الأحد، 24 مارس 2013

استراق الزوج النظر للفتيات: إهانة للزوجة وغياب للثقة




مجد جابر
عمان- مزيج من مشاعر الاستنكار والحزن تتملك العشرينية ربا عبد الله عندما تتعرض لأحد المواقف في أحد الأماكن العامة أثناء خروجها هي وصديقاتها.
تقول ربا "كنت في أحد الأماكن العامة مع صديقاتي، وكان يجلس بجانبنا رجل وزوجته التي بدت سعيدة بخروجها معه، حيث انطلقت في الحديث والاندماج معه وكأنها لم تره منذ مدة طويلة، وهو ما أثار حزني عليها، لأن زوجها لم يُلق لها بالا وما انفك يحاول أن يسترق النظر إلينا، وكأن زوجته غير موجودة إلى جانبه".
هذا الموقف جعل ربا تستنكر تصرف هذا الرجل، وتشعر بالحزن على زوجته، متسائلة إن كانت هذه المرأة تدرك تصرفات زوجها، أم كانت تحاول أن تغض الطرف عنها للحفاظ عليه وعلى كرامتها، أم أنها كانت مخدوعة به وترى فيه الرجل الوفي المخلص؟!
ربا ليست الزوجة الوحيدة التي تستنكر مثل هذا التصرف المشين من قبل الرجال، فميسون فتاة أخرى تتعرض هي وصديقاتها لهذا الموقف من زوج صديقة مقربة لهن، كلما ذهبن لزيارتها في بيتها.
تعرف ميسون، هي وصديقاتها أن زوج صديقتهن من أكثر الرجال "بصبصة" عليهن، فتقول "زوجها لا تنجو من نظراته أي امرأة، حتى وان كانت أخت زوجته. فهو لا يراعي أننا صديقاتها، ولا يخشى أن نُخبرها بأمره، بل يمارس هوايته هذه ولا يبالي فيها بأي أحد".
وتضيف ميسون بأنها لا يمكن أن تخبر صديقتها بتصرف زوجها معهن، فقد لا تصدقها، فضلا عن أن ميسون لا ترغب في أن تكون سببا في خراب بيت صديقتها.
يعتبر اختصاصي علم الاجتماع د.حسين محادين، أن الثقافة الاجتماعية السائدة تبرر خطأً، مثل هذه السلوكيات أحيانا، لكن هذه السلوكيات مرفوضة أخلاقيا، ولا يمكن تبريرها بأي حال من الأحوال.
إلا أن هذه السلوكيات المنتشرة كثيرا في الأماكن العامة قد تأتي أحيانا بدافع فضول بعض الرجال الذين يعتقدون أن من حقهم النظر إلى المرأة، لغرض في نفوسهم، أو عن حسن نية.
لكن الشريكة، كما يرى محادين، وهي كائن حساس بطبيعتها، سرعان ما تشعر بالمرارة والانتقاص من حضورها ومكانتها لدى شريكها، سواء عبرت عن غضبها، أو أخفت غصتها ومرارتها إزاء ذلك التصرف.
ويعتبر محادين أن الأصل في الأشياء هو الحفاظ على مشاعر الآخر وثقته عن قناعة وليس مجاملة له، مبينا أن الاستقرار العاطفي ينبغي أن يظل ملازما كالظل للزوجين، فحري بكل منهما الحفاظ على حضور الآخر واحترامه.
إيمان مسعود امرأة متزوجة منذ 7 سنوات، تقول "في كل مرة أخرج فيها مع زوجي، وحتى وان كان مشواراً في السيارة، أرى كيف يسترق النظر إلى الفتيات، ويحاول اغتنام أي فرصة لينظر إليهن، معتقدا أنني لا ألحظ ذلك، وهو أمر في منتهى البشاعة، وتصرف سيئ جداً، يجعلني أشعر بقلة احترام زوجي لي، وبمدى غشه وكذبه".
وتضيف أنها كانت أحياناً تحقد عليه لدرجة تجعلها تفكر في أن تقوم بنفس التصرف، إلا أنها تتمالك نفسها وتحس أنها لو فعلت لأضرت بنفسها، مبينةً أنها لم تعد تثق به على الإطلاق، متسائلة ما الذي يمكن أن يفعله وهو بعيد عنها إذا كان يفعل كل هذا وهو بجوارها!؟
الأربعيني حسام معتز يعترف بأنه شخص يحب النظر إلى كل من حوله، وخصوصاً الفتيات فيقول "لا يمكن أن تمر فتاة من دون أن أنظر إليها، حتى وان كانت زوجتي معي، وهذا لا يعني أني لا أحبها، ولكن الفتيات يجعلنني أنظر إليهن، لكنني لا اتجاوز حدود هذا الامر ابدا".
لكن حسام يؤكد أنه في النهاية لا يمكن أن يبدل زوجته بأي واحدة من كل الفتيات اللواتي يراهن، لكنه يقول إنه لا يستطيع أن يكف عن النظر إلى الفتيات الجميلات، لأن الجمال، في اعتقاده، ليس ملكا لأحد.
اختصاصية العلاقات الزوجية د.نجوى عارف تعتبر أن هذا التصرف يخلق عند المرأة إحساسا كبيرا بعدم الأمان، فإذا كان يتصرف هكذا في وجودها فالأمر أسوأ بكثير في غيابها؟
وتضيف أن الرجل في النهاية يسيء إلى نفسه، لافتةً إلى أن اللجوء إلى هذا التصرف قد يكون لعدة أسباب، منها أن يكون الرجل قد كبر في العمر وصار يشعر بعد أن مرت عليه سنوات زواج طويلة، أن زوجته باتت مملة، فيسعى لأن يعوّض ما فقده منها، وحُرم منه، بالنظر إلى غيرها.
هذا فيما قد تكون المرأة لافتة لنظر الرجل لأسباب أخرى تتعلق، مثلا، بتربيتها وقيمها وأخلاقها، وربما لمجرد جمالها وأناقتها ليس إلا. لكن عارف ترى أن النسبة الأكبر من هذه السلوكيات الشاذة تكون بسبب مرض عند الرجل الذي يرغب دائماً في البحث عما يعتقد أنه محروم منه.
وتضيف عارف أن هذا السلوك يؤثر كثيراً على العلاقة الزوجية، ويُذهب الاحترام بين الزوج وزوجته، مبينةً أن الأخطر من ذلك كله هو عندما تفكر الزوجة في معاملة زوجها بالمثل، فتفقد العلاقة عندئذ قدسيتها، مع ما يترتب على ذلك من تأثير مدمر على الأطفال.
ويذهب الاختصاصي النفسي د.محمد حباشنة إلى القول إن هناك جانبا اجتماعيا مُهمّا، وهو أن الذكر في تقاليد المجتمع مسموح له بالكثير من الأشياء، ومن بينها استراق النظر، لاسيما وأن العرف أحيانا يغلب الوازع الديني في مثل هذا الأمر، مؤكدا في هذا الصدد أن هذه الأمور ماتزال مرتبطة بهيمنة الذكورة التي تحلل لنفسها ما تحرمه على المرأة، حيث لا يتوقع الرجل من زوجته نفس التصرف، بل ويرفضه رفضا باتا، لأنه يعتبره أمرا ليس من حقها على الإطلاق.
ويشير حباشنة إلى أن تصرف الرجل بهذه الطريقة يعود إلى أكثر من سبب، منها أن هناك بعض الذكور الذين يبحثون في استثارة المرأة وجلب انتباهها، عن ثقة مفقودة، فلا تكاد المرأة تبادل الرجل قليلا من الاهتمام أو النظرات حتى يشعر بثقة جديدة.
ويعتبر الحباشنة أن أثر ذلك على الزوجة كبير جدا، فمن المفروض أنها علاقة حصرية بينهما، وبالتالي فإن مجرد النظرة لغيرها إهانة لها، ولأنوثتها، ولحصرية العلاقة بينهما.
وهو ما يولد عندها مشاعر مؤلمة يمتزج فيها انعدام الثقة بالذات بالحقد والكراهية تجاه زوجها، وهو ما يربك العلاقة الزوجية في النهاية.

majd.jaber@alghad.jo


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com