الخميس، 1 مارس 2012

الجدول الصيني لتحديد جنس المولود

صورة

د. كميل موسى فرام
أستاذ مشارك/ كلية الطب- الجامعة الأردنية
استشاري النسائية والتوليد والعقم/ مستشفى الجامعة الأردنية

استخدام قصص التاريخ وأحاجيه أحيانا يمثل نفقا للخلاص من بحر الحيرة والفشل خصوصا لتلك القصص التي وجدت الترحاب وأصبحت متوارثة بين الأجيال لدرجة الايمان بمعطياتها بالرغم أننا نعيش اليوم ثورة تكنولوجية وتقدما علميا لم يترك باباً أو تساؤلاً إلا واجتهد به لإماطة اللثام عن أسراره، خصوصا في محيط العلوم الطبية حيث تعمل مراكز الأبحاث على مدار الساعة للكشف والاكتشاف بما يخدم البشرية فتنفق الأموال وتوظف الجهود لمحاربة الأمراض أو البحث عن وسيلة لتسهيل أحلام أفراد المجتمع البشري، هذه المعامل البحثية يقوم على رعايتها وخدمتها جيش جرار من العلماء والباحثين والتي تهدف بالأساس لنشر مظلة السعادة فوق المعشر البشري.

روبرت إدواردز وباتريك ستبتو
نذكر بفضل واحترام - كمثال - جهود العالمين الكبيرين روبرت إدواردز وباتريك ستبتو عندما استخدما تقنية أطفال الأنابيب للمرة الأولى بنجاح في سبعينيات القرن الماضي مفجرين بركانا وانقلابا على وسائل فشل الحمل والإنجاب بولادة لويس براون وذلك في مدينة أولدهام بإنجلترا سنة 1978ميلادية والتي ترجمت الحلم لواقع فساهما باختراع جرعة الأمل للمحرومين من أبناء الكوكب البشري وفتحا المجال لأفق التحديث فأصبحت التقنيات الحديثة قادرة على التعامل مع حالات العقم حتى في أصعب منعطفاتها.
البناء العائلي بفاصل السعادة يعتمد على مكونات الأفراد وتناسقها لأن العائلة النموذجية يجب أن تحتوي خليطا من الأبناء الذكور والاناث بنسبة تحافظ على النسل البشري فوق كوكبنا الجميل، وربما يميل تفكير غالبية المجتمع العربي للشق الذكوري بدون مبرر التفكير والسلوك بل لأسباب انتهت صلاحيتها منذ أجيال خصوصا بعد أن دخلت الفتاة جميع المحاور العملية والاجتماعية بالتساوي مع الرجل وليس منافسة له إضافة للمحافظة على دورها الأسري بحدود وبالتعاون الملزم.

نظرية تفضيل الذكر على الأنثى
المؤسف أن التخلص من نظرية تفضيل الذكر على الأنثى ما زالت قائمة وتحتل مركز الصدارة حتى بين الطبقات الاجتماعية المثقفة، ليكون الوباء الفكري مسيطرا على مساحة كبيرة من التفكير، خصوصا أن هناك استعمالا متجددا لعدد من الأمثال القديمة القذرة والتي تمجّد وتفضل الابن الولد عن الابن البنت لاعتبارات لن أنزلق بإحيائها عبر مقالتي لأنها عنوان لمحاربة التطور بل والتخندق داخل قوقعة الزمن القديم بداعي المحافظة على فصل تراثي هزيل وقد جفت منابعه ودخل بمرحلة الانعاش بعد محاصرته بتقنيات تعتمد على الحقائق العلمية.

تمجيد وتخليد فكرة متهالكة 
المؤلم إصرار البعض على تمجيد وتخليد فكرة متهالكة بإعتماد الجدول الصيني لتحديد جنس الجنين، بتحليل معادلة العمر وشهر الحمل والتي تتغذى أساسا بالعواطف والدموع، والمؤسف أيضا احتلالها لصدارة الأجندة بالتفكير العائلي عند مناقشة ظروف الحمل القادم بحجة التطبيق على أمثلة عائلية سابقة بالرغم أن حصالة البحث العلمي قد نسفت بالبرهان هذه الخرافات، ولكن ظروف الوثنية الفكرية وإنحصار التفكير بزاوية حادة تمنع على الزوجين والزوجة بالتحديد ظروف الانفراج والبحث عن البدائل والتي قد تحقق نتائج إيجابية بمسار الأمل فتساهم بتحويل الحلم لواقع إعتمادا على تقنيات العلم المتوفرة في هذا الشان العائلي الحساس والدقيق.

خرافة تمجيد الجدول الصيني
الاستماع لقصة البداية لولادة خرافة تمجيد الجدول الصيني تمثل علامة استفهام على بقائها حية وتتغذى بيننا منذ سبعة آلاف سنة تقريبا، بل والمُضحك المبكي احتفاظ البعض بنسخة تحمل هذا العنوان ضمن أوراقه الشخصية المهمة وأجندته التفكيرية، فتتعدى حدود التمادي الفكري لتشكل محور الحديث المتبادل بين الأزواج أو عنوانا للحديث المجتمعي بالمناسبات الاجتماعية والدفاع عن مصداقيته ببرهان ركيك لعبت الصدفة وحدها دورا داعما لفرضيته أو أن ذلك يمثل نتيجة التحصيل الحاصل للحمل بنسبة متقاربة بالعموم على أن يعزى الفضل لجدول متهالك وقد نخر أفكارنا بدرجة مزمنة، والمؤسف بدرجة أكبر احتلاله للصدارة عند إعادة ترتيب الأولويات العائلية بالرغم لافتقار معجمه للمنطق العلمي بالدفاع.
يمكننا تلخيض مبررات اختيار جنس الجنين بشكل أساسي بالدوافع السياسية حيث تكون النية بإنتاج أكبر عدد من الذكور لدوافع أمنية وسياسية، وهناك سبب آخر بدوافع الوقاية من الأمراض الوراثية والتي ترتبط بجنس الجنين إضافة للظروف الاجتماعية التي تحاصر الأزواج خصوصا بالزواج المتأخر نسبيا أو الالتزام بالقرار العائلي للارتباط بإحدى الأقارب والتي سُميت على اسمه منذ الولادة أو لحصر الإرث ضمن الدائرة العائلية الضيقة أو أن فكرة البحث عن الحمل والانجاب تحتل مركز الصدارة بالهموم العائلية بعلاقة بيانية مضطربة أو هناك ضرورة لايجاد معادلة التوازن العائلي بين الذكور والإناث.

نظرات الحزن
لكن الواقع الشرقي لا يعترف بهذا الأمر لأنه مجتمع يقدس الشق الذكوري والمؤسف أن الزوجة في حالات كثيرة هي التي تطلق نظرات الحزن عندما تعلم أنها سترزق بمولودة أنثى.
احتل البرنامج الصيني مساحة كبيرة لا يستحقها بتضاريس الحياة العائلية خصوصا بين أفراد المعشر اللطيف، فسحره يتعدى حدود التطبيق، وربما يحتل صدارة المنزل البحثي وهو لا يستحقها، لأنه خرافة استطاع الصينيون أن يزرعوها بالعقول من خلال إعطاء فرصة للعائلة للتحكم بأفرادها، وهو برنامج اعتمد على الفرضيات الفلكية بقالب الحجب الفكري، عندما اقترح فرضية وجود علاقة بين جنس الجنين وعمر الأم عند حدوث الحمل، وفرض بوهم الواقع معادلة الربط بين الماء والأرض والمعدن والنار والخشب، حيث تترجم وتربط هذه العناصر لتشكيل مفردات الجدول المعتمدة ليومنا، ظنا منهم أن الحيوان المنوي يستطيع التمييز، وقد فشل المسوقون بتوضيح أسس الترجمة إضافة لعدم الحاجة لتحليل النتائج، والتي تمثل سخافة متوارثة لم تشارك بتحقيق فصول السعادة بل أجزم أنها كانت سببا مباشرا لمعاناة الكثيرين الذين ركزوا على مفردات الجدول، وهو في حقيقته طريقة بدائية ساذجة تستغل الشغف العائلي لحرق أعصاب الزوجين بنسبة نجاح تحتل المركز المئوي المتوسط وهي نفس النسبة الربانية، بالرغم من تطوع البعض والدفاع عنه بتطبيق بنوده على أمثلة عائلية بنجاح.
اختيار جنس الجنين بظروف معينة يعتبر تفكيرا صحيحا بدرجة مطلقة وهناك من الأعذار والمبررات التي تفرض الطاعة بتلبية المطلوب، على أن يكون البُعد الأساسي للخطة العلاجية يعتمد على الثمار العلمية وضمن خطة علاجية مبرمجة تأخذ بالاعتبار نسب النجاح نتيجة دراسات علمية تحليلية تُوظف بالزمن والمال، وهناك من الوسائل التي تمنح فرصة الاختيار بنسب نجاح مختلفة ومتدرجة تصل للدرجة الكاملة، وتعتمد على الظروف الشخصية والاجتماعية والمادية، ويفضل اللجوء اليها بالتوقيت المناسب والذي يرفض , وأمّا اللجوء للجدول الصيني بدرجة الإيمان فذلك يمثل ضربا من اختلاط عناصر التفكير؛ ترقى لمستوى جريمة التصرف والتي تحتاج للصيانة الدماغية قبل وصولها لمرحلة البركان، فإعادة الهيكلة الشخصية تمثل فرصة لتفادي التمادي بالخطأ بينما يمثل استخدام أمثلة التاريخ بفوقية عن العلم درجة الانتحار البطيء اليوم وغداً، تماما كمن يمارس فنون السباحة ببحر الرمال في الصحراء.

نسبة الإجهاض المبرمج
مبرمج هذا الجدول قد استخدم درجة من الذكاء تعتمد على العواطف والحاجة، والغريب أن الصين البلد الوحيد في العالم الذي يحدد عدد أفراد العائلة بفرصة الزوجين لطفل واحد لمنع تفاقم المشكلة (القنبلة) السكانية، وهناك تفضيل مُطلق على الذكور عنه على الإناث، مما تسبب بارتفاع نسبة الإجهاض المبرمج نتيجة الحمل بجنين أنثى، لأطرح سؤالاً برسم الإجابة عن صِدقية الجدول وقدرته بالتأثير على الانحراف المعياري لجنس الجنين وللحديث بقية. 

kamilfram@gmail.com 

روبرت إدواردز وباتريك ستبتو

نذكر بفضل واحترام - كمثال - جهود العالمين الكبيرين روبرت إدواردز وباتريك ستبتو عندما استخدما تقنية أطفال الأنابيب للمرة الأولى بنجاح في سبعينيات القرن الماضي مفجرين بركانا وانقلابا على وسائل فشل الحمل والإنجاب بولادة لويس براون وذلك في مدينة أولدهام بإنجلترا سنة 1978ميلادية والتي ترجمت الحلم لواقع فساهما باختراع جرعة الأمل للمحرومين من أبناء الكوكب البشري وفتحا المجال لأفق التحديث فأصبحت التقنيات الحديثة قادرة على التعامل مع حالات العقم حتى في أصعب منعطفاتها.

نظرية تفضيل الذكر على الأنثى 

   المؤسف أن التخلص من نظرية تفضيل الذكر على الأنثى ما زالت قائمة وتحتل مركز الصدارة حتى بين الطبقات الاجتماعية المثقفة، ليكون الوباء الفكري مسيطرا على مساحة كبيرة من التفكير، خصوصا أن هناك استعمال متجدد لعدد من الأمثال القديمة القذرة والتي تمجّد وتفضل الابن الولد عن الابن البنت لاعتبارات لن أنزلق بإحيائها عبر مقالتي لأنها عنوان لمحاربة التطور بل والتخندق داخل قوقعة الزمن القديم بداعي المحافظة على فصل تراثي هزيل وقد جفت منابعه ودخل بمرحلة الانعاش بعد محاصرته بتقنيات تعتمد على الحقائق العلمية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com