الأربعاء، 21 مارس 2012

أمهات يفرحن بأولادهن وأخريات يختبرن الألم في بيوت المسنين


مروة بني هذيل

عمان - في الوقت الذي تبتهج قلوب أمهات ويغمرهن الفرح وسط أبنائهن وهن يحتفلن بعيد الأم، يحتل الحزن قلوب أخريات يختبرن شعور الوحدة بعيشهن منفردات، وممن يقبعن أيضا في دار المسنين.  
وتنتظر الأم في الحادي والعشرين من شهر آذار(مارس) من كل عام ، بشغف تعبير أبنائها عن حبهم وتقديرهم لها، فتتزين لها الدنيا بالورود والهدايا، والكلمات العطرة التي لا توازي؛ ولو جزءا بسيطا مما قدمته لفلذات أكبادها وما تزال.
ورغم أن فضل الأم لا يقدر بيوم واحد، إلا أن لعيدها ميزته وقيمته، حيث يتزامن مع أول أيام فصل الربيع؛ ليكون رمزا للتفتح والصفاء والمشاعر الجميلة.
بابتسامة تفاؤلية، ونظرة ملؤها الحب، عبرت الخمسينية (أم خالد) عن فرحتها بأبنائها الذين لا ينسونها في هذا اليوم المميز، "حيث يأتون في الصباح الباكر كل عام بالهدايا والورود، التي أجدها تنتظرني على باب غرفتي"، مبينة أن هذا اليوم "يعني لي الكثير، ومن خلاله تتجدد المشاعر بين أفراد الأسرة، وأشكر أبنائي على تقديرهم لما قدمته لهم، ولما سأقدمه دائماً من أجل نجاحهم وحياتهم المستقبلية".
عيد الأم، ليس فقط الاحتفال بالأم التي انجبت وربت أبناءها، فزوجات الأبناء يقدمن الحب والتقدير للأمهات الجدد في حياتهن، فالأربعينية سلوى كنعان تفرح من قلبها عندما تقدم لها زوجة ابنها هدية في عيد الأم "وذلك يزيد حبي واحترامي لها، فالله لم يرزقني فتيات، لكن زوجة ابني هي بمقام ابنتي التي أحبها وتحبني، وأتمنى لها كل الخير والسعادة". وفق تعبرها.
بعد أن أصبحت الستينية (أم أحمد) جدة، وامتلأ بيت العائلة بالأحفاد، ازداد التقدير والحب والاحترام لها، "فقد رزقني الله بستة أحفاد من ابنائي أحمد وحسن، وكما اعتدت منذ صغري بتقديم هدية عيد الأم لأمي وجدتي، فاليوم أعيش شعورهما باللهفة في فتح الصندوق المزين بألوان الطفولة، فكم جميلة هي الهدايا البريئة والرسالة المبعثرة بالكلمات من أحفادي، الذين يعبرون عن حبهم وتقديرهم لي.. أتمنى ان يطيل الله في عمري لأبقى أخدم أبنائي وأحفادي بكل حب وحنان". حسب قولها.
ما بين الفرحة والحزن، والأمل واليأس، ما تزال أمهات دار المسنين على موعد مع معايدة أبنائهن لهن في عيد الأم، إذ تنظر سمية الكسواني بشوق اتصال ابنائها المقيمين بالخارج بها.
وتقول "اعتدت منذ 6 سنوات أن استقبل نهار 21 آذار بلهفة أبنائي عبر الهاتف، فرغم المسافات التي تفصلنا، ورغم العمر الذي يمضي بسرعة، إلا أن عاطفة الأمومة، ما تزال تشتعل في قلب كل أم، وستبقى تحن لابنائها وتشتاق اليهم، وتنتظر عودتهم لحضنها".
وتستقبل الخمسينية رويدا العمري، الهدايا والورود من بناتها وبنات أختها وأحفادها في كل عام مثل هذا اليوم، وتعبر عن ذلك بقولها: "رغم إقامتي في دار المسنين، إلا أنني أشعر بالرضا، فكما كان لي الحق بالعيش مستقرة مع زوجي وأبنائي، فأبنائي أيضا لهم الحق في العيش دون تحمل مسؤوليات أخرى بسببي، خاصة وأنني أعامل بكل لطف واخلاق في المركز، بوجود صديقاتي اللاتي يعشن نفس حياتي، فنحتفل معاً جميعاً بيوم الأم، ونهنئ بعضنا بعضا، ونفتخر بهدايا ابنائنا، ويسرنا موقف المركز في تزيين غرفنا والاحتفال بنا سنويا".
الموروث الاجتماعي أورث الاحتفال بعيد الام، لتتوج به الأم على رأس كل الأولويات رغم الضغوطات والمسؤوليات في حياة الأبناء، وفق اختصاصي علم الاجتماع الدكتور جمال منصور، الذي يبين أن الأم تفرح باستلام هدايا ابنائها.
دموعها أحرقت خديها، حين تحدثت فاطمة عنيزات، عن حزنها ووحدتها في دار المسنين، وتقول "حياتي كلها مأساوية، فأنا أرملة، ولم أعش مع زوجي سوى سنتين، وبعدها منحت ابنتي حنين كل الحب والرعاية والدلال، الى أن تزوجت، وأخذها زوجها بعيداً عن عيوني، لأعيش وحيدة بين أسوار دار المسنين".
وتتابع حديثها "لم أر ابنتي منذ 9 سنوات، وما بين الحين والآخر أسمع صوتها فقط عبر الهاتف، دون أن أكحل عيني برؤيتها، فبرغم قسوتها علي، وقدرتها على نسياني، إلا أنني ما أزال أحبها وأدعو لها بالخير، وأتمنى أن يحن قلبها لتزورني قبل مماتي، فلكل من اسمه نصيب، وأنتظر نصيب ابنتي من اسمها بالحنين على أمها".
وينصح منصور، جميع الأبناء باستغلال وجود الأم على وجه الارض وتقديم البر والإحسان لها في كل يوم وكل ساعة، قبل فوات الأوان.. فهي باب من أبواب الجنة، واحترامها واجب ديني وانساني وأخلاقي.
ويقول: "أحزن أشد الحزن على تلك السيدة التي اجبرها القدر على الإقامة في دار المسنين بعيداً عن عائلتها، لأن على الجميع أن يدركوا أن لا طعم للحياة من دون العائلة".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com