الاثنين، 25 مارس 2013

تجارب الآخرين في الحياة مفيدة لتفادي الوقوع في الأخطاء





منى أبو صبح
عمان- يجزم الأربعيني حامد العتوم بأن عدم الإفادة من تجارب الآخرين ليس قاصرا على الأطفال والمراهقين، بل حتى الكبار أيضا "رغم كل ما رأيت وسمعت عن ضحايا التدخين، إلا أنني ما أزال أشرب السجائر وبكثرة، حتى أصبت بمرض في القلب بسبب إدماني التدخين، ورغم وفاة عمي بالسبب ذاته".
ويضيف "كل من حولي يطالبني بأن أتعظ من الآخرين، إلا أنني سائر في طريقي، ولا أعلم لماذا، رغم قناعتي بأخطار التدخين، ورغم أني أنصح غيري بألا يدخنوا، بل وأمنع أبنائي بالقوة من التدخين".
تذكر أم علاء (36 عاما) المفارقة التي عاشتها قبل زواجها وإنجابها، حيث كانت تعتقد أن لكل شخص تجربته الخاصة، ولذا لم تكن تبالي عندما تتعرض لموقف سيئ، ولم تستفد من تجربة غيرها. إلا أن هذا الوضع انقلب رأسا على عقب بعد إنجابها مولودها الأول، حيث تغيرت نظرتها للأمور، وأصبحت تطالب أبناءها بأن يتعظوا من تجارب غيرهم، ويستفيدوا منها.
تقول "عندما أشاهد أبنائي يرتكبون الأخطاء نفسها التي حدثت أمامهم أشعر بالغضب والخوف عليهم، فهذا يوحي بعدم نباهتهم وفطنتهم، فكيف يكررون أخطاء وقعت أمامهم من قبل غيرهم؟".
نرى العديد من الأشخاص الذين يميلون للأخذ بتجارب الآخرين، فيطبقونها مع اختلاف الظروف والمعايير، لكن الحظ لا يحالفهم فلا ينجحون كما نجح أصحاب التجارب الذين حاولوا الاستفادة منهم. هذا فيما لا يأبه البعض الآخر بتجارب الآخرين ويصر على خوض تجاربه معتمدا على فكره ونفسه وعناده فيكرر الأخطاء نفسها.
وتعد تجارب الحياة حلقات متصلة ومتواصلة، وما يزال الإنسان يحاول ويجرب حتى يصل إلى هدفه وغايته. فتجارب الآخرين تطلبت الجهد والوقت، ولذلك على الإنسان أن يستفيد منها، لأن في كل تجربة عبرة وموعظة، وفق مختصين.
الموظف ماجد علي (28 عاما) يرى أن الخبرة لها دور في الخلاص من المشاكل، وعدم الوقوع في أزمات. ويلفت إلى أنه ليس بالضرورة أن تكون نصيحة الآخرين في محلها في كل الحالات، لأن الأمر في الأخير مرهون بقناعة الشخص الذي يتلقى النصيحة.
ويقول "في كثير من الأحيان، أقدم على عمل مجهول العواقب، وينصحني أصدقائي والمقربون بعدم الخوض فيه، لكنني أصر على خوض التجربة والمغامرة، لاعتقادي بأن الإنسان لا يتعلم إلا إذا جرب بنفسه".
وتعبر نائلة عبدالله (33 عاما) عن رأيها في هذا الشأن، قائلة "مفهوم الخبرة ليس بالضرورة مرتبطا بعمر، فالتجربة في أي أمر قد نأخذها من شخص أصغر منا سنا".
وتوضح أنها استفادت من خبرة صديقتها في متابعة دراستها الجامعية بعد الزواج، رغم انشغالها بالمنزل والأولاد، وتبين أن الأخذ بالنصيحة يتوقف أحيانا على نية الشخص الذي يقدم النصيحة.
ويبين الاختصاصي النفسي د.محمد الحباشنة، أن الاستفادة من خبرة الآخرين الذاتية قيمة ومهمة، لكن هناك عوامل قد تحول دون الاستفادة من تجارب الآخرين، ومنها العوامل المعيارية للشخص الذي أمامنا، فإذا كان صاحب رؤية وذكاء وخبرة وصادقا تجاه الشخص الذي يتلقى منه النصيحة فقد يأخذ هذا الأخير بنصيحته. وقد يرفض تلك النصيحة أيضا عندما لا يقتنع بقدرات الشخص الذي يقدم له النصيحة. وربما يستطيع أن يتعامل مع التجربة ذاتها بطريقة أفضل.
ويقول "هناك عوامل أخرى تؤثر في تقبل النصيحة، أم عدم الأخذ بها، مثل العوامل الشخصية، أو الظرفية المختلفة بين هذا الطرف وذاك، فهناك مواقف تأتي في مرحلة ما، أو في حالة نفسية ما، أو ظرف ما، يرى الشخص فيه بأنه قادر على خوض التجربة وتحقيق النجاح فيها من دون اعتماده على تجارب ونصائح الآخرين".
ويضيف "المهم في الأمر أن هناك حالات عدم النضج المعرفي التي تجعل المتلقي يرفض النصيحة إذا جاءته من محترف مهنة، أو مرشد أو طبيب خبير، بسبب طغيان مشاعر هذا المتلقي على العقل والمنطق في لحظة معينة، فيتصور أنه أدرى من غيره بأموره الخاصة، فيحجم عن الأخذ بنصيحة الآخرين".
ويلفت الخمسيني أبوفهد، إلى أن الخبرة عامل مهم؛ فهي تُكسب النصيحة أهمية، وتعزز ثقة من لا خبرة له فيها، فيُقبل على العمل بها.
ويؤكد أن الخبرة مرهونة بأمور كثيرة؛ كالسن والانفتاح على الحياة والناس، والاستفادة من تجارب الآخرين، ومشاكلهم، وورؤاهم في الحياة في شتى ميادينها.
ويوافقه الرأي عدنان الطويل (43 عاما)، الذي يقول "الخبرة كلمة صغيرة، لكنها كبيرة بمضمونها. فمن خلال تجربتي الشخصية وغربتي تعاملت مع العديد من الأشخاص، وواجهت الكثير من المشاكل، وعانيت منها كثيرا. وقد زادني هذا خبرة استفدت منها في تعليم أبنائي، ونصحهم، تحسبا من تكرار الأخطاء التي وقعت فيها".
وتلفت الاختصاصية الأسرية والمرشدة التربوية، سناء أبوليل، إلى ضرورة الاستفادة من تجارب الآخرين، والإنسان الكيّس هو الذي يتعلم من غيره، ومن مواقف الآخرين في الحياة، فتجارب الآخرين قد تجنبه الوقوع في أخطاء كثيرة.
وتقول "الآباء قدوة لأبنائهم، فيمكن للأهل أن يوجهوا أبناءهم للأخذ بتجارب الآخرين، من خلال القصص الحياتية الواقعية الملموسة، وهنا يأتي الأسلوب في إيصال الفكرة والنصيحة بالطريقة التي تقنعهم وتساعدهم على تقبل هذه التجارب والاستفادة منها".
وتضيف "يجب أن ندرك مقياس "الصح والخطأ" في أخذ النصيحة، وهنا يأتي دور العقل الذي يحكم ويقيم. هناك أشخاص يظهرون النصيحة ويدعونها، وفي الوقت نفسه يخفون النوايا السيئة، بدافع الحقد أو الانتقام، أو النقد المغرض، نتيجة عقد النقص التي يعاني منها هؤلاء الذين يدّعون أنهم يفيدون غيرهم بتجاربهم".

muna.abusubeh@alghad.jo


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com