الجمعة، 4 يناير 2013

زوجات يستأن من غياب طموح الشريك


منى أبو صبح

عمان- لم تتمكن الثلاثينية أم سهيل من معرفة شخصية زوجها جيدا قبل الزواج، لتكتشف بعد الارتباط أنه إنسان "سلبي" و"غير طموح".
وتقول أم سهيل إن زوجها "لا يشغل فكره أي طموح أو رغبة في التطور والتفوق في أي أمر"، منوهة إلى أنه يعمل في وظيفة حكومية بسيطة وراتبه ضئيل جدا لا يكفي لنصف الشهر.
تتابع "الحمد لله، أنا راضية برزقنا، ولكن على الإنسان أن يجد ويكون طموحا لتحسين حاله"، مشيرة إلى أن زوجها رغم أنه ما يزال شابا وبإمكانه أن يطور من مهاراته، إلا أنه لا يأبه بذلك، ورغم محاولاتها المتكررة له لدفعه وتحفيزه إلا أن النقاش يكون "عقيما".
تواجه بعض الزوجات صعوبة في التعامل مع أزواجهن "محدودي" الطموح، وهذه السلبية يترتب عنها العديد من المشاكل والخلافات الأسرية بين الزوجين؛ حيث يرى مختصون أن لهذه الخلافات "تأثيرا سلبيا كبيرا على أوضاع الأسرة النفسية والمعيشية".
أم سهيل، التي تعمل بشركة خاصة وراتبها جيد، تصف نفسها بالطموحة التي تسعى إلى تطوير دائم لنفسها. وعن دعمها لزوجها، تقول "تكلمت كثيرا معه بلا فائدة، وأحيانا كان يصل الحوار إلى درجة الحدة من فرط سلبيته، أحاول دفعه لأن يطوّر نفسه وأعطيه أفكارا، ولكن لا أمل".
وأكثر ما يثير غضب أم سهيل "عندما أرجع من عملي وأجده جالسا أمام التلفاز، لمتابعة الأفلام وتضييع الوقت، وكم أتمنى أن يقضي وقته في تطوير نفسه".
والمعاناة ذاتها نجدها مع السيدة نضال شفيق (34 عاما)، التي تصف زوجها بأنه طيب القلب، وصاحب خلق، إلا أن تفكيره "محدود وضيق الأفق، ولا طموح لديه". يفكر في لحظته فقط، على عكس شخصيتها الطموحة التي تتطلع دائما للأحسن، وتحب التخطيط للمستقبل.
تقول "هذا الاختلاف الجوهري بيني وبين زوجي هو مصدر الخلافات الدائمة بيننا"، منوهة إلى أنهما يختلفان حتى في أسلوب تربية الأولاد، ونظام حياتهم، وتحسين ظروف الأسرة، والنهوض بوضعها الاقتصادي. فهو راضٍ بما هو فيه، ويخاف من التغيير، لأنه يخشى الفشل، وهذا أمر "قاتل بالنسبة لي".
وتضيف نضال أن زوجها حظي بالعديد من فرص العمل في الخارج، وشجّعته على ذلك في سبيل تحسين ظروف العائلة الاقتصادية، لكنه سرعان ما يرفض العرض دائما، ويبدي في ذلك أسبابا غير مقنعة، وفق رأيها، بل صار مؤخرا "يخفي عني أي فرصة عمل جديدة تُعرض عليه، فلا أعلم بها إلا من الآخرين".
الأصل أن يتربى الإنسان منذ الصغر على الطموح، هذا ما يراه الاستشاري في علم الاجتماع الأسري د.مفيد سرحان، الذي ينصح الإنسان بأن يحرص على تطوير ذاته، بالاعتماد على ما يستحقه من حوافز وتشجيع من الأهل، والمدرسة والجامعة، وما يرتبط بها من أشكال التقدير والتكريم والجوائز، لأن الإنسان بطبعه يحب التقدير والتشجيع.
ويبين د.مفيد سرحان، الفرق بين القناعة والطموح؛ فالقناعة مطلوبة، وهي تعني أن يقبل الإنسان ويرضى بما قسمه الله له، شريطة أن يبذل ما في وسعه من عمل ومثابرة، وبطرق مختلفة، فيسعى للحصول على العمل المناسب والراتب المناسب، لأن الطموح مطلوب في الأمور المادية والمعنوية على السواء.
ويلفت سرحان إلى ضرورة حرص الوالدين على تربية أبنائهما على الصفات الحميدة منذ الصغر، وعلى ألا يتوقف طموحهم عند حد معين. كما يجب على الإنسان أن ينطلق من الواقع، وأن يفهم قدراته، لأن هناك فرقا بين من يضع لنفسه خطة، ومن يغرق في الخيال لعدم قدرته على مواجهة الواقع.
ويشير سرحان إلى أن الزوج معرض لأن ينقل الصفات السلبية لزوجته وأبنائه، لأن الأبناء يميلون دائما لتقليد الآباء في جميع الحالات، وقد يؤثر هذا التقليد سلبا على العلاقات الأسرية، من حيث الانسجام والاستقرار، خصوصا عندما ينعكس غياب الطموح سلبا على إمكانات الأسرة المادية.
أكملت نهلة محيسن (38 عاما) دراستها العليا بعد زواجها، وعُينت في وظيفة مرموقة، ويشجعها زوجها دائما في عملها، لكنها تعاني من الفارق الكبير بينها وبين زوجها. فهي تحب الدراسة والعلم، لكنها تجد نوعا من العناء من زوجها الذي لا يحبذ علاقتها بالثقافة ولا يشجعها على طموح في هذا الشأن.
وترى محيسن أن زوجها لا يحاول أن يكتسب علما جديدا، ولا يقرأ في أي من جوانب الثقافة، ولذلك تشعر دائما بالفارق بينهما، لكنها تحاول بما تملكه من ثقافة وبما وصلت إليه من درجة علمية أن تتجاوز هذه الحالة النفسية والمحبطة أمامه، لكن ذلك لا يمنحها أي شعور بأنها فخورة بزوجها أمام الآخرين، ولا تثق بآرائه.
وتقول "زوجي لا يعمل على تطوير ذاته بأي شكل من الأشكال، ليس على مستوى الثقافة فحسب، ولكن في أي جانب من جوانب الحياة"، متابعة "عندما أنظر لأشقائي، وإلى الأزواج الآخرين، وكيف يفكرون، وكيف صارت طموحاتهم كبيرة في الحياة، أشعر بالغيرة، بسبب سلبية زوجي في الحياة".
ويشير الاختصاصي النفسي د.خليل أبوزناد، إلى أن هناك العديد من الزوجات اللواتي لا ترضيهن طباع أزواجهن وأفكارهم. وهؤلاء الأزواج عادة ما يكونون كسولين، وليس لديهم بعد نظر في الحياة، وفي الغالب يكونون محدودي الذكاء والقدرات، ولا يبادرون بتحسين ذواتهم نحو الأفضل.
وينصح أبوزناد الزوجة التي تعاني من محدودية طموح زوجها، بأن تحاول تغييره، ليكون فيه بعض ما فيها من طموح، ومن رغبة في التغيير، ومن تخطيط للمستقبل، وعليها ألا تيأس من ذلك، حتى وإن لم تحقق نجاحا كبيرا في هذا الشأن.
ويضيف "يمكن للزوجة أن تطرح طموحاتها، وتشير إلى زوجها بأفكارها، بأسلوب محبب لديه، وتشجّعه على أن يقترح عليها أفكارا كما تطرح هي عليه أفكارها، ليعملا معا على تحقيقها، وعليها أن تثني عليه حين يعرض عليها بعض أفكاره، وألا تنتقدها"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com