الجمعة، 23 مارس 2012

سيدات ينافسن المطاعم بإعداد المأكولات من المنازل


منى أبو صبح

عمان- الاتصال بإحدى الطباخات لحجز الوجبة التي تفضلها العائلة، ظاهرة بدت تأخذ مكانها لدى الكثير من الناس، وتحديدا لدى العاملات اللواتي لا يجدن وقتا كافيا لإعداد القائمة المتنوعة من طلبات الزوج والأبناء التي لا تنتهي، وتنامت في ظل وجود متخصصات في فن إعداد مثل هذه الوجبات.
الموظفة فاتن الجمل راقت لها الفكرة بعد أن سمعت من زميلتها أنها تعاقدت مع إحدى الطباخات في شهر رمضان الماضي لإعداد وجبات الفطور، ما أراحها من أعباء إعداد الأصناف المختلفة، فما كان منها إلا أن طلبت من نفس الطباخة أن تعد لها وجبة الفطور يوميا وتوصلها إلى منزلها، خصوصا أن ساعات عملها طويلة.
ووجدت الجمل أن الاستعانة بالطباخة أفضل من التواصي من المطاعم، وبخاصة عندما تصبح معروفة بالنسبة لها، وتثق فيها، وتشعر بنظافتها وأمانتها، معتبرة بنفس الوقت أن المبلغ المتفق عليه مناسب مع ارتفاع الأسعار.
ولأن هذه المتخصصة في الطبخ، تعد أشهى المأكولات، أصبحت الجمل، تستعين بها في العزائم والمناسبات، موضحة "فهي تبدع باختيارأصناف الطعام التي تنتجها، كما أنها ماهرة في الطبخات الشعبية التي لها نكهة خاصة إلى جانب اعدادها السلطات والمقبلات الشهية".
سوء الأوضاع المادية هو ما دفع الطباخة أم محمد (40 عاما) قبل ثماني سنوات لإعداد الوجبات الغذائية بالبيت وإرسالها لمن يطلبها، وشكلت لديها بابا للرزق تسد فيه متطلبات أسرتها المتعددة، حتى أصبحت معروفة لدى الأقارب أو الجيران، وطورت فكرتها إلى أن أصبحت مشاركة دائمة في البازارات الخيرية.
تعرفت أم محمد التي تجيد إعداد الأكلات الشعبية على عدد من سيدات المجتمع اللواتي يرغبن بتوفير الأصناف القديمة والتراثية على موائدهن، مثل؛ المفتول والرقاق والمسخن والقدرة والمنسف وغيرها.
ولم تتوقف أم محمد عند هذا الحد، فقد تعاونت مع إحدى المؤسسات لإعداد وجبات يومية للموظفين في شهر رمضان، وقام زوجها بمساعدتها في تحضير الوجبات وإيصالها قبل موعد الإفطار.
أم محمد التي سمعت أصداء ايجابية على ما تصنعه من أطعمة تبين أن الأكلات يجب أن تكون على قدر كبير من التميز "حتى نكسب الزبائن، لأن الإنسان عندما يجرب شيئا ويعجبه يعود إليه مرة أخرى".
وتشتري سلمى ناصر (30 عاما)، باستمرار من منتجات السيدات اللواتي يقمن بإعداد الطعام في المنزل، لأنهن في الغالب بحاجة للمساعدة، وهذه وسيلة العمل الوحيدة المتوفرة لهن.
وتعترف أنها لا تهوى فن الطبخ ولا تجيده، فكانت تعتمد لفترات طويلة على أكل المطاعم، حتى أصحبت تتشوق لطبيخ المنزل، إلى جانب أن المطاعم لا تقدم الأصناف المتعارف عليها بنفس النكهة المنزلية، فكان الطبخ المنزلي خيارها الأمثل، لما يتميز به من نكهة ومذاق طيب.
وتختلف الخمسينية أم جميل، عن سابقتها، حيث ترى أن الشراء من المطاعم أكثر أمانا، لأنها مراقبة من قبل الجهات المختصة، كما أن الزبون لا يستطيع أن يستلم طلبه بالحال كما في المطاعم، بل يقدم وبعد يوم أو يومين حتى تجهز الطلبية.
وتقول "إنه بعد تسليم الطلبية، فإن بعض الذين يعدون الطعام في المنزل، يزيدون من السعر المتفق عليه، ويجدون أعذارا واهية، كما يطلبون أجرة مواصلات لتوصيل الطلبية".
وتبدي أم جميل أسفها على السيدات اللواتي يقمن بشراء الطعام للعزائم والولائم من أي مكان، متسائلة "كيف لا تستطيع ربة منزل أن تجهز "سدر منسف أو مسخن؟".
أم حمزة (35 عاما) التي امتهنت الطبخ بعد تعذر حصولها على وظيفة، تؤكد أنها محبة لعملها وتبدع به، وتقول "في البداية كانت المسألة بالنسبة لي هواية، وأتسلى بعمل الأطباق من مختلف المطابخ الشرقي والإيطالي والصيني، واصطحب معي طبقا من المأكولات أو الحلويات في كل مناسبة عائلية، حتى اشتهرت".
وفي إحدى المناسبات لصديقة عزيزة عليها، قامت أم حمزة بتجهيز أطباق متعددة من المأكولات والحلويات وأبدعت أناملها في صنعها، وحظيت بإعجاب الجميع، ومنذ ذلك الوقت، وهي تستقبل الطلبات على المأكولات وأصناف الضيافة.
ولأن العملية أصبحت بالنسبة اليها مهنة، فقد بدأت أم حمزة تهتم بقراءة الكتب الخاصة بالطبخ والحلويات، وتتابع البرامج المتخصصة في ذلك، وهذا الأمر دعم موهبتها، لتبتكر وجبات جديدة في عالم الطبخ، وهذا ما يفضله الناس ويحبونه، وبنفس الوقت تشجع الكثير من السيدات ذوات الخبرة الحقيقية في الطبخ بمثل هذا المشروع، الذي يؤمن لهن مصدرا ماديا جيدا، وعملا مناسبا للمرأة في منزلها وبجانب أطفالها.
الخبير الاقتصادي د. مازن مرجي، يرى أن الاقتصاد المنزلي نهج بدأ منذ سنوات، ولا يدرج في الدخل القومي، ويزدهر ويتراجع حسب الظروف الاقتصادية، مبينا أن الإقبال من قبل السيدات على هذه المهنة يرجع إلى الظروف الاقتصادية إما العامة أو الخاصة بالأسرة لتحصيل دخل يعينها على المعيشة ومتطلبات الحياة.
وتلجأ المرأة للعمل في مثل هذه المهن، وفقا لمرجي، بسبب انعدام الدخل أو بسبب وفاة الزوج أو الطلاق، وبالتالي تكون المرأة هي المعيل الوحيد للأسرة، وهي ملزمة بذلك، لحماية أسرتها وإعالتها.
وبعض السيدات يقمن به لمجرد الهواية أوالرغبة، وملء أوقات الفراغ، وفق مرجي، وبهذا العمل تستطيع استغلال وقتها واشباع رغبتها، وأيضا تستفيد ماديا، ذاهبا إلى أن الاقتصاد المنزلي له دور كبير في خلق فرص عمل كافية، فيساهم في الاقتصاد الوطني لإخراج فئة من تصنيف العاطلين عن العمل أو الفقر.
وتعطي هذه المهن استقلالية للنساء وتعزز دورهن في المجتمع، فالمرأة صاحبة مشروع وقيادة، كما أنها يمكن أن تتميز بجودة منتجاتها، وهي تحيي الكثير من المأكولات التراثية التي لم تعد تجيدها الكثير من السيدات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com