السبت، 30 يونيو 2012

الأطفال يزاحمون الكبار على الـ"فيسبوك"


مجد جابر

عمان- لموقع "فيسبوك"، جاذبية، الأمر الذي جعل الكبار يقضون أوقاتا طويلة على صفحاته، ويزاحمهم على ذلك الأطفال الصغار الذين بدؤوا يمارسون لعبة التحايل لحجز صفحاتهم على هذا الموقع "الساحر"، لا سيما أنهم يولدون ولديهم قدرات وطاقات ذهنية تشجعهم على زيادة معارفهم بكل ما هو جيد.
فالأربعيني عماد حامد، تفاجأ أثناء جلوسه في أحد الأيام على حسابه على "الفيسبوك"، بوجود حساب لابنه البالغ من العمر سبع سنوات، وظهر لديه كصديق مشترك، الأمر الذي أثار استغرابه، والدخول إلى صفحة ابنه وتفقدها.
وعندما فتح الصفحة وجد أن ابنه عمل على تغيير عمره إلى 22 عاما، ووضع صورة شاب كبير على أنها صورته، وهو يطلب الكثير من الصداقات من فتيات يكبرنه في العمر. 
"لم يتوقف الأمر على ذلك فقط، بل تفاجأت بوضع ابني العديد من الفيديوهات على صفحته، التي لا تتناسب مع عمره، وتجعله يشاهد أشياء هو في غنى عنها في هذه الفترة، وتدفعه لممارسة تصرفات بطريقة خاطئة"، وفق ما يقول.
هذا الأمر دفع حامد، لإبقاء حساب ابنه ومتابعته بشكل مستمر ومراقبته دون أن يعرف، حتى لا يمنعه، مبينا أنه يحاول تمرير الكثير من المعلومات له عن السلبيات التي قد يواجهها دون تحديد مصدرها.
الثلاثينية رانيا سعيد، كانت تعلم بإنشاء ابنتها ذات الـ 13 عاما، لحساب خاص على "الفيسبوك"، ولا تجد في ذلك ما يعيبها، لأنها تدرك أن ابنتها ملتزمة وبريئة جدا، ولا يمكن لها أن تقوم بممارسات خاطئة، ولكنها رغم كل ذلك، وحتى تطمئن أكثر على تصرفاتها تولدت لديها الرغبة للدخول إلى حسابها وتفقده.
وتقول "إن ما شاهدته جعلني أعيد النظر بإعطاء الحرية لابنتي، فقد وجدت بعض صديقاتها يقمن بوضع عبارات وكلمات نابية في حواراتهن وتعليقاتهن على الصور، وهي لا تليق بهن في مثل هذا العمر، عندها قررت منع ابنتي من فتح حساب خاص بها خوفا عليها من صديقاتها".
يبلغ عدد مستخدمي "الفيسبوك"، وبحسب الموقع العالمي المتخصص بإحصاءات المستخدمين، 172440 مستخدما من الفئة العمرية ما بين ( 13-15 عاما).
يتيح "الفيسبوك" للأطفال من سن 13 عاما وما فوق فتح حساب، وكذلك يضع للأطفال من ( 13 - 18 عاما)، خصوصية محددة على الحساب، بحيث لا يستطيعون الدخول على كل شيء، وفق ما يؤكد مستشار الإعلام الاجتماعي خالد الأحمد.
ولكن الوقائع لا تدل على ذلك، فالكثير من الأطفال يقومون بتزوير أعمارهم، وعمل حسابات لهم ليتمكنوا من الاطلاع على كافة الأشياء من فيديوهات وصور ومواقع وغيرها من الأمور التي تخص البالغين، محذرا الأحمد من اطلاع الأطفال على هذه المجالات في مثل هذا العمر، لأنه غير مناسب على الاطلاق ويعود عليهم باضرار سلبية.
ولا يجد الطفل زيد أحمد ( 14 عاما)، ما يمنع من عمل حساب على "الفيسبوك"، حتى لو أدى ذلك إلى التزوير، مبينا أنه في هذا العمر مع أصدقائه يعرفون أكثر بكثير عن الاجراءات التي توضع على "الفيسبوك"، وأن ما يرونه ليس بالشيء الغريب، لأنهم يتعاملون معها وربما أكثر من ذلك.
ويؤكد أنه في كثير من الأحيان يضطر إلى تغيير صورته، واستبدالها برسم لشاب كبير للتعامل مع الناس بأريحية أكثر، وحتى يتقبله الناس ولا يعتبرونه طفلا.
وينصح اختصاصي تربية الاطفال د.عماد الدين خضر، أولياء الأمور التماشي مع الواقع التقني والتطور العالمي في مجال العولمة، وأهمية اختيار العولمة الإيجابية، وكذلك محاولة تجنب سلبياتها، لافتا أن على رب الأسرة عندما يفتح ابنه حسابا على "الفيسبوك"، أن يكون شريكه من خلال صفحة أخرى يفتحها ليكون صديقا له، ويتعاون معه بأفكاره التي يتداولها.
ويرى أن على الوالد تحديد السلبيات التي يمكن أن تحدث، معتبرا أن المنع لن يفيد مطلقا، خصوصا أن الطفل يمكنه الدخول من أي موقع آخر على الفيسبوك الذي أصبح متوفرا في أي مكان.
ويحدد بعض التدابير لتحصين الأطفال وحمايتهم منها، التربية البيتية، التي يجب أن تكون مبنية على عدة أسس أهمها التربية الاخلاقية، وكذلك شعور الطفل بالاهتمام والمسؤولية داخل الأسرة، وعلى رب الأسرة تجنب أساليب النبذ والإهمال للطفل، وتوفير الحب والتقبل داخل الأسرة، واشعار الطفل بأهمية وجوده، والتواصل البناء معه.
كل هذه العوامل وفق خضر تعمل على حماية الطفل من نفسه، وأن تقديره لذاته يولد لديه الثقة بالنفس، عندها يمكن للطفل ملاحظة السلبيات الموجودة على الفيسبوك وتجنبها وحده.
ويعتبر الاختصاصي الأسري د. أحمد عبدالله، أن هذه القضايا إما أن تكون سلبية او ايجابية، ولا يمكن تحديدها الا بعد معرفة ما سيحدث بعد ذلك، مبينا أن فكرة عمل حساب على" الفيسبوك"، تعني أن للطفل وقتا خاصا للكمبيوتر، ولكنه يدعو إلى أهمية متابعة الطفل.
ويوضح أنه اذا كان هناك خطوات يتم ممارستها مثل تبادل الأفكار، التي تهم هذا السن أو التواصل مع المدرسات، ففي هذه الحالة يكون الأمر ايجابيا، إلا أن ما يحدث حاليا أن "الفيسبوك" بات خطرا على الكبار في العمر أيضا.
ولا يشجع عبدالله قيام الأطفال بذلك كون المواقع الاجتماعية من أدوات الجذب للأطفال، لما تحويه من معلومات وصور، وأن الخوف يكمن في أن يبتعد الطفل عن طريقة التعلم الطبيعية الموجودة ضمن بيئته.
ويؤكد أن المسؤولية تقع على الأهل في كيفية تقديمهم الأدوات للطفل، خصوصا أن "الفيسبوك"، قد يعرضهم لأشياء أكبر من عمرهم، وليست في وقتها الصحيح وتشكل لهم مفاهيم خاطئة.

majd.jaber@alghad.jo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com