الثلاثاء، 27 مارس 2012

شباب يفضلون الزوجة موظفة "حكومة"


سوسن مكحل

عمان- البحث عن عروس، ضمن العادات التقليدية، قد يكون أسهل بكثير، من اشتراط بعض المواصفات التي لاقت مؤخرا رواجا لدى شريحة من الشباب، إذ باتوا يفضلون الارتباط بامرأة عاملة، وتحديدا "موظفة حكومة"، تعمل بالقطاع العام، لاسيما السلك التعليمي، رغبة في تلبية حاجات الأسرة المنوي تأسيسها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. 
وتنظر ياسمين علي (25 عاما) الموظفة في القطاع الخاص، إلى مثل هذه الطلبات في ظل الظروف المعيشية الصعبة ومع تردي الأوضاع الاقتصادية، بأن الفكرة "مقبولة اجتماعيا"، أما أن تصل الأمور لتحديد وظيفة  "المرأة"، فهو أمر مرفوض بتاتا بالنسبة إليها.
وتذكر ياسمين، التي تعمل مدرسة لمادة الرياضيات في مدرسة خاصة، أن والدة أحد الشباب، جاءت إليها لتخطبها لابنها، وبعد سؤالها عن وظيفتها، أخبرتها أن ابنها يفضّل أن يرتبط بمعلمة تعمل في الحكومة.
رغم أن الطريق لم تكن ضمن التقاليد المتعارف عليها، فقد تقبلت ياسمين ذلك بسعة صدر، إلا ان الأمر برمته سرعان ما أصبح يشكّل لها مصدر قلق حتى إنها باتت تفكر بترك العمل، منعا من استغلال البعض للوظيفة.
وتقول "إن فكرة الزواج من امرأة تعمل معلمة حكومية، أصبح يشكل هاجسا غريبا لدى الشباب دون أن يحددوا أي أسباب مقنعة بنظرها، كون المرأة بحاجة الى من يشاركها الحياة، وحتى تسانده، ولا تكون فقط مصدر تمويل وتقاعد وضمان".
ويرى الشاب أحمد عبد الرحيم (29 عاما) الذي يعمل موظف مبيعات، أن متطلبات الحياة استدعت البحث عن امرأة، تسعى في توفير دخل اضافي للأسرة، "فعمل المرأة لا يعيبها، ولا ينقص من شأنها، والوظيفة الحكومية أكثر ضمانة للأسرة والأولاد في المستقبل"، كما يقول.
ومع أن عبد الرحيم، يعتقد شخصيا أن من واجب الزوجة الاساسي هو الاهتمام ببيتها وأولادها وزوجها، إلا أن الوقت الحالي يمنعه من التفكير باختيار زوجة مناسبة دون أن تكون موظفة، فهو يريدها موظفة بالقطاع الحكومي او معلمة ليتسنى لهما تحقيق الاستقرار الأفضل لابنائهم في المستقبل.
الخبير الاقتصادي والاجتماعي حسام عايش، يؤكد أن تغيّر المعطيات الاقتصادية، يؤثر على الوضع الاجتماعي القائم، خصوصا استقرار الرجل والمرأة وطرق البحث عن زوجة مناسبة.
ويقول إن البحث عن زوجة عاملة، "لم يعد" ظاهرة جديدة بسبب "تطوّر المفاهيم، ودخول المرأة إلى معترك العمل وتطور دورها الاجتماعي"، ما جعل الرجل يبحث مع هذا التطوّر عن فتاة متعلمة ثم الموظفة، ومع تردّي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، أصبح المقبل على الزواج يبحث عن فتاة بوظيفة معقولة في القطاع العام والخاص، ثم مدرسة أو وظيفة حكومية".
ويجد أن الاعتقاد السائد اجتماعيا، أنه من الصعب أن يتعرض الموظف الحكومي، لإنهاء خدماته بشكل مباشر، فطبيعة عمل الفتاة في وظيفة حكومية تعني أنها تعمل بوظيفة ثابتة وزيادات ثابتة.
ويرى أن الشباب يمكنهم ترتيب الوضع الاقتصادي مع زوجات المستقبل العاملات بوظيفة حكومية، بشكل واضح، كما يمكنه معرفة الاوقات المحددة للعاملات في سلك التعليم، والتي تجعل الزوج على دراية بوقت زوجته وعملها والدخل الذي تحصل عليه لتحديد وضع الأسرة الاقتصادي.
إن الرجل عندما يبحث عن فتاة تعمل في القطاع الحكومي، فهذا يعكس، وفق عايش، ما يحدث في المجتمع وتحديدا بالقطاع الخاص، إذ يعني ذلك أن الوظائف غير ثابتة، ترجع الى عقود العمل، لافتا أن الأساس في مثل تلك القضايا وظهورها يعود لما يمر به المجتمع من بطالة ومشكلات اقتصادية حرجة، تحتم على الرجل البحث عن مصدر رزق ثابت ويضمن الاستقرار، خصوصا اذا كان هو يعمل بوظيفة غير ثابتة بالقطاع الخاص.
بالمحصلة كما يرى عايش، أن النتيجة الحقيقية تعبّر عن تدهور الاوضاع الاقتصادية، لأن الشباب يحددون شروطهم بما ينسجم مع واقعهم الاجتماعي والاقتصادي، داعيا إلى وجود دراسات ومراقبة من قبل بعض المؤسسات العامة والرسمية لإزالة الفجوة في الأجور بين الرواتب بين العاملين في القطاعين العام والخاص.
ويقول عايش "إنه في ظل تراجع الاوضاع الاقتصادية، والبطالة، وسهولة الاستغناء عن الموظفين بالقطاع الخاص، وتدني معدلات النمو الاقتصادي، والانخفاض المستمر في مستويات المعيشة، تظل المحددات الاجتماعية متربطة بهذا التراجع، والذي يؤدي إلى ظهور مشاكل اجتماعية لا تصب في مصلحة المجتمع".
من جهته يبين اختصاصي علم النفس دكتور خليل أبو زناد، أن الوضع النفسي الذي قد يترتب على الفتاة، قد لا يكون كبيرا إلى حد المرض، فقد تمر الفتاة، لأنها غير متعلمة أو غير موظفة في أحد القطاعات إلى "نكسات نفسية واكتئاب عرضي تتجاوزها مع الوقت".
ويعتبر ابو زناد، أن توجه الشباب للبحث عن فتاة موظفة يعد "أمرا منطقيا نظرا للأوضاع الاقتصادية السائدة ومصاريف العائلة"، أما تحديد الوظيفة بأن تكون "حكومية" فهو أمر "مبالغ فيه من قبل الشباب، وقد لا يعود بالفائدة عليهم"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com