الخميس، 31 يناير 2013

تنمية وتطوير النشاط اللغوي في الطفل

صورة

هاشم سلامة-إنّ أول نشاط يقوم به الطفل يبدأ منذ بدء حركته في رحم أمه، فالحركة في رحم الأم والسكون يعتبران أول نشاط للطفل، فالأم المضطربة والقلقة تزداد حركات جنينها وعلى العكس بالنسبة للأم الهادئة الوادعة، وقد توصل علماء الأجنة إلى أنه يمكن جلب انتباه الجنين فكيف عن الحركة في بطن أمه إذا وضعت الأم سمّاعة صغيرة تنبعث منها موسيقى هادئة، وعليه فان الطفل يعتبر ممارساً للنشاط الحركي حتى وهو جنين.
وبعد الولادة، فإنّ أول نشاط يقوم به ومترافقاً مع حركة رأسه ويديه ورجليه هو نشاط الرضاعة والمسمى في طب الأطفال بـSucking Reflex، فما حركة الرأس يميناً وشمالاً وضم الشفتين وفتحهما إلا تعبير عن طلب المولود للرضاعة. فنراه يلتهم حلمة الرضاعة سواء كانت من أمه أو من حلمة صناعية بشغف شديد، وبعد ذلك تبدأ نشاطات السمع والاستجابة للصوت ونشاط الإبصار بالاستجابة للضوء وتتبع مصدر الصوت والضوء.

النشاط اللغوي
إن أول نشاط لغوي يتمثل في صوت المناغاة التي تنبعث من الطفل، واستجابته بالضحك للمداعبة..ومع تقدمه ونموه يدخل مرحلة النطق اللغوي، ويقول عالم الأطفال سكنر Skinner: إن السلوك اللغوي كأي سلوك هو نتيجة لتحفيز إجرائي، فالآباء والمحيطون بالطفل يدعمون ويحفزون اللعب الكلامي الذي يصدر عن الطفل بأن يبتسموا له ويحضنوه ويصدروا أصواتاً تجاهه تعبر عن الرضى والسعادة، وفي رأي نظرية التدعيم التي وصفها سكنر فان الأصوات الصادرة عن الطفل في البداية هي استجابة تقع ضمن الحصيلة السلوكية الأولية للطفل ثم تدعم هذه الأصوات فيما بعد عندما يبدأ بادراك الكلمات والجمل التي تصدر عمّن حوله.. ويبدأ هنا بالتقليد وترديد هذه الكلمات واستخدامها.
إن المراحل التي يمر بها الطفل في تعلّم اللغة هي واحدة بالنسبة لجميع الأطفال في هذا الكون، وأن الفارق فقط هو فرق فردي من حيث السن الذي يبدأ فيه باللعب الكلامي، ويقول علماء  تربية الطفل إن الكلمة الأولى لا تتغير من ثقافة لأخرى، ولكن هنالك ثمة فروق لغوية يرجع سببها إلى:
1-التكوين البيولوجي بالنسبة للجنسين في البنين والبنات أو تفاوته بين أفراد الجنس الواحد.
2-اختلاف الظروف البيئية من حيث المستوى الثقافي، ترتيب الطفل في الأسرة، والحرمان البيئي أو الرفاه البيئي.
3-الجنس: لقد اثبتت الدراسات أن البنات يتكلمن قبل البنين لأسباب بيولوجية واجتماعية.

تأثير البيئة
لقد اثبتت الدراسات أن للبيئة أثراً كبيراً على النمو اللغوي، والدليل على ذلك أنه إذا احتجزت فتاة لعدة سنين وابتعدت عن التواصل مع بيئتها فإنها ستفتقد اللغة لعدم استقائها لها من البيئة، ويعتبر العلماء البيئة المُعلّم الأول للغة بالنسبة للطفل «ويحضرني في هذا المقام بيتان من الشعر للشاعر المهجري إلياس فرحات حينما سُئل عن نبوغه في الشعر علماً بأنه كان أُميّاً في صغره فقال:
يقولون عمَّنْ أخذْتَ القريضَ    
وممَّنْ تعلَّمْتَ نسْجَ الدُّرَرْ
هُوَ الكوْنُ جامعةُ الجامعات
 وذا الكون أستاذُنا المُعْتَبَرْ

متى تبدأ اللغة
إن الفترة الحساسة والحاسمة لتطوّر اللغة لدى الطفل عادةً ما تكون بين الثالثة والسادسة من العمر، سواء كانت لغة محليّة أو أجنبية وذلك وفقاً للجنسين والمحيط الذي ينتمي لهما الطفل. وإن اللغة في تعبيراتها وتكويناتها في الصغار هي أبسط من لغة الكبار، فالطفل يختصر ما يريد التعبير عنه، وتعتبر لغة الطفل خلاّقة ومبتكرة ولكنها مفهومه في الوقت نفسه فمثلاً إذا قال الطفل: «ماما آلو»، فهذه تفهم على أن أمّه تتحدث بالهاتف، هذا عدا عن الاصطلاحات التي أصبحت متعارفاً عليها بين الأسر من ثقافة واحدة فيما يخص الأطفال كالتعبير عن العطش والجوع والألم وطلب الذهاب للحمّام وغير ذلك من الألفاظ المتعلقة بالحاجات الحيوية للطفل والتي يبدأ بها لغته.
ويبقى القول بأنّ الأسرة يقع على عاتقها عبء الدور الأساسي في التطوّر اللغوي عند الطفل، وإن دور الأسرة في التأسيس اللغوي يفوق دور كل المؤسسات التعليمية والتربوية، لأنّه في الأسرة ينطق الطفل كلماته الأولى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com