السبت، 15 يونيو 2013

تمزيق الكتب بعد الامتحانات سلوك "غير حضاري"



منى أبوحمور
عمان - منظر يتكرر نهاية كل عام دراسي، حيث تفترش أوراق الامتحانات والكتب الممزقة الأرض. فمن جانب تتعثر رِجلا المار بكتاب الفيزياء، وبكتاب العربي والانجليزي من جانب آخر. وفي أثناء مسيرك وحتى نهاية الطريق المؤدي إلى المدرسة تستقبلك أوراق ممزقة من المناهج الدراسية، التي وللأسف البعض منها ما يزال جديدا.
نوع من "فش الغل"، و"الفرحة" بالانتهاء من فترة "الامتحانات العصيبة" هي التي دفعت مراد الحياري (15 عاما)، لتمزيق كتبه أمام بوابة المدرسة، إعلانا بانتهاء الامتحانات واحتفالا ببدء العطلة الصيفية.
يقول الحياري "أشعر براحة نفسية كبيرة، وفرحة غامرة، عندما أمزق كتبي"، مقلدا في ذلك تصرفات أخيه الأكبر وأصدقائه عندما كانوا يمزقون كتبهم والبسمة تملأ وجوههم، مؤكدا أنه يشعر براحة نفسية عند تمزيقه الكتب.
بيد ان الغريب هو رؤية الفتيات يقمن بمثل هذه التصرفات التي ربما ارتبطت بالذكور أكثر. لقد مزقت لمى الهندي (14 عاما) ورفيقاتها، كتبهن بالقرب من المدرسة، وسط مظاهر احتفالية، تخللها الضحك والتصفيق والتصفير، فرحة بانتهاء الامتحانات، وعبور سنة دراسية!
"على الرغم من الفوضى التي نحدثها، فإنه شعور رائع"، وفق الهندي التي لفتت إلى استنكار والديها لتصرفها، وتوبيخها أكثر من مرة، إلا أنها ترى بأن الكتب كتبها، وهي صاحبة القرار في تمزيقها.
الثلاثينية سوسن العمد، المعلمة في إحدى المدارس الحكومية، تجد هذا التصرف "ظاهرة سلبية، وتصرفا غير حضاري"، آسفة لقيام الطلبة بمثل هذه التصرفات، خصوصا الفتيات.
وتضيف العمد أنه لا بد للأهل من العمل على تقويم بعض السلوكيات السلبية التي يقوم بها أبناؤهم، إلى جانب دور المدرسة في هذا الشأن، مؤكدة أن تربية الأبناء لا تقتصر على السنوات الأولى من العمر فحسب.
في حين تشير اختصاصية التربية، الدكتورة أمل العلمي بورشيك، إلى أن لجوء الطلاب إلى تمزيق كتبهم في اليوم الدراسي الأخير ناتج عن "سوء الفهم في التعبير عن مشاعرهم، بغض النظر عن العواقب".
وتشير بورشيك إلى أن الطلاب يعتبرون تمزيق الكتب "نوعا من فش الغل في الكتاب"، لافتة إلى أنه سلوك سلبي، يحمل نوعا من عدم احترام الكتاب والآخرين أيضا، لما يترتب على هذا التصرف من إزعاج للآخرين ومن تلويث للبيئة.
وتلقي بورشيك باللوم على المعلمين المقصّرين في توجيه الطلاب وتعريفهم بهذا السلوك السلبي، وبأهمية الكتب، وإن انتهت الدراسة، مؤكدة أنه تصرف غير مسؤول، ويعبر عن كره الطالب للمدرسة والمنهاج، مشيرة إلى دور المناهج في تغذية هذه الظاهرة السلبية، لعدم تناولها لبعض القضايا التي تتعلق بالسلوكيات السلبية.
وتردف أنها ظاهرة يعبر الطالب من خلالها عن رفضه للمرحلة التي كانت تسبب له الضغط والتوتر، مؤكدة أهمية دور المدرسة، والأهل والمجتمع في توعية الطالب بسلبية هذه الظاهرة، وتعديل هذا السلوك.
ومن جانبه يشير اختصاصي علم النفس، الدكتور عماد الزغول، إلى أن قيام الطلاب بتمزيق كتبهم على اختلاف أعمارهم يعد نوعا من أنواع التحرر من ضغوطات الامتحانات، إذ إن الإنسان بطبيعته يحب أن يكون حرا، متحررا من القوانين والضغوط التي تعيقه عن ممارسة كافة الأمور التي يحبها.
ويعتقد الطالب، وفق الزغول، أن تمزيق الكتب في آخر يوم من الامتحانات هو ردة فعل وانتقام من كتبه، والتخلص من الدراسة، من خلال حرق الكتب، وتمزيقها، كنوع من أنواع التحرر النفسي.
ويلفت الزغول إلى أن "غياب الإدراك والوعي، وغياب النضج الكافي، والخلل في التفكير، وسوء التصرف، هي التي تدفع الطالب لهذا السلوك المشين".
ومن جانبه يشير اختصاصي علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية، الدكتور حسين الخزاعي، إلى أن تمزيق الكتب "ظاهرة مزعجة، ومنفرة"، تمارس من قبل بعض طلبة المدارس مع انتهاء كل عام دراسي، بعد تقديم الامتحانات النهائية، لافتا إلى أنه "سلوك ظاهر للعيان".
ويصف الخزاعي هذه الظاهرة بأنها "فيروس سلوكي طلابي"، حيث يتسابق بعض طلبة المدارس إلى تمزيق الكتب المدرسية، أو أوراق الامتحانات التي بحوزتهم، ورميها قرب مدارسهم، بشكل مؤذ لكل من يشاهد هذه الممارسات.
كما تشكل هذه الظاهرة، بحسب الخزاعي، "مظهرا غير حضاري"، وسلوكا فيه "إيذاء للبيئة، وإزعاج إلى المنازل القريبة من المدارس"، بسبب تطاير وتكدس هذه الكتب أمام المنازل. كما أن عمال النظافة يتكبدون الجهد والمعاناة لتجميع هذه الأوراق، والكتب والحقائب ووضعها في الحاويات، والقيام بتنظيف الأماكن التي يتم رمي الكتب بالقرب منها.
ويرى الخزاعي أن التقليد الأعمى لأصدقاء السوء من الطلاب، وتباهيهم بالقيام بمثل هذه السلوكيات، يشجعان الطلبة الآخرين على تقليدهم، وخاصة الذين في صفوف ومراحل تعليمية أدنى من صفوف الطلاب مرتكبي هذه السلوكيات. إلى جانب غياب وتوجيه وإرشاد الأبناء للاحتفاظ بالكتب المدرسية، من قبل المدرسة والآباء، وعدم وجود برامج للاستفادة من هذه الكتب، وغياب توجيه الأسرة والمدرسة للآباء نحو متعة قراءة الكتاب المدرسي بعد الانتهاء من تأدية الامتحانات المدرسية.
وترى بورشيك وجوب أن يكون هناك اقتراحات وبدائل يمكن من خلالها معالجة هذه الظاهرة السلبية، وتشجيع الطلبة على المحافظة على كتبهم المدرسية، كتعويد الطالب المحافظة على الكتب، وتخصيص مكتبة بسيطة في منزله لحفظ هذه الكتب والاستفادة منها، ولحفظ أسئلة الاختبارات للاستفادة منها مستقبلاً، أو إهداء تلك الكتب لمن يستحقها من باب المساعدة.
وتقترح بورشيك قيام المدارس بتخصيص جوائز تشجيعية ومكافآت للطلبة الذين يحافظون ليس فقط على كتبهم، وإنما أيضا على أثاث المدرسة ونظافتها وممتلكاتها، أو بيع الكتب المدرسية المسترجعة في حال الاستغناء عن استخدامها لاحقا، لشركات الورق المختصة بإعادة تدوير الورق، للاستفادة من عائد البيع في نواح تربوية أخرى.

muna.abuhammour@alghad.jo


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com