الخميس، 28 مارس 2013

اللاذقية: جبالٌ تصلّي في البحر .. وأبجديةٌ اولى


صورة

محمد رفيع- لا يغرّها أنّ لها في البحر (رأسٌ بسيط..)، أو (شاطئٌ أزرق..). فهي تعرف أنّ مديحَ المدن كمديح النساء، وتعرف أيضاً أنّ الغواني (يغرّهن الثناء)، وهي ليست غانية.
لكنّ (لاذقية العرب..)، تمارسُ دلالها على نحو مختلف، فتُلقي على جبالها العالية وشاحَ (خَفَرها..)، من دون خوف. فالبحر هناك تكسر أمواجَه مرافئُ وخلجانٌ اعتادت هديرَه. وإن جُنَّ البحر يوماً، فليس له من اقدار سوى التكسّر على حوافّ جبال تسكنها النسور.
هناك، يُلقى البرُّ الشرقي على البحر سحرَه ببذخٍ فادح. فكرومُ العنب والزيتون، تُدفئ وحشة التراب، ولطالما حملت إلى مدن المتوسط الأخرى نبيذها وزيتها، ودفء ما انتجته حضارة إنسانها. ويكفيها انها منحت العالم أول حروف أبجدية أوغاريت المكتوبة.

*
حقائق:
-
تقع اللاذقية على الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، في الشمال الغربي لسوريا؛ ويحدّها من الغرب البحر الأبيض المتوسط، ومن الشمال البحر أيضًا، ومن الجنوب مجموعة من القرى والسهول الزراعيّة، تفصلها عن قبل مدينة جبلة، ومن الشرق تحدّها سلسلة جبال اللاذقية العالية، والتي تشكل حاجزًا طبيعيًا وتفصل المدينة عن سهل الغاب.
-
واللاذقية مدينة عربية سوريّة، هي الخامسة، من حيث عدد السكان، بعد مدن دمشق وحلب وحمص وحماة. تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط الشرقي، من خلال شبه جزيرة بحرية ، حيث تبعد عن العاصمة دمشق باتجاه الشمال الغربي نحواً من 385 كم تقريباً.
-
وهي المنفذ الأول لسوريا على البحر المتوسط، كما انّها الحاضنة لأكبر مرافئ البلاد السورية، ما أكسبها موقعًا تجاريًا فريدًا، وأغناها بالعديد من المرافق الحيوية والصناعية والتجاريّة، وهي مركز إداري لمحافظة اللاذقية. ويمتاز ساحلها بالجمع بين بيئتي الجبل والبحر، كما تحيط بها الغابات الكثيفة وشديدة الخضرة.
-
تبلغ مساحة المدينة حوالي 58 كم2، أما التجمّع الحضري فيها (أي المدينة وريفها) فيصل الى 108 كم² تقريباً.
-
وللاذقية مرفأ طبيعي متميز، ويحيط بها ريف غني وخصب، تنتشر فيه كروم العنب، منذ أقدم العصور. حيث كان يصنع منه النبيذ الذي يصدّر إلى معظم مدن المتوسط.
-
اللاذقية، او عروس الساحل السوري، يعود تأسيسها الى ما قبل الألف السابع قبل الميلاد. أما
 
التأسيس الثاني لها، فيعود الى عهد السلوقيين، في القرن االرابع قبل الميلاد. وقد حملت اسماء عديدة، اضافة الى اسمها الحالي، ومن هذه الاسماء اسم (راميتا). وهو الاسم الذي يعود اليه تاريخ انشاء مينائها، في فترة ازدهار (اوغاريت)، أي في العصر البرونزي الحديث.
-
ويرجع إنشاء اللاذقية إلى الفينيقيين، الذين كانوا يسيطرون على الساحل الشرقي للمتوسط. حيث كانت اللاذقية تابعة لـ»مملكة أوغاريت». أما الاغريق، فقد كانوا يسمونها «الرأس الأبيض».
-
وأصبحت المدينة تسمى بـ(لاوذكيّة أو لاوديسة)، تيّمناً باسم والدة الامبراطور السلوقي، وذلك في العصر الهيليني او السلوقي. حيث شكلت اتحاداً مع مدن (للسلوقية وانطاكية وافاميا).
-
تعرضت المدينة إلى زلازل مدمرة في أواخر القرن الخامس الميلادي واواسط القرن السادس. وسيطر عليها العرب المسلمون في العام 638م، الا ان البيزنطيين تمكّنوا من استعادتها بعد نحو ثلاثين عاماً. ثم استولى عليها السلاجقة في اواخر القرن الحادي عشر، ليعود الصليبيون (الفرنجة) بالاستيلاء عليها بعد نحو أحد عشر عاماً، ويلحقوها بولاية انطاكية.
-
في العام 1188م، نجح صلاح الدين في استرداد المدينة. ليستولي عليها الصليبيون ثانية في النصف الثاني من القرن الثالث عشر، ثم يستردها منهم السلطان قلاوون بعد نحو سبعة وعشرين عاماً. ومنذ القرون السادس عشر وحتى الحرب الكونية الأولى في القرن العشرين، ظلت اللاذقية جزءاً من الامبراطورية العثمانية.
-
وبعد الاحتلال الفرنسي لسورية، منح الفرنسيون منطقة اللاذقية حكما ذاتيا، الى ان تم ضم اجزاء سورية المبعثرة (دولتي العلويين والدروز) الى الدولة السورية في العام 1943.
-
تتراكب في مدينة اللاذقية حضارات كثيرة موغلة في القدم، وقدمت للبشرية اول اللغات المكتوبة في العالم، وهي اللغة الاوغاريتية.
-
من مينائها ومرفأها العتيق، نقلت المراكب والسفن إلى العالم: القمح والحرير، وزيت الزيتون والاواني، والنبيذ والزجاج، ترافقها ثقافة الشرق وسحره ولغته.
-
في مدينة اللاذقية القديمة، هنالك عدّة أحياء، منها؛ حي الصليبة، الفاروس،  الشيخ ضاهر،  المار تقلا، العوينة، القلعة، الطابيات، الكورنيش الجنوبي، والكورنيش الغربي وغيرها.
 -
شكلّت اللاذقية ومنذ القرون الأولى مركزًا هامًا للمسيحية، وتعود أقدم الكنائس المكتشفة إلى القرن الثالث.
 -
أما شبكة القطارات والسكك الحديدية، فإن اللاذقية تنطلق منها أكبر سكة قطارات في سوريا. فهي تبدأ من المدينة وتنتهي في القامشلي بعد أن تمر بكل من الحسكة ودير الزور والرقة ومدينة الثورة وحلب وادلب وغيرها من البلدات والمدن الفرعية؛ كذلك فإن سكة القطار الجنوبية التي تبدأ من درعا وتتجه نحو دمشق فحمص، تتفرع عند حمص شمالاً نحو حماه وحلب وغربًا نحو طرطوس واللاذقية.
-
متحف اللاذقية بني عام 1896 وكان اسمه (خان الدخان)، ثمّ أصبح مقرّ الحاكم الفرنسي خلال فترة الانتداب الفرنسي، قبل أن يصبح المتحف الوطني اليوم.
-
أدخلت العمارة الإغريقية ومن ثم الرومانية إلى المدينة في القرن الثالث قبل الميلاد، حيث أحيطت بسور يساعد على الدفاع عنها، كما شيّدت قلعة لم يبق منها شيء اليوم، إذ دمرها المماليك عام 1203. ولم تنل المدينة في العهد العثماني الكثير من الاهتمام.
-
في مطلع القرن التاسع عشر، عاش في اللاذقية الشيخ محمد المغربي وتوفي فيها عام 1828 ودفن فيها وأقيم فوق قبره الجامع الذي يحمل اليوم اسمه.
-
وميناء اللاذقية يحتوي على حوض يتمتع بحماية طبيعية كاسرة لامواج البحر. حيث تم توسيع هذا الحوض في القرن العشرين، وانشئت فيه ارصفة ومستودعات وصوامع للحبوب ومخازن حديثة وصالات وارصفة ركاب.
-
تحتوي مدينة اللاذقية على الكثير من المعالم الاثرية، منها: قوس النصر الكبير، اعمدة باخوس وهو إله الخمر والكرمة عند الرومان، مدينة ابن هانئ الاوغاريتية، ومدفن القبان، الذي يعود الى القرن الاول الميلادي، وغيرها الكثير.
-
اما اللاذقية كمنطقة، ففيها آثار اوغاريت وراميتا وقلعة صلاح الدين وغيرها. والى اللاذقية ينتمي عدد من المشاهير، منهم: عز الدين القسام، زكي الارسوزي، بدوي الجبل، وحنا مينه.. وغيرهم.

fafieh@yahoo.com

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com