حبوب اللقاح ستعود قريبا ..!

د. عنان الفقيه - أخصائي الحساسية و المناعة

تعد الحساسية تجاه حبوب اللقاح من الحساسيات الموسمية المرتبطة بالتهاب الأنف التحسسي  و تعرف أيضا بحمى الطلع،  و لا تتسبب بأي حمى و لكنها تتسبب باعراض كثيرة قد تعرقل الحياة اليومية مثل العطاس المتكرر و سيلان الأنف و احتقانه و حكة في العينين و الأنف و الأذن و احمرارهم و التعب العام الذي يمكن أن يكون مزعجا للغاية.
 و علاوة على ذلك، ترتبط الحالات الشديدة من المرض بتدني أنشطة  الحياة اليومية ، ما يؤثرعلى صحة المريض النفسية  و قد زاد انتشار حساسية الأنف بشكل كبير خلال العقود الماضية ,حيث يقدر الخبراء أن 500 مليون شخص حول العالم يعانون من هذه الحالة.
و التعرض لحبوب اللقاح قد يؤدي الى الاصابة بالربو التحسسي و تفاقم الأعراض في الأشخاص الذين يعانون من الحساسية مسبقا.و على الرغم من أن حبوب اللقاح تكون كبيرة جدا لكي تصل الى الرئتين، و لكن الدراسات قد أظهرت أن جزيئات حبوب اللقاح المتطايرة تصل الى الحويصلات الهوائية في الرئة و تتسبب بالتالي بتفاقم أعراض الربو التحسسي.
ان أكثر مسببات الحساسية المحمولة في الجو صغيرة للغاية، و كذلك حبوب الطلع، فهي عبارة عن حبوب دقيقة تنطلق من النباتات المزهرة و تنقلها الرياح أو الحشرات.  و حين توجد حبوب اللقاح في الهواء، فانها من الممكن ان تستقر في عين الشخص أو أنفه أو رئيتيه أو على جلده، و بذلك تسبب الحساسية.
و بالاعتماد على المكان الذين يعيش فيه الشخص فانه يمكن لموسم الحساسية أن يبدأ في فترة مبكرة من السنة كشهر يناير و متأخرا حتى آخر الخريف. و تعد محسسات حبوب الطلع من الأعشاب و شجر الزيتون الأكثر شيوعا بين أنواع المحسسات الأخرى – و لوجود نباتات أخرى مسببة لردات الفعل التحسسية, يمكن أن تستمر مواسم الطلع أشهرا عديدة و عادة ما تبدأ مع تلقيح الأشجار في أوائل الربيع. و تلقيح الأعشاب في  آخر فصل الربيع مرورا بالصيف و حتى آخر فصل الخريف.
ويعرف من الأشجار التىا تسبب الحساسية  الزيتون و الدردار و الصنوبر و السرو و اللوزيات. و تأتي حبوب اللقاح العشبية الاكثر توافرا في الجو من عشب النجيل. هذا بالاضافة الى زيادة الاصابة بالحساسية من الأعشاب البرية كعشبة السالسولا كلاي و غيرها.
و من المهم ايضا الانتباه الى أن عدد الاشخاص المصابين بالحساسية تجاه محسس واحد فقط محدود جدا.  و ان الأكثرية على ما يبدو مصابون بالحساسية تجاه أكثر من محسس و يعانون من ردات فعل تجاه عدة مصادر من هذة المحسسات.
وتمتد الأعراض الممكنة لالتهاب الأنف التحسسي الموسمي من خفيفة و قد تصل الى شديدة الحدة.  و يعاني الأطفال المصابون بالحساسية من صعوبات في التعلم و يكون أدائهم الدراسي أقل ممن حولهم بشكل ملحوظ.  و أظهرت دراسة ركزت على ما اذا ما كانت لحمى القش أثرا سلبيا على أداء الطلاب الذين ظهرت عليهم أعراض الحساسية في سنوات سابقة خلال الامتحانات الدراسية بانهم أكثر عرضة بمرتين لأن ينخفض أدائهم . و أصبحت هذه الأعراض ذات أهمية كبيرة حيث أن معظم الامتحانات تتم في فترة نهاية الربيع و بداية فصل الصبف ، حيث تكون كمية حبوب اللقاح عالية جدا
وبعد التشخيص الدقيق للمرض من قبل أخصائي الحساسية، و بغرض التعرف على المحسس أو المحسسات المسسبة للأعراض، يجب الأخذ بعين الاعتبار انه من أهم ركائز نجاح العلاج و السيطرة على المرض هو تجنب مسببات الحساسية.  و بما انه من الصعب جدا التأكد من خلو للبيئة الداخلية و الخارجية التام للمحسسات خلال موسم الحساسية، فان هنالك بعض التدابير البسيطة التي يمكن أن تساعد في تخفيف التعرض للمحسسات مثل البقاء داخل المنزل في فترة منتصف النهار (اذا أمكن) و ابقاء النوافذ مغلقة في المنزل و في السيارة و الاستحمام بعد العودة من الخارج و ارتداء نظارات شمسية، الخ...
و علاوة على ذلك،  هنالك بعض العلاجات الموجودة للسيطرة على الأعراض و بالتالي تقلل منها و من أثرها.  و مع ذلك، فان هذه العلاجات قد لا تستطيع مساعدة الاشخاص المصابين بأعراض تحسسية شديدة حيث لا تتم السيطرة على الأعراض بشكل كلي.
لذلك يقدم العلاج المناعي للحساسية خيار علاج مناسب للمرضى الذين يعانون من أعراض حساسية تنفسية. و يمثل هذا العلاج طريقة  ليس لمعالجة أعراض الحساسية فحسب و انما أسبابها أيضا, مما أثبت قدرته على تحسين نوعية حياة المرضى