الأحد، 23 يونيو 2013

تعلق الأطفال بعاملات المنازل مشكلة تستدعي الحل


مجد جابر

عمان- تفاجأت الثلاثينية سهاد علي، من تصرف طفلتها البالغة من العمر عامين، عندما وقعت على الأرض وبدأت في البكاء، فركضت إليها لتحملها وتهدئها، إلا أن الطفلة استمرت في البكاء، وهي تنادي باسم عاملة المنزل، ولم تتوقف عن البكاء حتى جاءت وحملتها.
تقول سهاد "لقد تأثرت بالموقف بطريقة لا توصف، فأنا أعرف مدى تعلق ابنتي بالعاملة، كونها هي التي تبقى معها طوال الوقت، عندما أكون في العمل، وعندما تذهب للعب، وقبل النوم، إلا أنني لم أتوقع أن تفضلها عليّ، وتكون هي مصدر الحنان بالنسبة لها".
وتضيف سهاد أنها استاءت لما حدث، لأنها تريد أن تدرك طفلتها أنها هي والدتها، ولا أحد غيرها، لكن ظروف الحياة، والعمل، ومشاغل البيت بعد العمل، والانشغال ببقية الأبناء، والزوج؛ هي التي تفرض عليها الاستعانة في تربيتها بعاملة المنزل.
وحال سهاد لا يختلف كثيرا عن حال مرام، التي لم يكمل ابنها عامه الثاني بعد، إلا أنه متعلق جدا بعاملة المنزل، فلا يكاد يراها قادمة من بعيد حتى يأخذ في التصفيق والضحك والانبساط لقدومها. وعندما يبكي، أو يستاء من أي شيء، لا أحد يقدر على إسكاته سواها.
تقول مرام إن ابنها متعلق بها بطريقة لا توصف، فهو لا يرضى النوم إلا معها، ولا يتناول الطعام إلا من يدها، مبينةً أنها تحاول قدر الإمكان أن تقضي معه بعض الوقت، حتى تشعره بحنانها، وحتى يبقى معها أكثر مما يبقى مع الخادمة، إلا أنه يظل متعلقا بها بطريقة لا توصف. وتضيف "لا يمكن أن يتصور أحد حجم الفرح والترحيب والضحك الذي يبديه عندما يراها آتية من بعيد، فيبدأ بالتلويح بيديه وأقدامه، حتى تأخذه وتحمله.
ويرى اختصاصي علم الاجتماع، د.حسين الخزاعي، أن السبب الأول في ذلك، هو أن الطفل في هذه المرحلة يكون في حالة تنشئة اجتماعية مبكرة، وفي أشد الحاجة إلى التعلق بمن يمنحه قدرا أكبر من الحنان والاهتمام، خصوصا وأن الطفل في المرحلة الأولى من عمره نراه يبحث دائماً عن الأمان، وتأمين الحاجات، ويجد كل ذلك عند العاملة بسبب انشغال الأم طوال اليوم.
إلى جانب تكليف الأمهات، الخادمة، بتلبية حاجات أساسية يفترض أن تقوم بها الأم، لذلك نرى الطفل متعلقا بشكل كبير بالعاملة، وهو التعلق الذي قد يستمر لمرحلة متقدمة من عمر الطفل.
ويرى الخزاعي أنه يجب على الأم أن لا تتنازل عن أدوارها الأساسية، وأن تكون الأدوار الثانوية لعاملة المنزل، وتبقى هي المسيطرة.
وفي ذلك، يقول الاختصاصي الأسري، أحمد عبدالله، إن سلوك الطفل هذا أمر غير صحي على الإطلاق، فرغم الاضطرار أحياناً كثيرة لوجود عاملة في المنزل، إلا أن الإشكالية تكون بعد عودة الأم من العمل، حيث تبقى هي المسؤولة عن الطفل، ولا يتم تقاسم الأدوار بينهما.
وبالتالي، فإن الطفل يتعلق بالشخص الذي يشعره بالاهتمام والعناية، بغض النظر عمن يكون هذا الشخص، مبيناً أنه عندما يبكي الطفل لسبب من الأسباب، كأن يريد شيئا معينا، فإنه يلجأ إلى الشخص الذي اعتاد أن يلبي طلباته ويشبع رغباته بأسرع وقت ممكن، وهو في العادة لا يجد هذا إلا مع العاملة بحكم وجودها المستمر إلى جانبه، بسبب غياب الأم، وهذا أمر غير صحي على الإطلاق.
ويضيف أن لجوء الطفل إلى الخادمة يعد تصرفا طبيعيا للأسباب المذكورة، وأما الحل فلا يأتي إلا من الأب والأم؛ إذ عليهما أن ينفقا بعد عودتهما إلى البيت كل ما بوسعهما من جهد للعناية بطفلهما، وأن يعيا أن دور العاملة ليس تعويضها بل مساعدتهما على تدبير أمور طفلهما أثناء غيابهما.
ويذهب الاختصاصي النفسي، د.عماد الزغول، إلى أن هناك الأم البيولوجية، والأم الاصطناعية التي تقدم الرعاية للطفل، وبالتالي فإن الطفل عندما ينشأ، ويجد أن عاملة المنزل هي التي تقدم له الرعاية والاهتمام، وتشبع كل حاجاته، فإنه من الطبيعي أن يتعلق بها، أكثر من اهتمامه بأمه التي لا يراها كثيرا، ولذا على الأم أن تدرك هذه الحقيقة وتقدر أن ما ينتابها من شعور سيئ إزاء العاملة لا مبرر له، لأنها غير مسؤولة عن تعلق الطفل بها ونفوره من الأم.
لذلك فالمطلوب من الأم أن تخصص بعض الوقت لطفلها حتى تبقي الاتصال قائما بينها وبين طفلها، لأن الطفل في سن معينة لا يدرك أن هذه أمه، وأن تلك عاملة المنزل، فلا يهمه فقط سوى الشخص الذي يشبع حاجاته ويلبي رغباته. فالأم العاملة، مهما كانت انشغالاتها، يجب أن تجد الوقت الكافي لتوفير حاجات ابنها البيولوجية والاجتماعية، حتى لا ينفر منها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com