الخميس، 22 مارس 2012

بدانة الأطفال والمراهقين.. مخاطرها وطرق علاجها

صورة

خولة لطفي عبد الهادي - مشرفة تربوية في مدارس جمعية خليل الرحمن
khawlahadi@hotmail.com

تعتبر بدانة الأطفال والمراهقين من أهم المشاكل والتحديات الصحية  العالمية في القرن الحادي والعشرين.  وتحدث هذه المشكلة عندما يكون وزن الطفل أعلى من معدل الوزن المناسب لطوله وعمره.  وهي مشكلة هامة لأنها قد تؤدي إلى إصابة الطفل بمضاعفات مرضية كتلك التي تصيب كبار السن عادة.  كما أنها قد تؤدي إلى نتائج نفسية واجتماعية سلبية على الطفل.  ومن المرجح أن الأطفال البدينين سيصبحون كباراً بدينين، وحينها يصعب عليهم التخلص من تلك البدانة.  وفي الماضي كانت البدانة تعتبر مشكلة من مشاكل الكبار الصحية ولم تكن أمراً شائعاً بين الأطفال.  بل إن ملاحظة طفل بدين كان يعتبر أمراً نادراً وغير مألوف.  أما الآن فقد أصبح من الشائع وجود أعداد كبيرة من الأطفال البدناء مما ينذر بالخطر على حياة هؤلاء الأطفال ومستقبلهم.  وتشير الإحصائيات العالمية إلى أن نسبة البدانة بين الأطفال في دول العالم النامية والمتقدمة تتراوح ما بين 15% إلى 30%.  وتبدأ مشكلة البدانة عندما يكتسب الجسم سعرات حرارية أكثر مما يستطيع حرقه.  وهذه الطاقة الزائدة تتخزن في الجسم على شكل دهون وتؤدي إلى زيادة الوزن.  والطريقة السائدة لمعرفة   إن كان لدى الطفل وزن زائد تكون بقياس الطبيب المختص طول الطفل ووزنه مع الأخذ بعين الاعتبار عمره ومعدل نموه.  ويعتبر الطفل بديناً إذا زاد وزنه عن الوزن المثالي بنسبة 10% إلى 20% أو أكثر.
*أسباب بدانة الأطفال: 
 أسباب البدانة كثيرة ومعقدة، وتشمل عوامل وراثية وصحية وسلوكية واجتماعية.  وإذا كان أحد الوالدين بديناً فإن لدى الطفل احتمال بنسبة 50% لأن يكون بديناً.  وإذا كان كلا الوالدين بدينين فإن أطفالهما قد يصبحون بدينين بنسبة 80%.  والسبب في ذلك ليس بمجمله وراثياً بل لأن أفراد العائلة غالباً ما يتناولون نفس الأطعمة ويتبعون نفس العادات الغذائية ونمط الحياة.  ومع أن بعض المشاكل الصحية قد تؤدي إلى البدانة نتيجة لخلل وظيفي في الجسم كوجود مشكلة هرمونية إلا أن أقل من 1% من البدانة يكون سببها المشاكل الصحية.  أما أهم أسباب بدانة الأطفال والمراهقين فتعود إلى:
- العادات السيئة في التغذية كتناول الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات والإفراط في تناول الطعام.
- الاعتماد على الرضاعة الصناعية للأطفال الرضع والبدء بإعطائهم الأطعمة قبل الشهر السادس من العمر.
- قلة ممارسة الأنشطة البدنية والتمارين الرياضية.
- الأحداث المتوترة كالمشاكل العائلية والتغييرات الطارئة على الحياة.
- تناول بعض الأدوية والعقاقير.
- الجلوس لفترات طويلة أمام التلفزيون والكمبيوتر وممارسة الألعاب الإلكترونية.
- التأخر في الذهاب للنوم بسبب السهر أمام التلفزيون، وصعوبة النوم العميق بسبب قلة النشاط البدني.
*أخطار وتبعات البدانة:  هنالك أخطار متعددة وآثار سلبية تنتج عن مشكلة البدانة، وهي:
• الآثار الجسدية وتعني احتمالات إصابة الجسم بأمراض كثيرة منها أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والكولسترول والسكري، أو حدوث مشاكل في التنفس ومشاكل في النوم والربو ومشاكل في العظام والمفاصل وأمراض الكبد ومشاكل جلدية وأنواع متعددة من السرطانات.
• الآثار النفسية:  فقد تتطور لدى الطفل أو المراهق البدين مشاعر نقص احترام الذات أو الثقة بالنفس والإحباط.  وقد تقود البدانة الزائدة إلى عادات سيئة في الأكل مثل الشره المرضي.
• الآثار الاجتماعية:  مثل ضعف الاندماج مع الآخرين والخجل والتوتر.
*كيفية معالجة البدانة:
  يحتاج الأطفال المصابين بالبدانة إلى تقييم طبي دقيق من قبل طبيب مختص لتحديد إحتمالات الأسباب الصحية للبدانة.  وفي حال عدم ظهور أي سبب صحي لحالة البدانة فإن الطريقة الوحيدة لتخفيف الوزن هي تقليل عدد السعرات الحرارية التي يكتسبها الجسم من خلال نظام غذائي صحي ومتوازن وزيادة النشاط البدني.  ولا يجوز تطبيق أحد هذين الأمرين دون الآخر.  وبما أن البدانة قد تصيب أكثر من فرد واحد في الأسرة فإن اتباع نظام غذائي معين وممارسة الأنشطة البدنية بانتظام من قبل جميع أفراد الأسرة سوف يتيح لهم جميعاً فرص الاحتفاظ بأوزان مثالية.  ومن المهم إحداث تغييرات في نمط حياة الأسرة يمكن لجميع أفرادها القيام بها بدلاً من الطلب من الطفل القيام بحمية غذائية خاصة به، حتى لا يشعر بأنه مستهدف أو مختلف عن أفراد أسرته.  وهذه التغييرات تشمل أوقات الطعام وتناول المسليات والقيام بأنشطة من قبل جميع أفراد الأسرة معاً مما يفيدهم جميعاً، وخاصة عندما يستمر هذا النمط الجديد لفترات طويلة أو دائمة.
ومن الطرق المقترحة لمعالجة البدانة لدى الأطفال والمراهقين مايلي:
- تغيير العادات الغذائية مثل تناول الطعام ببطء وتناول الطعام على فترات منتظمة والاهتمام بتناول وجبة الفطور حتى لا يضطر الطفل لسد جوعه بأطعمة غير صحية.
- اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن والإكثار من تناول الفيتامينات والأملاح المعدنية المتوفرة في الخضار والفواكه والحبوب.
- التقليل من الأطعمة المقلية والدسمة والمأكولات السريعة والعصائر الصناعية والمشروبات الغازية ذات السكريات العالية.
- تحديد كمية الطعام للحصول على سعرات حرارية أقل.
- ممارسة نمط حياة أكثر نشاطاً، فالطفل يجب أن يقضي ما بين ساعة إلى ساعتين من النشاط البدني يومياً إما بشكل متواصل أو يقسم إلى فترات كالمشي وركوب الدراجة الهوائية واللعب مع الأطفال الآخرين.
- تناول الطعام مع العائلة وليس بشكل فردي أمام التلفزيون أو الكمبيوتر.
- التقليل من تناول المسليات أثناء مشاهدة التلفزيون وبين الوجبات.  والعمل على تقليل ساعات مشاهدة التلفزيون واستعمال الكمبيوتر لأقل من ساعتين يومياً.
- القيام بأنشطة وفعاليات معاً كأسرة كالذهاب إلى حديقة أو متنزه وممارسة الألعاب الرياضية كالمشي والسباحة والاعتناء بالحديقة واستخدام السلالم بدل المصاعد، ما أمكن.
- التعرف على نوعية الأغذية التي يتناولها الطفل بالمدرسة.
- تشجيع الأطفال على المشاركة بالفرق والألعاب الرياضية بالمدرسة.
- تقديم المديح والمكافآت للطفل على نجاحه باتباع نمط الحياة الصحي، لكن بشرط أن لا تكون المكافآت ذات علاقة بالطعام، بل تكون هدايا بسيطة أو القيام بنشاط أو نزهة جديدين.
ولمعالجة الطفل ذي الوزن الزائد يجب أولاً وقبل كل شيء أن يشعره الأهل بأنهم داعمون له حيث أن مشاعر الأطفال عن أنفسهم تُبنى عادة على مشاعر الوالدين اتجاههم، وفيما إذا كانوا يتقبلون ابنهم بأي حال كان.  ويجب التحدث مع الطفل حول موضوع وزنه الزائد وإعطائه المجال للتحدث عن نفسه وعن مشاعره.  وعلى والدي الطفل المصاب بالبدانة تحسين ثقته بنفسه من خلال التأكيد على السمات الايجابية فيه بدلاً من التركيز على مشكلة الوزن الزائد لديه.
أما فيما يتعلق بعلاج السُمنة بالأدوية والعقاقير فلا يوصى به للأطفال.  ولكن في الحالات التي يكون فيها للبدانة تأثير خطير على الصحة مثل صعوبة التنفس أثناء النوم أو غير ذلك من المشاكل الصحية الخطيرة فمن الممكن أن يوصي الطبيب المختص بعلاج مناسب وذلك بعد القيام بالحمية والتمارين الرياضية المناسبين بشرط ألا يقل عمر الطفل عن اثني عشر عاماً، وبحيث لا تتجاوز فترة العلاج أكثر من ستة أشهر إلى اثني عشر شهراً.  أما الجراحة فيكون إجراؤها محدوداً جداً وللحالات النادرة من البدانة التي لا تجدي معها الحمية ولا التمارين ولا العلاج بالأدوية.
 وللمدرسة دور أساسي وهام في معالجة بدانة الأطفال والمراهقين من خلال ايجاد بيئة صحية تعمل على نشر الوعي الصحي بين الطلبة واتباع سياسات وممارسات تدعم السلوك الصحي وتكوين اتجاهات صحية في عادات الأكل وممارسة الأنشطة البدنية المختلفة.
إن الوصول إلى وزن معين ومثالي ليس هو نهاية المطاف.  والأهم هو المحافظة على الوزن المناسب مدى الحياة، وعدم التأرجح من فترة لأخرى بين البدانة والنحافة لأن ذلك ليس بالأمر الصحي. فالمحافظة على الوزن المناسب ينبغي أن يكون هدفا مهما ويجب أن يرافق الفرد طيلة حياته، وينبغي العمل على تحقيقه من خلال اتباع أسلوب حياة صحي فيما يتعلق بالحمية الغذائية وممارسة الأنشطة البدنية، وبشرط اتباع ذلك الأسلوب من قبل جميع أفراد الأسرة معاً لحماية الأطفال من البدانة في طفولتهم ومستقبلهم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com