الخميس، 28 يونيو 2012

التنازل فن لا يتقنه كل الأزواج


ديما محبوبه

عمان- توصي الأم ابنتها قبل الزفاف بعدم التنازل عن حقها، بالمقابل فإن والدة الزوج تقوم بنفس الفعل تجاه ابنها، بالتشدد بمواقفه وعدم التنازل عنها مهما كلفت الأمور، عندها يبدأ الصراع الذي ربما لا ينتهي، إلا بأن يدرك كل طرف أن التنازل بين الزوجين، هو الطريق الأكيد لكسب عقل الزوجين قبل قلبهما، وهو أداة لكسب الحب والمودة والرحمة والاستمرار بهما.
فالتنازل هو فن لا يعرفه كثيرون، كما وصفه الخبراء، حيث تؤكد المختصة في الشؤون الأسرية د. نجوى عارف، "ان فن التنازل يعني أن تتعامل مع الطرف الآخر بأسلوب بين المد والجزر، أي وضع خطوط فاصلة لحياة الزوجين، منذ بدايتها، ولا بد أن يخبر كل طرف بخصوصياته وبسلبياته التي يكرهها، وفي وقت الضيق والشجار لا بد من التنازل بين الطرفين حتى يسير المركب".
ولم تشكك العشرينية لما السعيد، المتزوجة منذ عامين بأنها، لا تعلم ما الطرق الفضلى للحد من المشاجرات، أو القيام بما يسمى التنازلات بين الزوجين.
وتعتقد أن عدم تقديم التنازلات من قبلها ومن قبل زوجها، سيؤدي إلى طريق مسدودة في اكمال العلاقة الزوجية، ما يجعلها تفكر كثيرا، وتسعى لضبط أعصابها أثناء المشاحنات.
تكشف دراسة علمية أجرتها جامعة "أوهايو" الأميركية حديثا، أن الاستمرار في علاقة زوجية مليئة بالمشاحنات، يؤثر سلبا على هرمونات الزوجين، الأمر الذي ينعكس مباشرة على صحة وسلامة الطرفين‏. 
وتشير الدراسة إلى أن الأكثر حساسية في العلاقات الزوجية تكون تجاه الألفاظ والأحداث السلبية، ما يؤثر على قدرة الزوجين على الاحتمال والاستمرار في محاولة نجاح وإنقاذ العلاقة بينهما.‏
يرى الخمسيني (أبو كارم)، أن الزواج الناجح، يعتمد على المحبة والاحترام والتنازلات، مقرا بوجود مشاجرات بين الطرفين،"وهذا لا يعني نهاية العالم، لأن الزوجين يتمنيان البحث عن حلول لمشاكلهما، حيث يكون التنازل، أحد أهم الحلول واختصار المشاحنات بينهما"، وفق ما يقول.
ويعتبر أن الحياة الزوجية، هي تمازج بين الحب والمودة والرحمة من جهة، وبين تضارب الأفكار والرغبات من جهة أخرى، معتقدا أن التنازل بين الزوجين، خطوة للوصول إلى الحياة الزوجية المتكاملة نوعا ما، فبعد الحوار والمناقشة بين الزوجين، لا بد من الوصول إلى حل وسطي بينهما والتقارب بين الأفكار.
ولكن وبحسب ما يرى فإنه في حال وجود اختلاف كلي بين الزوجين، فإن عليهما الجلوس والنقاش والمحاورة، في ظل فقه الخلاف والاستيعاب الزوجي، ليتوصلا إلى الحل الأمثل، بأن يطرح كل طرف فكرته للآخر. 
والتنازل لا يعني الرضوخ، فهو يأتي بعد اقتناع أي طرف بوجهة نظر الآخر المخالفة لوجهة نظره، ويكون بالوصول إلى تقارب في الأفكار بين الطرفين، وفق ما يجد الأسري د.فتحي طعامنة، الذي يؤكد أنه مع تقدم الزمن تصبح الآراء متقاربة نتيجة لفهم كل منهما للآخر. 
أما برأي اختصاصي علم الاجتماع د. محمد الجريبيع، مدير مركز الثريا للدراسات، فإنه في حال تصحرت الأجواء، ووصل النقاش إلى طريق مسدودة، ولا تنازل ولا مناص، فلا مانع من الاستعانة، بمن يجدهم الانسان من أهل الرأي والمعرفة من الأصدقاء، أو الأهل، أو أحد الخبراء.
لكن الأهم، كما يقول الجريبيع، لإيجاد بيئة اجتماعية وأسرية صالحة، لا من العمل على تعلم فن التنازل لأهميته في إيجاد تربة صالحة، يتربى فيها الأبناء، ومن قبلهم يسعد بها الأزواج.
ويؤكد أن التنازل يجب أن يكون من قبل الطرفين، حتى لا يشعر الطرف الآخر، بالظلم وامتهان الكرامة، أو أن تنازله يجعل الأمور معقدة تماما، وتذهب بالحياة الأسرية والزوجية إلى منطقة مظلمة.
وبحسب رأي الاختصاصية عارف، فإن هناك أشخاصا لا يعرفون التنازل، واصفة الزوجين وكأنهما عدوان في معركة، فتجد أن عدم تنازلهما يفضي إلى العناد وأن كلمة الواحد هي الحاسمة ولا تنازل عنها.
بالرغم من أن التنازل عن بعض القناعات، وفق عارف، أو الأفكار بين الزوجين، ما لم تمس الثوابت، شيء لا بد منه، إذا كان سيصل بالأسرة إلى بر الأمان، ويساعد في بناء أسرة متحابة.
ومن الأمور الأخرى التي تجعل الزوجين لا يرضيان بالتنازل وفق عارف، هو عدم النضج الفكري أو العاطفي، لأحد الزوجين، وهذا يدل بكل وضوح على غياب الثقافة أو الفقه للحياة الزوجية، كما أن تسلط الزوج أو الزوجة، حيث يفرض الواحد رأيه على الآخر، يجعلهما بعيدين عن التفاهم وغياب مبدأ الشورى بينهما، مبينة أن عدم التكيف مع الزوج والشعور باختلاف الطباع، يولد العناد وعدم التنازل.
وتؤكد عارف أن الشعور بالنقص يجعل الزوج أو الزوجة، يعوض عن ذلك بالتمسك برأيه وعدم التنازل عنه، لافتة إلى أن هناك ازواجا يتمسكون بعدم التنازل كتقليد لذويهم.
أما التربوية رولا أبو بكر، فتبين أن التنازل يُعلم منذ الطفولة بين الإخوة، وهو طريقة جيدة لإظهار قوة الشخص، فمن يتعامل بمرونة وروح إيجابية، ويسعى لإيجاد الحلول هو شخص متصالح مع ذاته، ويسعى للعيش بطريقة جميلة.
وتجد أنه يمكن علاج حالة العناد، والوصول إلى الحب الكبير، من خلال التمسك بمفاهيم البذل في الحياة، بما فيها من فرح وسعادة، معتبرة أن الزوج يشعر بفرح أكبر، إن علم أن تمتع زوجته بالحياة؛ يعطيها فرحا أكبر أو العكس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com