن هذه الرمزية التي تحملها دلالة لفظ (الصندوق) من الوجهة المالية، هو أن كثيراً من الأفراد (والمؤسسات أيضاً) يغفلون عن أن صناديقهم لا تضم ما يمتلكون من أموال وحسب، وإنما تضم أيضاً ما يترتب عليهم من الديون ، وبالتعبير القانوني ، فإن علينا أن تتذكر أن صندوقنا (ذمتنا المالية) فيه (حقوقاً والتزامات) ، وبالتعبير المحاسبي فإن فيه (أصولاً وخصوماً) . وكثيراً ما يتورط الناس بديون تحيط بهم من كل جانب، ويعجزون عن تسديدها ، ويدخلون في مشاكل متعددة لأنهم لم يكونوا ينظرون إلا الى الجانب (الموجب) دون الجانب (السالب) من محتوى الصندوق 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com