السبت، 24 مارس 2012

هل سيلان الدموع لدى الأطفال حالة مرضية؟

 

عمان - تعد حالات التدمع (أو فرط سيل الدموع) لدى الأطفال، دلالة على وجود خلل ما في منظومة إفراز الدموع، لكن هذا الخلل قابل للعلاج بعدة طرق.
تكتشف العديد من الأمهات، خلال الأسابيع الأولى التي تلي ولادة الطفل، أن عينيه تتدفقان دمعا، حتى لو لم يكن يبكي. هذه الدموع، تكون بالعادة مصاحبة لحالات من الالتهابات والإفرازات. وتشير المعطيات إلى أن أكثر من 5 % من الأطفال يعانون من هذه الظاهرة، والتي تعرف أيضا باسم "انسداد قنوات الدمع".
ففي الوضع الطبيعي، تسمح قنوات الدمع بمرور الدموع إلى الأنف. لكن عندما تكون قناة الدمع مسدودة، يعاني الطفل من تراكم هذا السائل الذي يساعد البكتيريا على التكاثر، الأمر الذي يسبب التهاب العينين والإفرازات. تتمثل حالات انسداد قنوات الدمع بتضيق أو انسداد "الأنابيب" الدقيقة التي تعمل على تصريف الدموع من العينين إلى الأنف.
ويمتاز الأطفال الذين يعانون من "التدمع" بأن عيونهم تبقى مبللة، حتى عندما لا يبكون، كما تلاحظ لديهم حالات مثل احمرار العينين وحساسية الجفون. يسبب الالتهاب تورما وتهيجا وحكة. كما من الممكن أن تؤدي الإفرازات إلى التصاق الرموش ببعضها. يمكن لسيل الدموع أن يصيب إحدى العينين أو كلتيهما، وهو نادرا ما ينتقل بالوراثة.
قبل أن نبين كيفية التعامل مع ظاهرة التدمع (سيل الدموع)، من المهم أن ندرك لماذا نحن بحاجة إلى الدموع، وكيف يعمل جهاز إفراز الدمع في الوضع الطبيعي: إن غدة الدموع هي المسؤولة عن إنتاج الدمع، وهي تقع تحت الجفن الأعلى، في طرفه الجانبي. تبدأ هذه الغدة بالعمل خلال الأسابيع الأولى بعد الولادة.
وتتدفق الدموع من الغدة إلى العين، وتبدأ بالتجمع عند الجفن السفلي، ومع كل طرفة عين، ينتشر الدمع على مساحة العين كلها. في نهاية المطاف، تدخل الدموع إلى الفتحات الموجودة في أطراف الجفون القريبة من الأنف، إلى قناة الدمع، حيث يوجد أنبوب صغير يقوم بتصريف الدموع إلى داخل الأنف.
وينقسم إفراز الدموع إلى نوعين: الإفراز الأساسي العادي الذي يحصل بشكل دائم. والإفراز الناجم عن المحفزات، مثل، الإصابة أو التعرض للضرر بسبب جسم غريب، العاطفة، وغيرها من المحفزات. تلعب الدموع دورا مهما في عملية الحفاظ على نظافة وصحة العينين، فهي تنظفهما وتحافظ عليهما من الجفاف ومن البكتيريا. كذلك، تقوم الدموع بخلق سطح موحد للقرنية، يتيح للعين أن ترى بشكل أفضل.
ففي كثير من الأحوال، ينفتح انسداد قنوات الدمع لدى الأطفال الذين يعانون من سيل الدموع خلال 9 أشهر تلقائيا وبشكل طبيعي، وتحل المشكلة. في بعض الحالات، نفضل أن نقوم بفتح قناة الدمع من خلال الضغط عليها.
وإذا لم ينفتح الانسداد بعد تسعة أشهر، وتقل احتمالات انفتاحه تلقائيا. في مثل هذه الحالات، تكون هنالك خيارات متعددة يمكن اللجوء إليها من أجل فتح الانسداد وحل المشكلة.
أكثر الإمكانات المعروفة في هذا المجال هي إدخال أنبوب صغير جدا إلى قناة الدمع التي في الجفون، من خلال هذا الأنبوب، نقوم بسكب سائل يمر في مسالك الدمع. إذا وصل هذا السائل إلى الأنف، فإن الأمر يعد دلالة على أن الانسداد قد انتهى. ينبغي القيام بهذا العلاج حتى جيل ثلاث سنوات على الأكثر، وإلا فإن احتمالات نجاحه تصبح أقل. تبلغ نسبة نجاح هذا الإجراء، حتى الآن، أكثر من 80 %. ويتم إجراؤه في غرفة العمليات، تحت التخدير الكلي، وهو يستغرق فترة زمنية قصيرة.
في حال عدم نجاح العلاج، بمكن أن ندخل أنبوبا مصنوعا من مادة السيليكون، حيث يبقى هناك لمدة ستة أشهر. ويعد هذا العلاج قصيرا وبسيطا، وتزيد احتمالات نجاحه على 80 % أيضا.
خلال السنوات الأخيرة، انضمت لطرق العلاج وسيلة جديدة، يتم خلالها إدخال أنبوب يحتوي على بالون صغير إلى قنوات الدمع، وعندما يصبح البالون في الداخل، يتم نفخه، حيث يعمل على توسيع فتحة تصريف الدمع. ومع أن نسبة نجاح هذه الطريقة تعتبر عالية أيضا وتقترب من نسب نجاح إدخال الأنبوب.
إذا لم تنجح الوسائل المذكورة كافة، فمن الممكن أن نقوم بإجراء عملية جراحية، يتم من خلالها إدخال أنبوب عن طريق شق صغير يحدثه في ثنية بين العين والأنف. وتتم هذه العملية  لدى البالغين (DCR) تحت التخدير الكلي، وتعد احتمالات نجاحها أعلى من كل العلاجات الأخرى.
إلى حين يحتاج الطفل، إن احتاج، للخضوع لأحد هذه العلاجات أو لعملية جراحية، على الوالدين أن يقوما بتنظيف عينيه باستخدام الشاش والماء الدافئ أو المناديل الرطبة. في حالات الإفرازات فقط، يتم علاج سيل الدموع بالمضادات الحيوية المناسبة.

الدكتور إياد الرياحي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com