الثلاثاء، 20 مارس 2012

برامج ومسلسلات كرتونية تزرع العنف في نفوس الأطفال


ديما محبوبه

عمان- أطفال في عمر الورود يقضون ساعات طويلة يشاهدون خلالها برامج تلفزيونية وأفلام كرتون تضم الكثير من مشاهد العنف والقتال الذي يؤثر على سلوكياتهم وتصرفاتهم حاليا وفي المستقبل، وتجعل بعضهم يقلدون ما يشاهدونه على أرض الواقع.
خبراء ومختصون يحذرون من مشاهد العنف التي تعرض ضمن البرامج المخصصة للأطفال، لافتين إلى أن الأطفال ضمن الفئة العمرية من سنتين إلى خمس سنوات، والذين يشاهدون العنف عبر التلفاز، لمدة ساعة يوميا، تزداد العدوانية وتشتد لديهم في مرحلة لاحقة من طفولتهم.
ويضيف خبراء أن ذلك يتطلب من وسائل الإعلام نفسها، القيام بمبادرات لحماية الأطفال من العنف، وأي إساءات موجهة إليهم، والتركيز على برامج  تحمل روح المحبة وتعزز من التعاون وعمل الخير، وتؤسس للمبادئ الجميلة.
الثلاثينية أم امير أصيبت بحالة من الذعر، وهي ترى ابنها أمير، البالغ من العمر خمسة أعوام، يحاول خنق أخيه الصغير، متقمصا مشهد أحد أبطال الكارتون في برنامج تلفزيوني، يثير العنف في نفوس الأطفال.
تقول "لم اتحمل هذا المشهد، وركضت وأنا أصرخ بأعلى صوتي، لاخلص ابني الصغير من يد أخيه الاكبر، وحينما سألته عن فعلته هذه اعلمني بأن ما فعله شاهده في أحد أفلام الكرتون العنيفة".
وتبين أن هذه الحادثة دفعتها لمنع أطفالها من مشاهدة كل ما يتعلق ببرامج الأطفال، رغم معرفتها أن ذلك ليس هو الحل، داعية لحماية الأطفال من العنف الذي يبث على القنوات الفضائية، ومساعدتهم على إنشاء جيل مستنير، يتحلى بالأخلاق الحسنة البعيدة عن الكره والحقد والقتل والعنف.
ولا تعرف أمل العزام، وهي أم لثلاثة أطفال، كيف تحمي أطفالها من مشاهد العنف في برامج التلفزيون، وخاصة أن لديهم هوسا في متابعة برامج الكرتون التي ترى أنها قاسية بحقهم، بعكس ما كان يبث في السابق من برامج وأفلام تركز على الأخلاق الحميدة، وعلى الاقتداء بالأهل وحب الأم والأب والأخ.
وتحذر التربوية رولا أبو بكر من البرامج التي تسيء للأطفال، لأنهم في أعمار صغيرة، ولا يستطيعون التمييز بين الخيال والواقع، ويحتاجون إلى توجيه دائم بعيدا عن تعلم  العنف من أفلام الرسوم المتحركة".
 وتعطي أبو بكر مثالا على مشهد يتم فيه تدمير رأس شخص في فيلم للرسوم المتحركة، وبعد ثوان قليلة يعود سليما، فيضحك الأطفال على ذلك، عندها يعتقدون بالفعل أنه ليست هناك عواقب خطيرة من ضرب شخص ما في رأسه، وهو بالطبع أمر غير صحيح في عالم الواقع. 
وتؤكد أبو بكر وبحسب العديد من الدراسات أن تأثير مسلسلات الكرتون على الأطفال، يكون تراكميا، أي لا يظهر هذا التأثير من متابعة هذه البرامج مدة شهر أو شهرين، فالتأثير يكون نتيجة تراكمات يومية، تؤدي إلى نتائج عظيمة، مثل ما يحدث في المسلسلات التي تعرض كما كبيرا من العنف والخيال والسحر ونسف المبادئ بأسلوب غير مباشر كما في مسلسل( البوكيمون)، وهناك مسلسلات تكون فيها أساليب الانتقام وتعلم السرقة وكل ما يفتح لهم آفاق الجريمة".
"أنا صرت قوي كتير وبحاول أكون مثل الأبطال دايما في قوتهم وشجاعتهم وحركاتهم" هكذا بدأ الطفل محمد جمال (9 سنوات) حديثه عما يتعلمه من مسلسلات الرسوم المتحركة التي يشاهدها بشكل يومي.
وتقول والدة محمد، إنه يقلد ما يشاهده على اخوته الأكبر منه، لافتة إلى أنها تحاول ابعاده عن مشاهدة مثلا هذه البرامج إلا أنه يبدأ بالبكاء والصراخ، ما يجعلها تتراجع.
أفلام الكرتون والرسوم المتحركة الموجهة للأطفال، من الممكن أن تكون خطرا حقيقيا، كما يبين الاختصاصي التربوي د. محمد أبو السعود، وبعدها تتحول إلى سموم قاتلة، وبالذات عندما تكون موجهة إلى مجتمع له بيئته وقيمه وعاداته وتقاليده وتاريخه.
وتعد مشاهدة أفلام الكرتون من الممارسات اليومية المحببة للأطفال في الوطن العربي، مما يفرض على الأسر مراقبة أطفالهم، حيث اظهرت دراسة أفزعت القائمين عليها حول العنف الناتج عن أفلام الكرتون، من خلال 4 قنوات تلفزيونية فقط، اذاعت 21 برنامجا للأطفال أسبوعيا، فكانت النتيجة انتحار 4 أطفال بسبب هذه البرامج.
ويؤكد اختصاصي علم الاجتماع ومدير مركز الثريا للدراسات د. محمد جريبيع، أن هناك تزايدا للعنف في المجتمعات العربية، جراء ما يتربى عليه الأطفال، إذ تنشأ في داخلهم نوازع العنف والضرب وأخذ ما يريدون بالقوة، مبتعدين عن السلوكيات الصحيحة والايجابية، مما يجعل أفراد المجتمع بالكامل يميلون إلى العنف ولديهم غرائز شريرة.
ويدعو الجريبيع إلى العودة إلى الاصول التربوية، وأن تحترم القنوات الفضائية ذهنية الأطفال، وأن تدرك أن هناك أطفالا يتربون على ما يتعرضون من برامج أطفال تعليمية، لذلك يجب أن تكون هناك أفلام كرتونية تحاكي الواقع وبعيدة عن الخيال، وأن تكون عن قصص جميلة ومفيدة تحمل مبادئ مهمة.
ويرى اختصاصي علم النفس د. محمد الحباشنة، أن الأطفال من الممكن أن يتعرضوا لحالة من العزلة جراء مشاهدة هذه البرامج، فيبتعدون عن الألعاب التقليدية، فضلا عن حدوث اضطرابات لهم في النوم، وشعور بالتوتر.
ويجد أن الخطورة الكبيرة التي تؤثر على نفسية الطفل، عندما تعزز هذه الأعمال الجريمة لديه من خلال تقليد الأدوار التي يشاهدها، فالطفل لا يفرق بين الحقيقة والسراب، لافتا إلى أن هناك أطفالا تعرضوا للموت بسبب تقليد شخصية أحبوها وتعلقوا بها.
وينصح الحباشنة، الأهل بمراقبة الأطفال، وأن يدركوا أن عقلية الطفل ما تزال غير ناضجة لفهم المشاهدات ومدى حقائقها، خصوصا عند مشاهدة المسلسلات الخيالية البعيدة عن الواقع.
وتقترح التربوية أبو بكر لحل هذه المشكلة، عدم مشاهدة الأطفال لأفلام الكرتون أكثر من ساعتين في اليوم، وعلى فترات متقطعة، تكون تحت إشراف شرعي دقيق، وعبر قنوات تسهم في بناء شخصية الطفل بشكل صحيح.
وتبين أنه هناك العديد من أفلام الكرتون القديمة مثل (سالي، وليدي ليدي، والفتى النبيل، وتوم أند جيري، والتوأمان، وأنا واخي)، وغيرها الكثير التي تحمل روح المحبة وتعزز من التعاون وعمل الخير، والمبادئ الجميلة، وهي موجودة في المحلات على برامج سي دي"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com