الأربعاء، 21 مارس 2012

كـــل عــــام والأمهـــات بخيـــر

صورة

د. كميل موسى فرام - ربما ليست مصادفة ان يقترن احتفالنا بالأمهات مع بدء الربيع وعيد الكرامة,فهن يجسدن الكرامة وانبجاس زهر الحياة بكل معانيها . 
ونحاول أن نرد لهن الجميل ,ان استطعنا الى ذلك سبيلا وهيهات.. !
لا يجد الأبناء طريقا ,لتقدير الأمهات مهما فعلوا ,فكيف لفرع ان ينافس الأصل, وهن من عانين الام الولادة والمخاض واللحظات الأولى حين كنا نصرخ في حضونهن ,فلا ندرك حينها لهفتهن بأن نشب عن الطوق آمنين سالمين,ونبقى اطفالا في عيونهن وان بلغنا عتيا من العمر.
وفي الاحتفال السنوي بعيد الأم نكتب لوحة خالدة  بحروف قلبية مدادها دم التقدير والعرفان، لننسج  فقراتها بأوتار تعزف سيمفونية الاخلاص والاعتراف بالفضل لصواحب الفضل والسعادة في حياة الأبناء .
تحليل مفردات العطاء والتضحية والنجاح يرتبط بالأمهات فهن من حصدن ثمار جهود متواصلة لم تتحقق بغير أنين صامت، لم نكن نسمعه ومثال خالد لمعنى البذل بدون حدود أو انتظار لحصد المحصول. 
 وعلينا أن نتذكر أن طريق التربية  لم يكن ممهداً أو مرصوفا، بل وعرا فعبدته الامهات بصبرهن وحكمتهن وبحرص لا نستطيع ان ندركه الا حين نستعيد الدائرة ثانية مع ابنائنا وبناتنا فندرك حجم المعاناة ومعنى التربية .
في ذاكرتي لن يكون لصفحة النسيان عنوان ينكر أو يجحد جهود أمي التي علمتنا دروس ابجدياتها في الصبر واحترام الاخر وقبول الاختلاف والتفاني في العمل  فكانت الرفيق الأمين بالحرف والكلمة والتطبيق لكل المعاني السامية التي نستعيدها حين ترد كلمة الامهات على مسامع الأبناء .
استذكر,وأبناء جيلي كذلك ,تلك  البدايات العائلية التي توصف  بالستر والتواضع والقناعة، والبساطة ,فلم يكن الاستهلاك قد طغى واشتدت سطوته ,حين كانت أمي تؤكد أن كتابة المستقبل بحروف المجد  حكر لمن يبذل الجهود الصادقة والتي تخلو من الحسد أو الغدر، ، فأرضعتنا مبادىء التحليق للتميز وتحقيق الذات ولم تشعرنا يوما أن القناعة سلاح الضعفاء، بل رسمت لنا خطوطا محددة ضمن مساحة الزمن والامكانات يمكننا إعادة ترتيب أحداثها ورسم تضاريسها  بما يخدمنا ويخدم غيرنا ، فكان لها ما أرادت لأنها زرعت الأمل ببستان الإخلاص والتقدير والمحبة المطلقة بتربة عذراء وغير ملوثة، فحصدت ثماراً خالدة حتى يومنا ولمستقبلنا ونودعها بدورنا أمانة لدى أبنائنا بالمحافظة عليها والسعي لبناء المزيد لتحصين هرم الانجاز العائلي. 
ظروف حياتنا المريحة اليوم تبرهن بالدليل بأن تغير الواقع يبدأ من تغير الذات نحو الأفضل بدرجة الطموح والجهد، بدرس لم نستوعبه بالبداية ولكنه شكل عنوان الامتحان الأصعب والذي منحنا شهادة الاختيار بفردوس الزمن، جوهره ليس ضربة حظ أو نتيجة حتمية للتضحية بمساحات من الأرض التي ورثها الأباء عن الأجداد - كما فعل البعض - فكان علينا الاستعداد جيدا لكل امتحان، فالنتيجة تراكمية والاخفاق بواحد نتيجة الكسل أو سوء الاستعداد أو التقدير لن يغفر لنا اختيار سبيل الهلاك بعكس طموحنا، وبما  يخالف حلم الوالدين اللذين تعاهدا بتربية عائلة مثالية لتكون أنموذجا بقطف النجاح حتى لو من فم أسد المستحيل.
شكرا وحبا للأمهات في عيدهن ,وأعرف منك يا أمي أن سعادتك تمثلت بتربية مثالية يشهد لها الجميع، وجهود مضاعفة لأنها بدافع ذاتي لبناء سقف الذات للحماية من غدر الزمن وسكانه، رسالة نُقشت وتُرجمت بدموع العين وحفرت عنوانا نؤمن بسحره ونحافظ على عهده، فلك ولكل الامهات قبلة وألف قبلة نطبعها على الجبين اليوم وكل يوم عرفانا وتقديرا.
 كبرنا، ولكننا ما زلنا صغارا نحتاج لعطفك ودعواتك، واليوم أيضاً مناسبة لصلاة الرحمة على روح الوالد الذي رحل عنا بغير موعد، ونحن على الطريق نسير وللعهد حافظون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com