الخميس، 21 يونيو 2012

للآباء في عيدهم .. زمان أولادكم ليس مثل زمانكم !

صورة

وليد سليمان - كما ان هناك عيدا للام؛ بدأت المجتمعات العربية تهتم بقدومه احتفالا بفضلها الكبير على ابنائها وبناتها، من خلال تربيتهم ورعايتهم والعطف عليهم منذ صغرهم حتى الكبر, ظهر منذ سنوات قليلة عيد آخر هو «عيد الاب» و يصادف الاحتفاء به تاريخ 21 حزيران في كل من الاردن وسوريا ولبنان ومصر وبعض الدول الاجنبية الاخرى.. رغم ان دولا اخرى تحتفل بهذا اليوم بتواريخ اخرى مختلفة! 

 أصل العيد
جذور الاحتفال بيوم الاب، بدأت منذ حوالي 4 الاف عام في منطقة بلاد ما بين النهرين (العراق) فقد تمنى شاب لوالده الصحة والعافية والعمر المديد لانه يحبه كثيرا ويهتم بشؤونه دائما.. فقد كتب الابن رسالة محبة لابيه على لوح من الطين وأهداه لوالده! 
وفي العام 1910 كانت احدى السيدات الاميركيات تحضر خطبة عيد الام في احدى الاماكن ،السيدة يتيمة الام.. فتذكرت والدها العظيم الذي رباها وهي طفلة صغيرة جدا ولم تعرف امها بعد، واخلاص الاب في رعايته لها واخوتها الاخرين الخمسة، وقد أسبغ عليهم كل حنان وعطف ومحبة، مضحيا بوقته وسعادته لأجل أبنائه.. وحينئذ خطرت لتلك السيدة فكرة «لماذا لا نكرم الآباء كذلك» مثل ابي الوفي..؟.
واختارت الاحتفال لاول مرة بعيد الاب في حزيران حتى عمّت الفكرة بعد سنوات اميركا واوروبا.
وفي جولة «ابواب -الرأي» لاستطلاع بعض آراء الأباء ،حول شخصية الاب الماضي والحاضر, وهل ما زالت اهمية وقيمة الاب كبيرتان، كما كانت وهل اختلفت النظرة للاب؟!.
 ..ما هي الاسباب والمتغيرات التي طرأت ،ايجابية او سلبية في مجتمعنا الاردني الذي ما زال مهتما بقيمة ومفهوم العلاقات القوية بين افراد الاسرة جميعها ؟.

 احترام الاب
«احمد ابو الريش» ، رجل عائلة مسن عمره 65 سنة قال: لا شك ان احترام الاب قديما كان اكثر من هذه الايام، كما ان المعلم كان احترامه من الطلاب والمجتمع اكثر سابقا من وقتنا الحاضر.. فكل شيء في الزمن القديم كان التقدير له اكثر واجمل.. وربما مرد تراجع الاحترام والتقدير هو المستجدات والتطورات الحديثة التي تفشت بين شباب وشابات المجتمع الاردني من الانترنت والتلفاز والمسلسلات التركية, وغير ذلك والتي يلاحظ فيها تفكك الاسر وقلة احترام الام والاب. حتى العزاء في ايامنا نلاحظ الناس فيه وهم يتحدثون في مشاكلهم واشغالهم وضحكات بعضهم.. فاين ذهب الاحترام لبيوت العزاء وللموتى في تلك اللحظات؟!
فقديما كان الولد لا يجرؤ على رفع رأسه امام ابيه، او حتى اخيه الكبير احتراما وهيبة, ومع ذلك فانني اؤكد ان احترام الاب فرض وواجب ديني واخلاقي، في كل وقت ولحظة وحتى لو كان الاب متوفى.. يجب تذكره بالرحمة والغفران.

كلنا نحترم بعضنا
«غالب جريس» وعمره 63 سنة لفت الى ان علاقتي مع والده، فيها الاحترام والمحبة المتبادلة منذ صغري, وكذلك علاقتي مع اولادي وافراد اسرتي جميعا.. فكلنا نقدر بعضنا بعضا.. احترم ابنائي وهم يحترمونني وامهم كذلك.. فالكلمة الطيبة والاشارة الحسنة واجبة من الاب لاولاده منذ الصغر.. فلو اردت كأس ماء فالاسلوب المثالي هو اللطف: لو سمحت يا بني او يا بنيتي كأس ماء!! ولا يكون الطلب بخشونة او عصبية.. لان هذه المعاملة مهما كانت سوف يرثونها ثم يورثونها لابنائهم في المستقبل.
ومع الاسف الاحظ احيانا في المجتمع بعض الابناء الذين يكسرون حاجز الوقار حيث يمسك الشاب السيجارة ويعزم على والده!! او أحد الابناء الشباب يقول لوالده بكل أسف: روح انت ختيار مخرفن.. وهذا عيب كبير وهو ضد كل تعاليم الاديان والاخلاق الحميدة.
اما عن مناسبة عيد الاب فانا اعتقد انها بدعة لا لزوم لها.. لاننا يجب ان نحترم ونوقر الاب والام طوال الايام والسنين واللحظات, وليس في ذلك اليوم فقط!.

 بعيدا عن الانانية
«عامر المناصير» وعمره 30 سنة قال: لست ابا حتى الان، ولكن رأيي هو في وصف المجتمع القائم ،الذي اسقط معايير الاب القديمة.. فالاباء الان وفي حالات ربما قليلة يربون اولادهم على الانانية والفردية.. بعيدا عن قيم الصدق والوفاء والاخلاص.. وربما ان ظروف الحياة المادية القاهرة تتطلب ذلك.. وهذا خطأ كبير.. بدل ان يربوا اولادهم على التعاون والمشاركة وحب الاخرين ولا يمنع ذلك حب الذات ايضا!.
ومثلما يكون الاب يكون الابن في المستقبل.
وعلى الاباء في عصرنا الحاضر ان يشجعوا اولادهم على حب طلب العلم والمعرفة والتعامل مع التقنيات الحديثة مع احترام الاخرين وآرائهم ومعتقداتهم.

 الاباء نوعان
«نبيل صالح شقير» وعمره 62 عاما صمت قليلا ،ثم اشار الى ان الاباء قديما كانوا نوعين، الاب الحنون كأنه الاخ والصديق , والاب الفظ قاسي القلب..
واضاف: اما عن نفسي فقد كانت علاقتي مع والدي علاقة صداقة, وعملت معه في المحل نفسه, وتشربت اخلاقه وعاداته وسلوكياته الطيبة.. فكان نعم الاب والموجه والتربوي.. وربما كان مرجع ذلك ان أبي تربى في بيئة اسرية متماسكة فيها عناصر المودة والرحمة وصلة القربى.. وعلى الام ان تتساعد مع الاب في تربية الأولاد لا أن تدلع اولادها كثيرا وتخفي ذلك عن أعين الاب الغائب في عمله طوال اليوم.
فالاب القاسي الان غير مرغوب فمعاملته تدب الرعب في نفوس افراد العائلة وربما يكرهه افراد الاسرة, والاب الرخو في التربية ايضا ملوم على ذلك.. نريد الاب المثقف الوسطي الذي يربي اولاده بطرق مباشرة لينة وغير مباشرة, ويغرس في نفوس ابنائه المحبة والاحترام والاعتماد على النفس منذ الصغر.
وافضل تسمية لعيد الاب الان ان نسميه عيد الاسرة مع عيد الام كذلك.

كالنقش في الحجر
«آرام توتنجيان» وعمره 75 سنة تذكر مقولة : العلم في الصغر كالنقش في الحجر, فمثلما تربي الابن وهو صغير يصبح ابا حنونا او طائشا او قاسيا.. فالمهم تربية الابناء الجيدة منذ الصغر.. ولكن مع تقدم الحياة والتطورات الاقتصادية والاجتماعية يحصل ان تتبدل بعض العادات والقيم مثل الاحترام الزائد للاب.. ربما يخف قليلا بسبب اشغال ومتطلبات الحياة.. 

يارضا الله و رضا الوالدين
«حسن علي البير» 67 سنة يقول: كل يوم ولدى مغادرتي البيت صباحا للعمل ادعو: يا الله يا رزاق يا كريم ويا رضا الله ورضا الوالدين.. رغم انهما توفيا سابقا.. ما زلت كلما تذكرت والدي ابكي عليه, لقد كان لي صديقا.. ويحسن معاملتي دائما من خلال الود والمحبة والتقدير, وانا كذلك ايضا.. ولقد كانت الظروف قديما صعبة من ناحية المعيشة ومع كل ذلك كنت اساعد والدي واعمل واعيل الاسرة معه, ولم اكن اتذمر يوما ابدا من ذلك.. اليوم الابناء يريدون ان يشبوا في الحياة وفي افواههم ملاعق من ذهب دون تعب! 

 احترام بالقدوة
 من جهته يرى «سهيل العبوشي» 50 عاما ان :» احترام الاب يكون بالقدوة.. فاذا لاحظ الابن كيف يعامل والده اباه وامه أي جده وجدته فانه سوف يعامل بالمثل والده وامه واولاده عندما يكبر.. واذكر انني لم اكن ارفض أي طلب من والدي مهما كان حتى ولو كنت متعبا من العمل.. فاحترام الوالد مقدس. اما تربية الابناء فانها تحتاج الى جهد ومتابعة في البيت, وكذلك ملاحظة من هم اصدقاء اولادك!! ويجب الا يكونوا من رفقاء السوء فانهم يؤثرون على الولد وعلى احترامه لوالده ايضا مع الايام.. وعلى الام المشاركة والمساعدة في تربية وتنشئة الاولاد والا تقف في وجه تعليمات وارشادات الاب الجيدة لاولاده كأن تقول له: زمان اولادك ليس مثل زمانك!! دعهم على راحتهم».

البحث عن الخال
صبحي العاشوري 75 سنة المح الى ان : كما تزرع تحصد.. فالاب كان يعمل كل جهده وحياته حتى يربي وينشئ اولاده نشأة رائعة كي يعتز ويفتخر بهم امام الناس.
واضاف :لكن الامر الان اختلف، فكل شيء جاهز للابن ولا يريد ان يشعر مع والده.. فهو يريد الخلوي والانترنت.. وزمان كان الناس عند الزواج يبحثون عن الخال والعم للعريس والعروس.. الان مع الاسف نبحث كم عند العريس او العروس من اموال وعمارات!.

 ثقافة الاب
«محمد اللحلوح» 55 عاما يقول: الام لها دور كبير في احترام الاب, فهي تفرض ذلك على الابن والابنة او العكس وقديما كانت تطلب كل عدة ايام ان يصطف الابناء لتقبيل يد الوالد احتراما.
والاب في هذه الايام ، يدلع ابناءه لدرجة عدم الاعتماد على النفس، فهو يخاف على ابنه الشاب الكبير ان يسافر وحده مثلا الى اربد؟! وهذا خطأ كبير في التربية والحرص الزائد.
وكان الاباء قديما كلمتهم لا تنزل الارض كما يقولون: فاذا طلب من ابنه المتزوج ان يطلق امرأته ودون سبب فانه لا يستطيع ان يرفض ذلك.
 
لا ارفض له طلبا
«عمر السوفاني» 30 سنة يقول: احترام الاب مفروض وواجب على كل انسان.. فاذا اردت ان ازوج ابنتي فانني لا بد ان اسأل عن علاقة الشاب مع والديه.. فان كانت طيبة فانني سوف اوافق بلا تردد، وذات مرة مرض والدي ولزم المستشفى فرجعت للبيت ابكي بشدة بسبب حبي العميق لوالدي فالوالد لا يعوض.

 متغيرات الحياة
«احمد الكورة» 45 عاما قال: هناك طفرات ومتغيرات في الحياة.. ولكن الاساس واحد في الماضي والحاضر وهو الناحية الاخلاقية والناحية الدينية فاذا كانت موجودة فانه لا اختلاف في تقييم دور الاب ومكانته في الاسرة والمجتمع.
ولكن قديما كانت الظروف مغلقة فالابن يحترم والده ويخاف منه, اما الان فان ابني يحترمني ولا يخاف مني.. وذلك بسبب التقدم والوعي.. فالاب الديمقراطي يناقش ابنه ويقنعه برأيه.. دون فرض رأي ولا ترهيب. 

 الذهاب للسينما
«محمد خير ابو كلام» 55 عاما يقول: ان وسائل الاتصال الحديثة غيرت المجتمع في بعض عاداته وتقاليده وقيمه كذلك.. ومع ذلك فان احترام الاب موجود.. ولكن التقدير ضعف.. فسماع كلام الاب اصبح غير مأخوذ به دائما.. لان الابن حديثا صار له رأي وأفق ومعرفة واسعة ربما تكون اكبر من معرفة وثقافة الاب!!
والاباء قديما كانوا شديدي التعامل, وبعضهم لديه قسوة وخشونة.. فاذا كنا نتأخر خارج المنزل بعد الساعة (8) مساء فهذا مرفوض وربما يكون مصير الشاب منا النوم على سطح الدار!!
والابن الان لديه الاصدقاء ومبارياته والكوفي شوب.. الخ ولا تستطيع ان تشد عليه كثيرا حتى لا تخسره.
وايام زمان لم نكن نبدي رأيا في الحذاء الذي يشتريه لنا الوالد ولا في بنطلون العيد .. الخ. 

جذور الاحتفال بيوم الاب.. بدأت منذ حوالي 4 الاف عام في بلاد ما بين النهرين (العراق) فقد تمنى شاب لوالده الصحة والعافية والعمر المديد لانه يحبه كثيرا ويهتم بشؤونه دائما.. فقد كتب الابن رسالة محبة لابيه على لوح من الطين وأهداه لوالده!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com