السبت، 30 يونيو 2012

روح الدعابة تنتشر بين المواطنين عبر الـ"فيسبوك" للسخرية من الواقع


منى أبوحمور

عمان- ازدادت العبارات التي تحمل روح الدعابة و"النكتة"، على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا، والتي تنتقد الواقع المعيشي للشعب الاردني في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تعبر عن احتقان الشارع للواقع الأليم ورفضه لبعض القرارات، والتخفيف من معاناة الناس، واثارة فضول المسؤولين ولفت نظر لما يمس حياة المواطنين.
وتعالت ضحكات الشباب وهم يتحلقون حول طاولة في أحد مقاهي الإنترنت، التي يرتادها العشريني محمد الكياز عند قراءتهم لبعض النكات التي وضعت على المواقع الالكترونية، والتي تعبر عن نقد الناس وسخريتهم من الأوضاع التي آلت لها الحياة مؤخرا.
وتفاوتت هذه النكات، وفق الكياز، بين رفض الناس لارتفاع سعر البنزين، مثل" بابا بدو يأخدنا إلى مكان اليوم كتير حلو اسمه كازية"، 
لافتا إلى أن الضحك والنكات بات الأمر "الأسهل والأسلم" للتعبير عن الرفض، خصوصا "أنه لا يوجد مادة تنص على تحريم التنكات أو أن هناك عقوبة للضحك" كما يقول.
ويضع الثلاثيني خالد الزعبي على صفحته رسما كاريكاتوريا، بتعليق يقول:"عزيزتي الشمس، شو رأيك لو تفوتي على البيت بالمرة"، برفقة خبر ارتفاع درجات الحرارة عن معدلها في الأيام المقبلة، كتعبير عما تسببه الحرارة من ضجر من جهة، وقلة حيلتهم بسب ارتفاع فاتورة الكهرباء من جهة أخرى، والتي يصفها بأنها تعتبر أشد لهيبا من أشعة الشمس.
يردد البعض كلمة "آمين" تحت الدعاء الذي وضعه الثلاثيني محمد القيسي، ردا منهم وبصورة عفوية على ما يدور في الآونة الأخيرة من ارتفاع في الأسعار، وتخبط في الوضع العام.
"يا الله يا حنان، يا منان، خفف عنا حر الدنيا والآخرة، خفف عنا يا رب غلاء الأسعار، والحمدلله على كل بلوى ويكفينا بلوى غلاء الأسعار الحالي، ولا اعتراض على ما ابتلينا به، فهو من عمل ايدينا وسكوتنا على الفاسدين".
اختصاصي علم الاجتماع في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين، يرى أن النكتة هي معادل تعبيري لما يدور بدواخل مطلقيها من سخرية، وتختلف انتشار هذه الوسيلة التفاعلية المكثفة للمعنى أو الرسالة المراد إيصالها من مجتمع لآخر وفق ثقافة ذلك المجتمع.
ويقول "لقد وفدت الدعابة للمجتمع الأردني من عمق المعاناة والألم، فأصبحت النكتة تدل على الموقف الاجتماعي الذي لا يتطلب دفع الثمن مقابله، خصوصا السياسية منها".
ويلجأ البعض، وفق محادين، للمراوغة في تسمية الأشياء بأسمائها في أي مؤشر من مؤشرات الحياة اليومية وخطابها الضاغط بالشؤون الحياتية سواء كانت اقتصادية أو سياسية.
ويشير إلى أن السياسيين عادة هم المستهدفون بالقسط الأكبر من النكات، كونهم يصنعون القرار، وهم جاذبون بحكم مواقعهم كأشخاص عاميين، لافتا إلى أن اللجوء لاستخدام النكتة كنوع من النقد، وعدم الرضا عن الأوضاع السائدة، يأتي لعدم قدرتهم على النقد المباشر. 
ويبين محادين أن الأردنيين مع اختلاطهم بالأشقاء العرب، خصوصا المصريين في الخارج والداخل تأثروا كثيرا بمنطق السخرية، والنقد اللاذع، رغم أن الأردنيين وبحكم الموروث الثقافي لا يميلون إلى الدعابة أو النكات أو حتى الضحك لاعتقاد مفاده "أن كثر الضحك يقلل الهيبة".
من جهته يؤكد اختصاصي علم النفس الدكتور أحمد الشيخ، أن الإنسان عندما يبدأ بالضحك عند تعرضه لأمر أو ظرف يضايقه، فإنه بذلك يخفف من أثر هذا الظرف عليه.
ويقول "نحن نبدأ بتحقيق التوازن النفسي من خلال الخبرات السابقة، حيث تقدم النكتة وظيفة تفريغية تعبيرية، أي أنها تقدم طريقة مناسبة لتفريغ الإحباط بصورة منافية له".
إن إطلاق النكتة، وفق الشيخ، حالة لتفريغ الاحباط من خلال الضحك والسخرية، خصوصا عند اشتراك عدد من الأشخاص فيها، إذ تقال في إطار اجتماعي يجعل الأشخاص يتوحدون بانفعالهم ورفضهم للموضوع عن طريق الضحك، مؤكدا أن مشاركة الآخرين بالاحباط يخفف من وطأته.
ويفسر الشيخ أن الأشخاص عادة يحاولون توسعة مشاركة الإحباط، فكلما زادت دائرة الأشخاص خفف ذلك من وطأة الهموم.
ويقول "تعد النكتة وظيفة نفسية دفاعية يلجأ إليها الشخص عندما يفقد سبل التواصل المباشر مع الاحباط، فتجده يهرب للتعامل مع أسلوب آخر، خصوصا مع الأمور التي تكون خارجة عن إرادته وقدرته، عندها يحول الاحباط إلى نكتة يعبر فيها عن رفضه لذلك الهم بالضحك، كوسيلة دفاعية مثل ارتفاع الأسعار".

muna.abuhammour@alghad.jo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com