الجمعة، 18 يناير 2013

الفخار .. للإستعمال اليومي وتزيين البيوت


صورة



وليد سليمان  - تجلس في الحافلة تستمتع من نوافذها برؤية تشكيلات السماء الزرقاء ، وبأسراب الغيوم، هذه الطرقات تتخللها بعض المساحات التي توضع فيها تحف من الفخار المتنوع بأشكاله الفنية وألوانه الجذابة واستعمالاته المتعددة ، هذا المشهد الجمالي مبهج لأعين المسافرين المتنقلين ما بين عمان والزرقاء ، ومن المعروف ومنذ عقود قليلة ماضية كانت للفخار أو الخزف أهمية كبيرة في استعمالاته الحياتية .

فنون تراثية
ومن استخدامات الفخار ، الجرار والأباريق والشربات الفخارية في البيوت لوضع ماء الشرب فيها ، فقد كان من غير المعقول ان لا توجد آنية فخارية واحدة على الاقل في كل بيت ، لكن انتشار استخدام الثلاجات الكهربائية ووصول أنابيب المياه لكل بيت قلل من الاعتماد على الاواني الفخارية بشكل كبير .
ولكن ولأن تلك الاواني الفخارية أصبحت من الفنون التراثية الشعبية والتي تشد نفوس وأرواح المشاهدين عبرها لماضٍ شرقي مليء بالدفء والذكريات الحميمة ببساطتها ، فان الناس يأخذهم الحنين لأشكال الفخار وألوانه ، للتوقف أمام تلك الحدائق المهرجانية لتلك الفنون التطبيقية ، لشراء واقتناء بعض الادوات والأواني الفخارية بقصد الزينة أولا .
وقد التقينا مع صاحب احد محلات بيع الفخار الذي أوضح ان الفخار أصله مادة رملية ، وأضاف : « إننا نصنع الأدوات والأواني الفخارية من مادة رملية اسمها القلالة تستخرج من منطقة صويلح ، مع رمل أحمر طيني زراعي نحضره من منطقة طبربور وسحاب ، ثم نخلطها بالماء و الملح ورمل صويلح كذلك «.
وعن الادوات التي يمكن صناعتها من الفخار قال :
« جرار الماء والأباريق والشربات ، والأطباق وقوارير زراعة الورود والأكواب والطبلات الكبيرة والصغيرة الخاصة بالأعراس ، ثم المزهريات وقدور الطعام ، ومناظر فخارية اخرى مثل النوافير وشلالات الماء الصغيرة «.
وعن دوافع الزبائن لشراء تلك الفخاريات قال:» اغلب الزبائن من النساء اللائي يشترين قوارير الزراعة من أجل الزهور ونباتات الزينة ، لوضعها في البيوت او أمام مداخل البيوت او في ساحات المنازل والحدائق ، كذلك يشترين المزهريات الملونة لوضع الزهور الحية او الصناعية بداخلها ، ثم اقتناء التحف الصغيرة التي توضع كمناظر شرقية في زوايا البيوت ، أما بعض اصحاب الكراجات والورشات النائية والبعيدة عن المدن فإنهم يقومون بشراء جرار الماء للشرب، وكذلك بعض اصحاب المحلات في المدن الذين يضعونها أمام محلاتهم ليشرب منها عابرو السبيل».
وتابع حديثه عن قدور الطبخ الفخارية قائلاً :» إنها تتحمل النار ، ولكن يجب استخدامها بحذر فلا يضاف اليها الماء البارد فجأة وهي على النار مثلا، ويقال ان من ألذ الاطعمة ما يطبخ في قدور الفخار من اللحوم والدجاج .

 طريقة صنع الفخار
وعن الطريقة التي يصنع فيها الفخار قال :» بعد أن تصبح عجينة الفخار جاهزة فان الصانع يقوم بتشكيل وصنع أي اداة يريدها ، بواسطة يديه وبدولاب دوّار ثم تجفف القطع ببطء ثم تحرق في فرن درجة حرارته مرتفعة ، وبعد ان تبرد يمكن اضافة الرسوم والزخارف الملونة على الجسم الخارجي لتلك الادوات خصوصاً التحف الشرقية الصغيرة , وتلك تباع بثمن اعلى من الادوات غير المزخرفة اوالمزججة بالميناء او الدهان « .

تواجده منذ القدم
ويذكر ان الفخار من الفنون التي عرفها الانسان منذ القديم فقد استخدم الانسان البدائي في العصور الغابرة الصحون والقدور والأقداح والأطباق المصنوعة من الطين .
ولا تزال توجد في بعض متاحف العالم العديد من الأواني الفخارية التي استخدمها الانسان قديما وذلك ما نشاهده مثلا في متحف جبل القلعة في عمان وفي متحف السلط ومتاحف آخرى في مدن الاردن .
الفخار له طابعه المميز الذي يسمو بالذوق وتوجد نماذج منه في أغلب المتاحف ، وترجع اقدم النماذج التي عثر عليها منه الى القرن 9 (العصر العباسي ) , وأهمها أزيار(جرار) بغير طلاء ، او بطلاء أزرق، ومزخرفة بزخارف بارزة عناصرها هندسية ونباتية ، تدور حول جسم الجرة ورقبتها ، وقد أتقن الخزافون المسلمون طرقا مختلفة لطلاء الأواني ، واستعملوا ألوانا فاخرة متعددة ، وكانت الزخارف ترسم أحيانا، او تحز ، او تحفر ، او تخرم تحت الطلاء.

 كبار رجال الدولة والأثرياء
وأحيانا اخرى كانت الوحدات الزخرفية ترسم فوق الدهان ، وقد استطاع الخزافون المسلمون ان يكسبوا الخزف بين القرنين 9 -15 بريقا معدنيا يختلف لونه بين الأحمر النحاسى والأصفر الضارب الى الخضرة، ويعتبر هذا النوع من أفخر أنواع الخزف ، وكان استعماله قاصراً على كبار رجال الدولة والأثرياء الذين اتخذوه بديلاً عن استعمال الأواني الذهبية والفضية .
وقد أنتج الخزافون المسلمون بلاطات لكسوة الجدران ، ومحاريب كاملة وتحفاً ، وتماثيل وأواني كالأكواب والسلطانيات والقوارير والمسارج والأباريق والصحون والكؤوس والأقداح وغيرها .

 الأشكال الهندسية
واستعملت في زخرفتها عناصر ووحدات مستمدة من الأشكال الهندسية والخطية والنباتية والحيوانية والآدمية ، والأشكال الخرافية مع ظهور الميل الى التجديد والإبتكار ، وعدم الإهتمام بمطابقة هذه الوحدات لأطوالها الطبيعية ، وقد انتشرت صناعة الخزف في جميع الأقطار الإسلامية من ايران شرقاً الى الأندلس غربا ، وكان لمصر وسوريا شأن عظيم في تلك الصناعة ، وبخاصة أيام الفاطميين والمماليك , وكان لكل اقليم ولكل عصر طابعه الزخرفي الخاص على الفخاريات .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com