برازيليا- تعرف مدينة برازيليا بمبانيها الريادية التي صممها المعماري أوسكار نييمير، الجاذبة للسياح من هواة العمارة، لكنها تجذب أيضا نوعا آخر من السياح يسعون إلى روحانيات مختلفة ويبحثون عن الإثارة.
فمدينة برازيليا، عاصمة أكبر بلد كاثوليكي في العالم، باتت تحتضن أكثر من ألف معبد تمارس فيها معتقدات مختلفة بعضها غريب.
تقع مدينة فالي دو امانيسير (وادي الفجر) الصغيرة على مسافة أربعين كيلومترا من برازيليا، في وسط المنطقة شبه الصحراوية في البلاد، ويبلغ عدد سكانها 35 ألف نسمة.
يقصد هذه المدينة العشرات من العلماء بالروحانية، يتجولون في الشوارع في حالة من النشوة، يرتدون ملابس غريبة، يستحضرون حضارات ولت، أو شعوبا ستأتي في المستقبل، والمجوس والحوريات والمحاربين وأمراء المايا...كل ذلك تحت أنظار السياح المذهولين.
ما يفسر هذه الحماسة أن العاصمة برازيليا شيدت في العام 1960 في منطقة تتمتع بطاقات كونية عالية، بحسب ما يؤمن البعض، وهي ملتقى للأنهار الثلاثة الكبرى في أميركا الجنوبية، وتقع على هضبة غنية بالبلوريات.
كانت كورالي اريديس مبشرة كاثوليكية، لكنها واجهت "الكثير من المآسي" أفقدتها إيمانها بالله، وفي عمر الثالثة والثمانين عادت إلى الإيمان، وتقول "وجدت الإجابة في الروحانية".تأسس هذا المكان في الستينيات من القرن العشرين، على يد سيدة تدعى نيفا تشافيز زيلايا، توفيت في العام 1985 وما تزال حتى اليوم تعرف باسم "تيا نيفا" أي الخالة نيفا.
يحافط هذا الموقع على جمالية الحقبة التي تأسس فيها، وهي متأثرة بأفكار الخيال العلمي.
ويشبه بناء المعبد الأساسي مركبة فضائية كبيرة، ويقع إلى جانب هرم، وفي داخله تتقابل مرايا عدة لتعكس أضواء وألوانا زاهية على مساحات مخصصة للشمس والقمر والسيد المسيح وبلقيس ملكة سبأ.
يصطف الزوار في طابور للحصول على علاجات روحية، وتطهير أرواحهم، أو الاتصال مع الأرواح العليا.. كل ذلك في جو إنشادي ترنيمي ووسط دخان البخور.
ويرتدي البعض أزياء توحي وكأنها خرجت للتو من فيلم خيال علمي.
ويقول أحد أتباع هذه الطريقة الروحانية "المسيحيون يرتدون ثياب الكهنة، ونحن كذلك لدينا ملابسنا التي ترمز إلى الحياة الجديدة وإلى مهمتنا في هذا الوادي".
ويشهد هذا النوع من السياحة نموا متواصلا في برازيليا وجوارها، حتى أن السلطات تعتزم إنشاء مسار سياحي روحي بالشراكة مع منظمة اليونسكو، بحسب مسؤولين محليين في قطاع السياحة.
الوجهة السياحية الأولى في برازيليا وليس أحد الأبنية المميزة التي صممها نييمير، بل معبد "الإرادة الطيبة" الذي يستقبل مائة ألف زائر شهريا، حيث الهرم المبني على طريقة أهرامات وادي النيل، يفتح أبوابه للزوار على مدار الساعة على مدار الأسبوع، ليسلكوا سردابه الحلزوني بهدف "تجديد الطاقة".
وعلى بعد سبعين كيلومترا من العاصمة، تقع بلدة ابديانا التي تستقبل آلاف الحجاج، من بينهم أجانب وشخصيات مرموقة، مثل؛ الرئيس السابق لولا الذي حكم البلاد بين العامين 2003 و2010.
ويقصد هؤلاء الأشخاص المكان طلبا للعلاج من أشهر "الوسطاء" جاو دو ديوس، أو مشاهدة "العمليات الروحية" التي يستخدم فيها المشارط والإبر بدون استخدام المخدر.. لكن المريض لا يشعر بالألم.
في غاما، على بعد ثلاثين كيلومترا من برازيليا، يؤكد رجل في الثالثة والسبعين من عمره أنه وسيط مع القوى الغيبية وقادر على العلاج بواسطة الأرواح.
منذ 55 عاما، يستقبل هذا الرجل ويدعى فانتين سوزا، آلاف المرضى أسبوعيا، كثيرون منهم مصابون بسرطان فقدوا الأمل للشفاء منه بواسطة الطب، وتساعده في عمله شريفة محمد غونزاليس، وهي جراحة تجميل يؤكد زوجها أنها شفيت على يد سوزا من اضطرابات في الأوعية الدموية.
يرتدي سوزا رداء أبيض كالأطباء، ويبدأ عمله في السابعة من صباح كل يوم، وتختلف طريقته في المعالجة بحسب الشخص، وقد تقتصر على صيحة مفاجأة .. بعدها يشفى المريض.
وقد أمضى هذا الرجل 14 عاما من حياته مقعدا، بعدها شفي بشكل مفاجئ، وأصبح منذ ذلك الحين معالجا روحيا.-(ا ف ب)