الخميس، 21 مارس 2013

الأم تنفق حياتها في سبيل إسعاد أبنائها




منى أبو حمور
عمان- في عيد الأم.. انهالت دموع الفرح في عينَي السبعينية أمل الجالودي، التي أنفقت حياتها في تربية أبنائها، بعد وفاة زوجها، حتى تراهم وقد نهلوا من العلم ما يعلي شأنهم.
"ترملت وعمري خمسة وثلاثون عاما، ونذرت سنيّ عمري لأبنائي"، مشيرة إلى السنوات القاسية التي عاشتها في تربيتهم، والحفاظ عليهم، وإلى تلك اللحظات التي قضتها معهم بحلوها ومرها.
تشير الجالودي إلى فرحتها العارمة بنجاح أبنائها، ووصولهم إلى ما هم عليه الآن، مؤكدة فخرها واعتزازها بما حصدت يداها بعد تعب كل تلك السنوات.
"رؤية أبنائي ناجحين، وحبهم لي، أنسياني تعب السنوات الطويلة"، هكذا تصف أمل الجالودي فرحتها برؤيتهم حولها دائما، وشكرهم الدائم لها، مبينة أنهم وفي كل مرة يؤكدون أن ما وصلوا إليه كان بفضلها وحدها.
وتضيف أنه رغم اعتراف أبنائها المتواصل لها بفضلها عليهم، إلا أن احتفالهم بعيد الأم، لا يخلو من دموع الحب والعرفان بالجميل التي طالما عبّر عنها أبناؤها.
الثمانينية مريم العمد هي الأخرى إحدى الأمهات الناجحات التي، ورغم ضيق أحوالها المادية، إلا أنها استطاعت وبأناملها الذهبية أن تعمل في الزراعة والحصاد لتتمكن من جمع الأموال التي تمكنها من تعليم أبنائها، وتأمين مستقبلهم.
تقول "رغم كل الظروف القاسية، إلا أني استطعت أن أصنع شيئا لأبنائي"، لافتة إلى أن وجودهم إلى جانبها باستمرار، ورؤية أحفادها من حولها يعد بمثابة مكافأة لها، على تعب كل تلك السنين.
إن ما يسر قلب مريم هو تلك "اللمة" التي تجتمع فيها مع أبنائها وبناتها وأحفادها في عيد الأم، وقد أحضروا لها الحلوى والهدايا، حيث تغمرهم في تلك الليلة الفرحة، والضحك والافتخار بتلك الإنجازات التي استطاعت تلك الأم الرائعة تحقيقها.
ولا ينفك الأربعيني وليد جرار من استذكار تلك الليالي الطويلة، والسنين الصعبة التي قضتها والدته في تربيتهم، والسهر على راحتهم، لتراهم في النهاية أصحاب شأن وفي مراكز مرموقة.
ويذكر وليد دموع والدته التي كانت سرعان ما تنزل كلما رأت أحد أبنائها وقد حصل على علامة ممتازة، أو حتى تبوأ مركزا معينا، واصفا حمرة أجفانها التي أرهقها التعب، والسهر والدموع.
"عيد الأم وحده لا يكفي لرد جميل أمي علي"، لافتا إلى أنه وإخوته يعتبرون كل يوم يمر عليهم في حياتهم، وهم ينعمون بالنجاح، عيدا لأمهم، تستحق فيه التقدير والهدية والشكر.
في حين تصف العشرينية ميراس داوود، تلك الشقوق والتجاعيد التي تغطي يدي والدتها التي حكمت على سنين عمرها بالشقاء لتهنأ هي وأخواتها البنات، خصوصا بعد وفاة والدها.
وتضيف "لا يمر يوم بدون أن أدعو لها، وأقبل يديها"، مؤكدة أن تلك التجاعيد التي افترشت وجهها ما هي إلا أكبر دليل على قدسية تلك المرأة التي تستحق أن تكون كل أيامها أعياد.
الخمسينية فاطمة عبد، تحدت هي الأخرى عادات وتقاليد عائلتها، ورفضت ثقافة العيب، وعملت خمسة عشر عاما آذنة في إحدى المدارس بالقرب من بيتها، لتتمكن من تدريس بناتها وأبنائها في الجامعة، وتأمين مستقبلهم، مؤكدة أن رؤية الحب والتقدير في عيون أبنائها هي أجمل هدية يمكن أن تتلقاها منهم ومنهن في حياتها.
وفي المضمار النفسي، يشير اختصاصي علم النفس، الدكتور محمد الحباشنة، إلى "أن الحب الحقيقي غير المشروط هو حب الأم لأبنائها. فهي تعطي ولا تنتظر يوما أي مقابل منهم".
ويلفت الحباشنة إلى أن الأم، في المرحلة العمرية المتأخرة، تبدأ الأسئلة تجول في خاطرها، مستفسرة "هل أنا راضية عما أنجزته في الحياة؟"، فتأتي تلك الإجابة الشافية من الأبناء الذين هم الاستثمار الوحيد والحقيقي في حياتها.
ويضيف الحباشنة "أن شعور الأم بتقدير أبنائها لها، واعترافهم بالجميل والجهد الذي بذلته من أجلهم حتى يصلوا إلى ما هم عليه الآن، يشعرها بالفرح والفخر، بالإنجاز الذي وصلت إليه، بعد كل سنين التعب والشقاء".
ويردف "الأم لا تريد من الأبناء شيئا ماديا، بقدر ما ترغب في الأشياء المعنوية ذات الدلالة التي تشعرها بالتقدير وبتعلق الأبناء بها"، مؤكدا اهتمام الأم بتلك المشاعر الصادقة التي تصلها من أبنائها الذين يؤكدون لها وباستمرار مدى حبهم وشكرهم لها على ما قدمته لهم طوال حياتها.
ويرى الحباشنة أن احتفالية الأبناء ليست واحدة، تقام في عيد الأم مرة واحدة كل سنة، إنما هي احتفالية يومية، بالأم التي لم يتوقف جهدها وتعبها في سبيلهم، يوما واحدا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com