الاثنين، 26 مارس 2012

الاحتضان: بساط محبة يمنح أسرا وأطفالا حياة جديدة


نادين النمري

عمان – "ليس مهما أن نشبه بعضنا، المهم أن نحب بعضنا" شعار الحفل الذي أقامته مؤسسة الحسين الاجتماعية أول من أمس، لنحو 30 طفلا محتضنا وعائلاتهم بمناسبة عيد الام.
الحفل الذي يعد الأول من نوعه في الأردن يهدف إلى تشجيع التقارب والتعارف بين العائلات "المحتضنة"، حيث وفر متنفسا لتلك العائلات من شتى محافظات المملكة للحديث عن تجربتهم بالاحتضان وكيفية دمج أطفالهم في المجتمع، إضافة إلى فرصة تكوين صداقات بين الأطفال المحتضنين.
واشتمل الحفل الذي حضرته وزيرة التنمية الاجتماعية نسرين بركات واستمر أكثر من أربع ساعات، على نشاطات متعددة، منها مسرحية "دمى" شرحت للأطفال بطريقة مبسطة معنى الاحتضان، إلى جانب فقرات غنائية تضمنت أناشيد وطنية وقصائد لتكريم الأم في عيدها، فضلا عن نشاطات في الساحة الخارجية للمؤسسة تضمنت الرسم على وجوه الأطفال وألعاب "تيليماتش" شارك فيها أطفال المحتضنين مع نحو 100 طفل من ابناء مؤسسة الحسين الاجتماعية.
مسرحية الدمى كانت الأكثر تأثيرا في نفوس الحاضرين، إذ تناولت قصة "كتكوت صغير" يدعى "شاكو" يبحث عن والدته التي فقدها في الغابة، وبعد أن يئس من العثور عليها بدأ يطلب من حيوانات الغابة ان يكن أمهات له، لكنه جوبه بالرفض خصوصا انه لا يشبه أيا من تلك الحيوانات، إلى أن التقى بـ "دبدوبة" قبلت أن تكون أما له.
وتتناول المسرحية العديد من التساؤلات التي قد يطرحها الطفل المحتضن، مثل: لماذا تركتني أمي؟ كيف ستكونين أماً لي وانت لا تشبهينني؟ ماذا أريد من أمي؟
حيث مضى الكتكوت في توجيه استفسار لأمه الدبدوبة التي احتضنته: "هل تخلت عني أمي لأني بشع؟ أم لأنها تكرهني فترد؟"، لترد عليه الدبوبة: "أمك تحبك لكن ربما كسر أحدهم جناحها فلم تتمكن من رعايتك، أو صادها صياد".
وعند سؤال "الكتكوت" عن اختلاف الشكل، ترد الأم الدبدوبة: "ليس مهما أن أشبهك المهم أني سأعطيك كل ما تريده"، فرد عليها "أريد أن تحضنيني وتقبليني وتغني وترقصي معي" وهو ما فعلته الأم الدبدوبة.   
واختتمت المسرحية بعبارة "ليس مهما أن نشبه بعضنا لكن المهم أن نحب بعضنا، ونخاف على بعضنا".
وتبع المسرحية إلقاء "قصيدة أماه"، التي قدمها طالب الصحافة والاعلام عمار الشرباتي، حيث اغرورقت عيون الحاضرين بالدموع وجاء في بعض مقاطعها:
لا أحد لي ولا أنا لأحد 
كنتِ الحب والأمل
أمي أحبك أحتاجكِ
قسوة الزمان فقدان الأمل والصبر والأمان
أنا إنسان فقد اغلى ما كان
أنا الآن وحيد والكل عني بعيد
وتحدث خلال الحفل عدد من الاهالي عن تجربتهم بالاحتضان، مشددين على ضرورة رفع التوعية الاعلامية بخصوص الاحتضان، لاسيما ان الكثير من العائلات المحرومة من نعمة الانجاب لا تعرف ان الاحتضان موجود في الأردن.
واستعرض أبو شادي، والذي احتضن ابنته قبل عشرين عاما، تجربته، مبينا ان "المحيطين بنا عندما احتضنا ابنتنا كانوا ينظرون لي ولزوجتي نظرات غريبة إذ لم يتقبل أحد الفكرة، لكن الان نظرة الناس تغيرت".
وقال "أتمنى ان يلتزم المجتمع بتعليمات ديننا الحنيف"، مستندا إلى حديث الرسول، صلى الله عليه وسلم، "أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين -وأشار بالسبابة والوسطى".
ناصر كذلك شاب احتضنه والداه قبل نحو 25 عاما، يقول إن "والدي اللذين احتضناني حاربا وتحملا الكثير من أجل رعايتي، ومع الزمن تغيرت نظرة المجتمع وأصبحت ابنا لكل البلدة التي أعيش بها"، مشيرا إلى أنه متزوج الآن ولديه أبناء ويعيش حياة سعيدة. 
أما سعاد، وهي إحدى خريجات دور الرعاية ولم تحظ بفرصة الاحتضان فقالت "رغم أنني أكملت دراستي الجامعية بتخصص محاسبة واعمل اليوم في احدى الشركات لكنني اتمنى كل يوم ان اعود طفلة وتحتضني اسرة تعوضني ما فقدت"، مبينة أن "العائلة نعمة كبيرة لا يعرفها إلا من فقدها".
وفي كلمتها قالت مؤسسة صفحة الاحتضان على موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" ميادة صباح، والتي شاركت الوزارة والمؤسسة في تنظيم الحفل، إن "الحفل بمثابة حلم تحقق لجمع عائلات محتضنة لتبادل الحديث حول التحديات والنجاحات في تجربة الاحتضان.
وتابعت انها "بعد ان احتضنت طفلها قبل نحو ثلاثة أعوام أرادت ان تلتقي بأشخاص يشاركونها نفس التجربة، لذلك بادرت إلى إنشاء صفحة متخصصة على الفيسبوك".
وتضيف "في البداية كنت أكتب لنفسي وأجاوب عن أسئلتي لكن بفضل دعم الوزارة تمكنت من التواصل مع عائلات محتضنة ليفوق اليوم عدد أعضاء الصفحة 120 شخصا غالبيتهم من العائلات المحتضنة".
وأعلنت صباح خلال الحفل عن "رغبة بإنشاء جمعية غير ربحية للأسر الأطفال المحتضنين ومجتمع الاحتضان للدفاع عن حقوق هؤلاء الأطفال"، مشيرة الى أن "شعار الجمعية يتمحور حول مفاهيم؛ الحب والحياة والتعلم". وتبين أن "الجمعية تدعم حق كل طفل في أن يكون له عائلة توفر له الحب والحنان والرعاية والحماية والتعليم".
وتتابع ان "أبرز أهداف الجمعية تغيير نظرة المجتمع السلبية للاحتضان وتشجيع العائلات عليه باعتباره فرصة بديلة لتكوين عائلة، إلى جانب المطالبة بسن تشريعات قانونية لحماية حقوق الأطفال المحتضنين".
وأكدت صباح أن الجمعية ستدعم العائلات قبل وبعد الاحتضان وتزودهم بالمعلومات اللازمة من أصحاب الاختصاص إلى جانب الدعم المعنوي، مشيرة في هذا السياق إلى "عدم وجود أي جهة أهلية في الأردن أو المنطقة العربية توفر الدعم والإرشاد للعائلات البديلة".
وتحدثت صباح عن المشاكل التي تواجهها الاسر المحتضنة، كمسألة أسماء الابناء وعدم استفادة الابناء المحتضنين من الضمان الاجتماعي والتقاعد لآبائهم إلى جانب الصعوبات في فتح حساب بنكي للطفل والرسوم المرتفعة عند تسجيل الممتلكات باسمهم.
من جهتها نوهت مستشارة وزارة التنمية الاجتماعية لشؤون الاحتضان هيا ياسين إلى أن "هذه الفعالية باكورة لنشاطات أخرى ستقوم بها الوزارة لتعزيز التواصل بين العائلات المحتضنة وتقديم المساندة لهم في كل القضايا التي تواجههم"، مشيرة الى "عدد من النشاطات المشابهة التي سيتم تنظيمها في محافظات المملكة". 
وفي نهاية الحفل قدم أطفال دار الهاشمي الشمالي ودار النهضة فقرات فنية بمشاركة الفنان محمد الشاقيلي اشتملت على أغان لتكريم الأم وفقرات دبكة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com