الخميس، 13 يونيو 2013

بيت الأجداد يحتضن الأحفاد في العطلة الصيفية ويمنحهم الحنان والأمان


تغريد السعايدة

عمان- وسط حيرة الأمهات العاملات حول المكان الذي سيذهب إليه أطفالهن بالعطلة المدرسية، يبقى بيت الأجداد الخيار الوحيد لغالبيتهن الباعث على الحب والحنان.
ولا يكتفي الأطفال بتمضية الوقت في ساعات دوام الأم بل يعمدوا أحيانا الى النوم عند الأجداد الذين يحيطونهم بالرعاية، ويمكثون في منزل يكتنفه الأمان وتشيع فيه أجواء الفرح. 
السبعينية أم زيد لا تستطيع وصف سعادتها لبقاء احفادها عندها خلال عطلتهم الصيفية، حيث إنها كانت تجلس في البيت بقية العام وحدها لساعات طوال، غير ان وجود الأحفاد برفقتها "يبعث على الفرح ويكسر الروتين وفيه تجديد لروح البيت، الذي لطالما حضن آباءهم وأمهاتهم لسنوات عمرهم الجميلة قبل زواجهم".
وتتابع أم زيد أنها وبالرغم من المسؤولية التي تقع على عاتقها بوجود الأطفال إلا أنها لا تتوانى عن العناية بأحفادها، مبينة أنها تستيقظ مبكراً لتكون في استقبالهم، وتقوم بعد ذلك بتحضير وجبة الأفطار لهم، مؤكدة أنها تشعر بسعادة بالغة حين تتناول الإفطار معهم خلال يومها الطويل، ثم تنتقل لاستكمال أعمال المنزل.
وفي الوقت الذي تطمئن غالبية الأمهات لوجود الطفل عند جديه في العطلة إلا أنها قد تشعر بالذنب لقيامه بإزعاجهما، وهو وحال أم ليث التي تعود إلى العمل بعد الخامسة مساء، وترى أنها تكون في غاية الاطمئنان على ولديها عندما يكونان في بيت الجدة، وتقول إنها لا تتوانى عن الاتصال بهم طيلة الوقت، حتى تذكرهم بعدم إقبالهم على أي تصرفات "مشاغبة"، قد تسبب التعب والإزعاج لوالدتها، والتي يتجاوز عمرها الستين عاماً.
من جهتها تقول أم مصطفى إنها لم تتوان يوماً عن إبقاء أحفادها بجانبها خلال فترة العطلة المدرسية ووجود أمهاتهم في العمل، وهي ترى بأن هذا يجعلها تشعر بالسعادة، كون هذا التواجد الدائم يزيد من علاقتها بأحفادها ويقوي الصلة بينهم، فهي تشعر بحبهم لها وفقدانهم لها عند بقائهم في منزل ذويهم.
هذه السعادة التي ترافق أم مصطفى بوجود أحفادها، قد يشوبها أحياناً شعور بعدم الرضا حين يُشعرها أبنائها بأن ما تقوم به من عناية لأبنائهم هي "واجب محتم عليها وليس مساهمةً منها في رعايتهم"، مبينة أن ما يجعلها سعيدة باحتضان أحفادها المحبة التي تكنّها لهم وخوفها عليهم، وليس أن يكون مجرد واجب وكأنها "مربية حضانة".
الاستشاري الأسري، أحمد عبد الله، يرى أن هذا التشارك ما بين أفراد الأسرة الممتدة يعد "أمراً رائعاً"، وله العديد من الفوائد الاجتماعية والشخصية. فوجود الطفل ضمن أسرة ممتدة يمنحه فرصة لتطوير شخصيته، من جهة، ومن جهةٍ أخرى لا يشعر الجد والجدة بالانقطاع عن الجيل الحالي"، وخاصة عن أحفادهما.
وبالإضافة إلى ذلك، يؤكد عبد الله أن من الفوائد الأخرى التي يمكن أن تجنيها الأسرة من بقاء أبنائها في بيت الأجداد خلال العطلة الصيفية، هو "تقوية الروابط بين الأجداد والأحفاد، وتعزيز الصلة والأرحام فيما بينهم". كما يوفر ذلك راحة نفسية للأبوين أثناء تواجدهما في العمل. كما قد يؤدي ذلك إلى إحداث تغيير في بعض الأدوار التي يؤديها الأبناء عندما يكونون برفقة الأجداد، كأن يتم إسناد بعض المهام إليهم، وقضاء بعض الأعمال للجدين، وهذه الأشياء عادةً لا يقوم بها الأبناء في بيت الأب والأم.
ويرى عبد الله أن ما يسعد الابناء "الأطفال" من مجالسة الأجداد هو أن "ما هو ممنوع من قبل الآباء على الأبناء، يصبح مسموحا ومباحا من قبل الأجداد"، بمعنى أن الآباء يحظرون على أبنائهم بعض الأشياء، فيما الأجداد لا يمنعونها عن أحفادهم، "رغبةً منهم في منحهم الحنان والعطف والدلال، وعدم رفض أي طلب من طلباتهم". 
سهام تسعد بإرسال أطفالها لبيت جدهم، إلا أنها تشعر بـ "تأنيب الضمير"، على حد تعبيرها، بسبب بقاء أبنائها الأربعة، الذين تتراوح أعمارهم بين خمس سنوات، وخمس عشرة سنة، في بيت جدتهم، أثناء غيابها عن المنزل، فهي تقول إنها مضطرة لذلك، لأن أطفالها ليس لديهم القدرة على تحمل المسؤولية أثناء غيابها.
غير أن ما تشعر به، سهام، أحيانا هو الحرج بسبب "الإزعاجات" التي يسببها أولادها، خصوصا أن والدتها كبيرة في السن ولا تتحمل الفوضى، ولكنها مضطرة خصوصا أنها لا تطمئن عليهم الا مع جدتهم التي تحبهم كثيرا.
وعلى الرغم من أن السيدات العاملات يفضلن بقاء أبنائهن في بيت الجد خلال العطلة، إلا أن البعض منهن يعتقدن وجود أطفال بأعمار صغيرة برفقة اجدادهم الكبار بالعمر، يشكل اختلافاً من حيث طبيعة التفكير وطريقة التعامل مع بعض الأمور في الحياة.
غير أن الاستشاري التربوي، الدكتور محمد أبو السعود، يقول إن الأضرار التي يمكن أن تحدث نتيجة بقاء الأحفاد عن الجد أو الجدة، بعض الوقت، ضئيلة جداً وتكاد لا تذكر، لأن الفوائد التي يجنيها كبيرة، وتساهم في تطويره اجتماعيا ونفسيا، وهي فرصة لزيادة خبراته، وتغذية شخصيته، والاعتماد على ذاته.
ويشير أبو السعود إلى أن الطفل الذي يقضي بعض الوقت مع أجداده، سيكتشف برامج اجتماعية كثيرة يشارك فيها عائلته الكبيرة، وخاصة في المجتمعات القروية القائمة أساسا على نظام الأسر الممتدة، وهذا يؤثر إيجاباً في تربية الطفل، إذ إن التربية عبارة عن "خبرات متراكمة"، و"الصح والخطأ" متفق عليهما سواء في المدينة أو في القرية. 
ويبين أبو السعود فوائد احتضان الجدات للأحفاد، ومنها الحنان والعطف اللذين يحصل عليهما الحفيد، واكتساب خبرات جديدة، لأن الطفل بحاجة إلى تجديد خبراته والاطلاع على تفاصيل الحياة، ومعالمها في بيت الأهل والأسرة الممتدة، إذ إن مرجعية الطفل في نهاية الأمر ستكون دائماً هي العائلة والأسرة الكبيرة.

tagreed.saidah@alghad.jo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com