الاثنين، 19 مارس 2012

عمالة الأطفال ..تمهد طريق استغلالهم

صورة

عمار الجنيدي -  ظاهرة استغلال الأطفال؛ ظاهرة عالمية نتجت عنها بروز عصابات الشوارع والأطفال مجهولي النسب والأطفال المشردين والبلا مأوى.
  يتم تشغيلهم واستخدامهم واستغلالهم لأنهم عمالة رخيصة اقتصاديا، ولأن مشغّليهم مستفيدين من عدم قدرتهم عن الدفاع عن حقوقهم، علما بأن الاستغلال الاقتصادي للأطفال مجرّم دولياَ، كما نصّت عليه المادة 32-1 في اتفاقية حقوق الطفل: (تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون مضراً أو أن يمثل إعاقة ليتعلم الطفل أو أن يكون ضارا بصحة الطفل أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي)، أو كما نصّ عليه الإعلان العالمي لحقوق الطفل ب «وجوب كفالة ووقاية الطفل من ضروب الإهمال والقسوة والاستغلال. وان لا يتعرض للاتجار به بأي وسيلة من الوسائل، وان لا يتم استخدامه قبل بلوغ سن مناسب، وان لا يسمح له بتولي حرفه أو عمل يضر بصحته أو يعرقل تعليمه أو يضر بنموه البدني أو العقلي أو الأخلاقي»، بما يعنيه مصطلح عمالة الأطفال من أعمال تطوعية أو مأجورة يقوم بها الطفل بالنسبة لعمره وقدراته، فتتأثر صحة الطفل سلبيا وبالتحديد سمعيا وبصريا لوجوده في أماكن عمل غير صحية، كما أن الطفل العامل يتأثر تطوّره وتحصيله معرفيا وعلى قدراته على القراءة والكتابة والإبداع والتميّز لبعده عن المدرسة، كما ويتنامى لديه الشعور بأنه أصبح عبدا لصاحب العمل وتعرضه للعنف والإساءة الجسدية واللفظية من قبل زملائه في العمل، وبأن ارتباطه الأسري أصبح غير مقدّر وغير مؤثر وبأنه غير مقبول اجتماعيا لأن انتماءه للجماعة مرهون باحترام وانسجام الآخرين معه أخلاقيا وعاطفيا.
ولقد أثبتت الكثير من الدراسات والأبحاث الميدانية، أن النسبة الأكبر من الأطفال الذين يتعرضون للإساءة والاستغلال جسديا ومعنويا بصور مختلفة؛ تأخذ شكل الإهمال والاستغلال الجسدي سواء عن طريق العمل الشاق والطويل زمنيا في كثير من الأحايين، أو بما يتعرضون له من أخطار وأذى جسدي ومعنوي. 
 عادة ما يكون  هذا الاستغلال والإهمال والاهانة والقسوة والإساءة   آثار على نموّ  الأطفال الجسمي والعقلي والنفسي وانحرافا مستقبليا على سلوكياتهم العاطفية والأخلاقية سواء على مستوى الأسرة أو المجتمع؛ وغالبا ما نرى أن تدني أجور الأطفال يغري باستخدامهم وبالتالي استغلالهم جسديا ومعنويا، بكافة صور أشكال الاستغلال التي يتعرضون إليها، بدء بتشغيلهم لساعات دوام طويلة ، أو تسريبهم من المدارس ومن أحضان أُسرِهم، وليس انتهاء بالاتجار بهم، وتعرضهم للعنف الجسدي من رب العمل .
 أن مُشَغّلي هؤلاء الأطفال غير آبهين  بما نصّت عليه أهم مبادئ الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة على إيلاء الطفل عناية واهتماما ينأى بهم عن كافة أشكال الاستغلال، خاصة أن الأسباب الحقيقية وراء عمالة الأطفال ليست كلها بسبب العامل الاقتصادي، فهناك عوامل أخرى تكمن في المستوى الثقافي للأسرة التي لا ترى في التعليم فائدة أو بسبب النظم التعليمية السائدة في بعض البلدان التي تُعيق فرص الانتماء للمدرسة والثقافة أو سوء معاملة المعلمين أو عدم معرفة الأطفال بالقوانين التي تحميهم أو رغبة الأطفال بمساعدة أسرهم لعدم قدرة أهاليهم على الإنفاق عليهم، حتى وإن أثبتت أن الريف هو صاحب النسبة الأعلى من عمالة الأطفال ، حيث أن المستوى المعيشي المتدني للأسرة يلعب دورا حاسما في هذه الظاهرة.
وعليه فقد بات من الضروري أن نقف على أهم الأسباب الاجتماعية والاقتصادية كالفقر والبطالة والتفكك الأسرى والبحث عن حلول جذرية لمواجهة هذه الظاهرة، للحد ما أمكن من استشرائها، ركضا وراء حمايتهم والحفاظ على ما تبقى من إنسانيتهم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com