الاثنين، 18 مارس 2013

الاهتمام بالآخرين يمنحنا حبهم واحترامهم


إنّ تعاملنا مع الآخرين، فن قائم على التدريب، وكلما زادت تجاربنا في الحياة زادت قدرتنا على حسن التعامل مع الآخر، وغالبا ما يقودنا الأسلوب الراقي في التعامل إلى كسب العديد من الصداقات التي تتميز بقوة ترابطها وبعمق المحبة المتبادلة بينها.
ولكي نستطيع إجادة هذا الفن، وحتى يصبح جزءا لا يتجزأ من شخصيتنا، فلا بد لنا أولا من التعرف على شخصيتنا والتعامل معها بموضوعية وصدق وصراحة، وأهم أمر يجب التركيز عليه في اكتشافنا لشخصيتنا هو مدى تقبلنا للآخر، وقدرتنا على الاهتمام بمن حولنا بدون أن يكون الهدف من ذلك المصلحة أو النفاق. فاهتمامنا بالآخرين لا بد من أن يكون نابعا من إنسانيتنا ومحبتنا لمساعدة من يحتاج لنا، والإنسان لا يمكنه العيش بمفرده في هذه الحياة، لذلك يحاول دائما أن يكوّن أكبر عدد من العلاقات التي تمنحه الشعور بالأمان، وتقدم له الحب الخالص والاهتمام.
وعندما يكون اهتمامنا بالآخرين اهتماما حقيقيا، يهدف إلى كسب قلوبهم واحترامهم، فإن ذلك بالطبع سيؤدي إلى التقارب الذي يزيد علاقاتنا عمقا وقوة، ويعطيها معنى وأهمية، وللتقارب صور عديدة تختلف من شخص لآخر، ولكن غالبا ما نسعى نحن للحصول على التقارب الشعوري، لأنه يعطينا إحساسا بالدفء والمشاركة والتفاهم.
فمن الجميل أن يشعر الإنسان بوجود أحد يقف إلى جانبه يشاركه همومه ويبادله مشاعر إنسانية راقية أساسها الحب والاحترام ولا يعنيه العدد بقدر ما يعنيه الأثر الذي يتركه ذلك الشعور القائم على مدى اهتمامنا بمن حولنا وتقاربنا منهم، وحتى نكون أشخاصا محبين لبعضنا البعض فعلينا أن نهتم بأدق التفاصيل التي تجعلنا أكثر قربا فالابتسامة الصادقة التي تخرج من القلب والمصافحة بحرارة والسؤال الدائم عن الآخرين كلها إشارات تصل إلينا لتخبرنا أن هناك أشخاصا يهتمون بنا، ولكن في بعض الأحيان قد تكون هذه الإشارات غير صادقة وتخفي خلفها كرها أو غيرة ولا تنبع تلك الإشارات إلا من قبل أشخاص يتقنون التمثيل، ويتظاهرون أنهم مهتمون بمعرفة أخبارنا ومهما كان التمثيل متقنا إلا أننا نستطيع أن نميز ما إذا كانت مشاعرهم صادقة أم غير صادقة واهتمامنا الحقيقي بالآخرين لا يقتصر على الابتسامة والمصافحة والسؤال الدائم فقط بل هناك أمور نتجاهلها رغم أهميتها كحفظنا لأسمائهم وتواريخ ميلادهم فتركيزنا على هذه الأمور البسيطة يخلق جوا من الألفة والمودة ويبني بيننا وبين الآخرين جسورا من التواصل.
ولأن الكلام هو الوسيلة الأولى التي تظهر مقدرتنا على التعامل مع الآخرين وتقبلهم وعدم الإساءة لهم، كون الكلمة لها أثر كبير على الإنسان فقد تؤدي إلى جرحه ومضايقته، فاللسان غالبا ما يكون هو المرآة التي تعكس ما في داخلنا، لذلك لا بد لنا من ضبط هذه الوسيلة لما لها من وقع كبير، فهي باستطاعتها أن تقرب الناس من بعضهم، وباستطاعتها أيضا أن تفرقهم، ولكي تبقى علاقاتنا أساسها الحب والاحترام وهدفها الأسمى الاهتمام، فمن الضروري أن نتقيد بشروط معينة أثناء تحدثنا مع الآخرين حتى لا ينفروا منّا.
وأول شرط ينبغي علينا أن نطبقه لنظهر اهتمامنا بكلام من يتحدث إلينا، وخاصة إذا كان هذا الشخص ممن نوليهم اهتماما كبيرا، فعلينا أن نستمع لكلامه بتركيز وتمعن، والتفكير بكل ما يقوله بجدية بدون تجاهل أو استهانة بأفكاره، لأن كل هذه التصرفات ستشعره بمدى اهتمامنا به، وبحجم الحب الذي نكنّه له، وإذا كان رأينا يختلف كليا عن رأي أولئك الأشخاص الذين نودهم ونحترمهم فليكون تعبيرنا عن ذلك بكل لطف ولباقة ولين، وهذا لا يعني أن نتعامل مع الأشخاص الذين لا تجمعنا بهم علاقات مودة ولا نخصهم باهتمامنا بأسلوب عدواني مبني على السخرية والاستهزاء، لسبب وحيد هو عدم اتفاقنا معهم في الآراء، ولكن الإنسان يسعى دائما لإرضاء الأشخاص الذين يعطيهم اهتمامه وتربطه بهم محبة عميقة حتى لو كان لا يتفق معهم بالآراء، لذلك تراه لينا رحب الصدر يتقبل آراءهم بهدوء، ولكي نجد أشخاصا يقدروننا ويهتمون بنا، فعلينا أن نحترم خصوصياتهم وأن لا نسألهم عن كل صغيرة وكبيرة في حياتهم، لأن ذلك بالتأكيد سيبعدهم عنّا، وسيكون سببا مهما في فقدنا لصداقات كثيرة، وحتى لا نقع في مثل هذه الأمور، يجب أن ندرك نقطة مهمة وهي أن هناك أشياء لا نستطيع البوح بها لأي أحد مهما كانت علاقتنا به قوية، فنحن دائما نفضل أن نحتفظ بجزء من أسرارنا لأنفسنا، ولا نسمح لأي إنسان أن يطلع عليها.
وتعاملنا مع الآخرين يكشف عمق المشاعر الإنسانية، التي تربطنا ببعضنا واهتمامنا الصادق بمن حولنا يجعلنا نحظى بمكانة مميزة عند أشخاص نحبهم ونهتم بهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com