الاثنين، 18 مارس 2013

الملح "المشتبه به" الأول في التسبب بالتصلب اللويحي والتهاب المفاصل




عمان- سجلت مجموعة من الباحثين من خلال ثلاث دراسات أن تناول الكثير من الأطعمة المالحة قد يفضي إلى مضاعفات عديدة علاوة على رفعه لمستويات ضغط الدم. فهو قد يسهم في نشوء أمراض متعلقة بالمناعة الذاتية، وهي أمراض تنجم عن قيام جهاز المناعة بمهاجمة بعض من الجسم ظنا بأنه مادة مؤذية كالفيروسات، على سبيل المثال، وفق ما تناقلته مواقع عديدة، منها m.healthday.com و m.medlineplus.gov.
وقد أشارت تلك الدراسات الثلاث إلى أن الملح يعد مشتبها به من الدرجة الأولى بتسببه بالإصابة بمجموعة واسعة من أمراض المناعة الذاتية؛ منها التصلب اللويحي المتعدد والصدفية والتهاب المفاصل الروماتيزمي.
وقد دلت الزيادة الواضحة بإصابات التصلب اللويحي المتعدد والنوع الأول من السكري على أن العوامل البيئية، والتي تتضمن تناول الأطعمة المالحة بكثرة، هي المسؤولة عن هذه الزيادة، وليس العوامل الجينية.
وقد ذكر الدكتور ديفيد هافلر؛ وهو بروفيسور في علوم الأعصاب والمناعة في كلية طب جامعة ييل وأحد القائمين الرئيسيين على إحدى الدراسات، أن الغذاء يؤثر على جهاز المناعة بأساليب لم تكن معروفة من قبل.
ويذكر أن ما حث الباحثين على دراسة تأثيرات الملح كان بمحض الصدفة، فقد عثروا على حقيقة علمية تشير إلى أن من يتناولون طعامهم في محلات الوجبات السريعة كانت لديهم مستويات أعلى من الخلايا الالتهابية مقارنة بغيرهم. ويعرف الالتهاب هنا بأنه مجموعة من الأعراض التي تتضمن الانتفاخ والاحمرار والحرارة العالية في العضو أو الخلايا المصابة. أما الخلايا الالتهابية؛ فهي خلايا عادة ما يستخدمها جهاز المناعة لمحاربة البكتيريا والفيروس والفطريات والطفيليات المسببة للالتهابات. أما لدى مصابي أمراض المناعة الذاتية، فإن هذه الخلايا تحارب أنسجة سليمة في الجسم.
ففي دراسة هافلر الحديثة، والتي تعد واحدة من ثلاث أوراق تظهر أن الملح يقوم بزيادة تحفيز جهاز المناعة، قام الدكتور هافلر وفريقه بوضع مجموعة من الفئران على نظام غذائي غني بالملح. وقد أدى ذلك إلى قيام أجسام هذه الفئران بإنتاج خلايا محاربة للالتهابات، وذلك رغم عدم وجود جراثيم لتحاربها. وهذا ما يحدث لدى مصابي أمراض المناعة الذاتية، إذ يقوم الجسم عبر خلاياه المضادة للالتهاب بمحاربة أجزاء سليمة منه.
ويذكر أن الفئران الذين حصلوا على أغذية غنية بالملح أصيبوا بنوع شديد من التصلب اللويحي المتعدد، إلا أن ما يجري على الفئران ليس بالضرورة أن يجري على البشر.
وبالإضافة إلى بحث هافلر، فقد قام علماء باستكشاف كيفية قيام الجينات بتنظيم الاستجابات المناعية. كما وقام باحثون آخرون بالتركيز حول كيفية سيطرة شبكة من الجينات على المناعة الذاتية.
وبالفعل، فقد ساعدت الدراسات الثلاث، كل من زاوية مختلفة، على توضيح كيفية قيام الخلايا التائية المساعدة على مقاومة الأجسام المضادة helper T-cells بقيادة أمراض المناعة الذاتية عبر إنشاء أعراض التهابية. أما دور الملح في ذلك، فهو، على ما يبدو، حث انزيمات معينة على إنتاج الخلايا المذكورة، والتي تعمل بدورها على تصعيد الاستجابة المناعية.
ورغم أنه قد ظهر من خلال هذه الدراسات أن الملح يلعب دورا في أمراض المناعة الذاتية، إلا أن الباحثين يرون أن الأمر ليس بهذه البساطة. فقد أشار الدكتور هافلر إلى أن الملح عبارة عن جزء من مسببات هذه الأمراض، حيث إن هناك العديد من التنوعات الجينية التي تسهم في أمراض المناعة الذاتية، كما وأن هناك عوامل بيئية تسهم في ذلك أيضا. علاوة على ذلك، فإنه من غير المعروف إلى الآن ما هو مقدار الملح الذي يؤدي إلى تحفيز الاستجابة المناعية الذاتية.
أما ما يجب التأكيد عليه هنا، فهو أنه رغم تورط الملح بأمراض المناعة الذاتية، إلا أنه يلعب دورا مهما في تقوية جهاز المناعة، وهذا بحسبما ذكره الدكتور هافلر، لذلك، فالخطوة القادمة يجب أن تكون معرفة الحد الفاصل بين مضار الملح وفوائده.


ليما علي عبد
مساعدة صيدلاني وكاتبة تقارير طبية
lima1422@gmail.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com