الخميس، 31 يناير 2013

غيرة الآباء من الأبناء مرض نفسي حين تزيد عن حدها


ديما محبوبة

عمان- تعترف أم هادي بغيرتها من ابنتها هند التي تبلغ من العمر أربعة أعوام، والسبب، كما تقول "اهتمام زوجي بها أكثر مما تستحق. فهو يغدق عليها الحنان، ويخرج معها في نزهات فردية، مما يثير غيرتي. وكثيرا ما أوجّه سؤالا لزوجي "لماذا لا تهتم بي كما تهتم بابنتك؟ أو حتى بابنك هادي الأصغر منها سنا!".
ويكون الرد من الزوج، في العادة، على غير ما تتوقع أم هادي التي تقول "إجابته لي دائما هل من الممكن أن تغار الأم من ابنتها؟"، مبينة أنها تشعر بأن زوجها بالفعل يحب ابنته أكثر منها. فهو لا يرفض لها طلبا، "لدرجة أنني كلما رغبت في شيء أرسلت إليه هند كي يكون طلبي مستجابا".
 قد لا يخطر على بال أحد أن هناك آباءً أو أمهات يغارون من أطفالهم. فحالة الغيرة هذه قد تبدو غريبة، خصوصا أنها غيرة من الأبناء، ذكورا كانوا أو إناثا. لكن هناك بالفعل زوجات يشتكين من تدليل أزواجهن لبناتهن. وفي المقابل يتهم بعض الأزواج زوجاتهم بأنهن يغمرن الأولاد بلطف غير محدد، ويغدقن عليهم بالحنان والحب المفرط.
هكذا إذن توجَّه التهم لكلا الطرفين، أي للآباء والأمهات، بتلبية جميع احتياجات أطفالهم، من دون أي اعتراض، وتفضيل بعضهم على البعض الآخر.
وفي كل الحالات يتولد نوع من الغيرة بسبب الحب الزائد، فتغار الأم من ابنتها، ويغار الأب من ابنه. 
والغيرة من وجهة نظر اختصاصي علم النفس د.محمد الحباشنة انفعال إنساني يظهر لدى الأفراد بفعل التنافس الذي قد يحدث بينهم، موضحا أن شأنها شأن أي انفعال يتعرض له الفرد، قد تنقلب حالة من المرض النفسي إن زادت على حدها، أو وُجّهت توجيها خاطئا.
وفي رأيه يجب على رد الفعل هذا أن لا يطغي على الحياة، لأنه في حال استمراره فقد يتحول إلى حالة مرضية، ويؤثر سلبا على سلوك الفرد.
ويصف بعض حالات الغيرة التي تحدث من قبل الأب على الابن، أو غيرة الأم من البنت، بأنها أنماط سلوكية قد تصبح سلوكا مرضيا إن زادت على حدها، وفي ذلك ما يبين أن هناك ضعفا في الشخصية، ونقصا في الثقة بالذات.
وعن غيرة الآباء واعتناء زوجاتهم بأبنائهم يقول الأربعيني علي أبو الهيجاء "أغار من تدليل زوجتي لابننا الصغير، إذ تفرط زوجتي في الاهتمام به، وقلما تهتم بي. وفوق ذلك فقد بدأت تغض النظر عن واجباتها تجاهي".
ويضيف "كثيرا ما حاولت تغيير تصرفها، حتى تهتم بي وبعائلتها، وتقسّم وقتها وحبها بيننا بالعدل وليس بتمييز أحد عن الآخر، لكنها تجيبني بذكاء دائما، بالقول إن "هذا الشبل من ذاك الأسد"، وأنها تحبني وتحبه، وأنها إذا كانت تحبه فذاك لأن محبته تذكرها بي باستمرار.
ويبين محمد السيد، حديث العهد بالزواج، أن مولوده الجديد سرق منه الكثير من حنان وحب زوجته، لأنها باتت تهتم بطفلها الصغير ولا تهتم به، وتقضي معظم الوقت إلى جانبه، وتسهر بلا انقطاع على رعايته.
ويؤكد أنه يحب ابنه، لكن هذا التغيير المفاجئ والسريع أمر لم يكن يتوقعه، ويريد من زوجته أن توزع اهتمامها بينه وبين ابنه حتى لا يشعر بالملل بعد طول بقائها إلى جانبه.
ويستذكر محمد تلك الأيام الجميلة، من أيام زواجهما الأولى، حين كانت تلح عليه بأن يفطر معها قبل خروجه من المنزل. كما يذكر الكثير من واجبات زوجته التي يتمنى أن تعود، مؤكدا أنه لا يكره ابنه، ولكن ابنه أخذ منه متعة لم يكن يفتقدها قبل مجيئه.
أما غدير الخطيب، وهي أم لثلاثة أبناء، فهي تشير إلى أن اهتمام زوجها بابنتها الوحيدة أمرٌ طيب وجميل، لكنها تشعر ببعض الغيرة وتتمنى أن يدللها زوجها باستمرار، كما يفعل مع ابنته.
وترى أنها، على عكس صديقاتها اللواتي يغرن كثيرا من بناتهن، تشعر بالفرح عندما يهتم زوجها بابنتها، إيمانا منها أن ذلك سينعكس عليها بشكل إيجابي، لا سيما بعدما تكبر وتتزوج". وتفسر حب الوالد المفرط لابنته بسبب اعتقاده أن البنت أضعف من الأولاد، فيخشى عليها من أي مؤثرات خارجية.
اختصاصي علم الاجتماع د. محمد جريبيع يبين أن الغيرة مردها إلى ضعف التنشئة الاجتماعية ويلح على وجوب اهتمام الأهل بثقتهم بأنفسهم، وأن يدركوا أن هؤلاء الأبناء هم أبناؤكم، وجزء منكم. ولذلك من المهم توعية الزوج والزوجة بأن الأطفال، ذكورا كانوا أم إناثا، لا غنى لهم عن حنان الأب والأب معا، شريطة أن لا يُنسي هذا الحنان، الأب والأم، واجبات والتزامات كل منهما إزاء الطرف الآخر.

dima.mahboubeh@alghad.jo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com