الخميس، 22 مارس 2012

أطفال يحرجون آباءهم


مجد جابر

عمان- يتكرر مشهد تطاول أطفال على آبائهم إما بالصراخ وأحيانا الضرب، بشكل كبير، سواء في البيت أو الأماكن العامة، سعيا للحصول على ما يريدونه، معلنين رفضهم وعدم تقبلهم لما فرض عليهم.
ويقع الآباء حينها بحيرة كبيرة، ولتلافي الموقف بسرعة، وبخاصة في حال وجود الغرباء، وتفادي الاحراج الذي تعرضوا له أمام المارة، قد يلجأون لتوبيخ الطفل أو إرضائه وتدليله بشراء ما يريد.
الدهشة والاستياء سيطرا على الثلاثيني عمر، الذي وقف يراقب المنظر من بعيد، عندما تجاوز الأب والأم في أحد الأسواق التجارية، ابنهم ذا السبع سنوات الذي ذهب لإحضار الشوكولاتة، لتكون ردة فعل الطفل مثيرة للجميع، بعد أن ركض من بعيد إلى والدته، وانهال عليها بعدة لكمات متتالية على كتفها، كتعبير عن استيائه من عدم انتظارهما له.
وقفت الأم في حالة صمت على تلك الحالة، ولا تعرف كيف تتصرف من الإحراج الذي وضعها فيه طفلها الصغير، فيما كان الأب يقترب من ابنه لإرضائه هامسا في أذنه، بأنهما كانا ينتظرانه، وهما قريبان منه، ليقنعه بأنه سيقف بانتظاره لو ذهب مرة أخرى.
لم يتوقع عمر أن يرى هذا المشهد، معلقا: أنا لا أعلم فعلا ما التصرف الذي كان على الأهل القيام به، إلا أنني مصدوم أن يصل الطفل إلى مرحلة يضرب فيها والدته بهذه الطريقة أمام الناس، وكأنه أمر عادي جدا، فيما كان رد فعل الأهل الوقوف لمراضاته ومكافأته بانتظاره أكثر.
خبراء ينصحون بتعديل سلوك الطفل من خلال استخدام المعززات الاجتماعية والتربوية، وتعديل سلوكه منذ البداية، وتوجيهه بطريقة صحيحة بعيدا عن العنف، والابتعاد عن الدلال "المفرط" له.
وتعترف سعاد (35 عاما) بأن ابنها البالغ من العمر ستة أعوام، يعرضها للعديد من المواقف المحرجة أمام الناس، فعندما يغضب يقوم بالهجوم عليها وضربها بعشوائية، إلا أنها تفسر مثل هذا التصرف، بسبب عدم معاقبة والده إليه، وعلى العكس في أحيان كثيرة عندما يسيء الأدب، فإنه يضحك له. وتقول "ولادة ابني جاءت بعد 3 بنات، جعل زوجي يفرط في دلاله ودلعه كثيرا، ولا يعاقبه أو يرفض له أي شيء"، مضيفة هذا الأمر جعله يتمادى عليّ كثيراً، ما يجعلني أحرج أمام الناس، وأخجل من الخروج معه، وفي إحدى المرات التي خرجنا فيها، ورفضت شراء ما يريد، قام بالبصق علي أمام الناس".
يعزو الاختصاصي الأسري د. فتحي طعامنة، مثل هذا التطاول من الأبناء على آبائهم، إلى التربية الأسرية، والتنشئة منذ الصغر، أي منذ ولادتهم "حيث الأصل أن يكون هناك توافق واتفاق على كيفية وآلية تربية الأبناء من قبل الطرفين"، بحسب قوله.
وتحدث هذه القضايا، بحسب طعامنة، عند وجود تباين في طريقة تربية الأبوين، حيث يمكن لأحدهما أن تكون له طريقة مختلفة في التربية، تقلل من أهمية الطرف الثاني، لافتا الى ضرورة الاتفاق على كيفية التربية، وفي حال اتبع أحدهم منهجا معينا في التربية، فإن الطرف الثاني عليه ألا يعترض عليه. 
ويجد طعامنة أن الدلال المفرط سبب رئيسي في نشوء هذه الحالات، خصوصا إذا كان الطفل وحيدا، أو إذا كان الولد من بين مجموعة بنات، حيث تتركه الأسرة ليتصرف كما يحلو له من دون توجيه، ومع الأيام تفلت الأمور عن السيطرة ويصبح من الصعب معالجتها.
ويشدد طعامنة على أهمية المعالجة سلوك الطفل منذ البداية حتى لا يسترسل في الأمر ويصبح سلوكا لا يمكن تصحيحه. 
ويرى الاختصاصي الاجتماعي د. حسين الخزاعي، أن أي سلوك عنيف يمارس من أي فرد من أفراد الأسرة، يعد خاطئا، ويجب أن يتم تعديله حتى لا يعتاد الأفراد هذه الممارسة مستقبلا، مفضلا بالنسبة للأطفال تعديل السلوك منذ البداية، وتوجيههم بطرق صحيحة بعيدا عن العنف.
ويجد أن أفضل طريقة للأسرة أن تقوم بتعديل السلوك عن طريق المعززات الاجتماعية، مثل الحنان العاطفي، لافتا إلى أن العائلات الأخرى تنظر إلى هذا التصرف على أنه طفل مدلل، ويطلق عليه اسم "دلوع الماما"، لأن ما يقوم به هو نتيجة حتمية لتربية الوالدين ودلعهم له.
ويحذر من الاستمرار في ممارسة هذا السلوك مستقبلاً، لافتاً الى ضرورة تعديل سلوك الطفل، خصوصاً ان معظم الأشخاص العنيفين هم أشخاص مارسوا العنف أثناء الطفولة.
ويرى الاختصاصي النفسي د. أحمد الشيخ ان ردود فعل الأهل على سلوكيات الأطفال، تسبب مثل هذه التصرفات، كون المقصود بسلوك الطفل هو التعبير عن الغضب، وليس الفعل المؤذي، مبينا أن يتم تقويم سلوك الطفل ووضع حدود له، حتى لا يستمر في ممارساته الخاطئة. 
ويقول "عندما يهمل الآباء سلوك اطفالهم ويقابلونهم برضا، فإن ذلك يجعل الطفل يتعلم أن هذا النمط يحقق له غاياته"، لافتا الى ضرورة عدم المبالغة برد الفعل من الأهل، وعدم الاستجابة لطلبات الأبناء بنفس الوقت.
"ليس بالضرورة أن يستمر هذا التصرف مع الطفل حتى يكبر، لوجود ضوابط اجتماعية أخرى تمنعه من التصرف بهذه الطريقة"، بحسب ما يرى الشيخ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com