الخميس، 20 يونيو 2013

ماذا عن امتلاك مفاتيح الجمال والجاذبية..؟

صورة

د.كميل موسى فرام

استشاري النسائية والتوليد/ مستشفى الجامعة الأردنية
أستاذ مشارك/ كلية الطب- الجامعة الأردنية.

 الزواج خطوة مقدرة بظروف الدهر والأيام كمقدمة للحياة الزوجية السعيدة بهدف البناء العائلي، رحلة تبدأ محطاتها بعنوان يمثل مقاصة الاتحاد بالجزيئيات والمحاور وقوامها المحبة المتبادلة بين الشريكين، حتى إذا غدرت الأيام بمحور الصحة لتجعلنا بعذر التعامل معها بصورة إفرادية للوصول لقرار نهائي أو التخطيط لخطوة قادمة بفصل أو اقتطاع أي جزء منها تحت أي عذر أو مبرر، فمفاصل البناء العائلي تتكون دائما من اتحاد الهموم المشتركة للزوجين بقصد تعبيد ورصف طريق العائلة للوصول للقمة التي تختلف بمكوناتها وتضاريسها حسب زاوية الاهتمام والقدرات ويمثل واحدا من أهراماتها الإنجابُ للتكوين، نتيجة تجعل المحطة الصحية بمقدراتها الوحدة الأهم لديمومة البقاء والتربع على قمة السلم الحياتي على أنغام خرير الغدير، محطة قد تتعرض لزلازل صحية مؤثرة تتطلب البحث عن النصيحة الطبية، منها وسائل الحماية والمناعة، ومنها وسائل العلاج بمختلف درجاتها أو طرقها، ففي صفحة العلم اليومية اكتشاف جديد لوباء أو علاج، علينا الأخذ به إذا كنا متابعين ومهتمين بمسايرة الجديد حتى لا تضطرنا الظروف لركوب قطار العلم الحجري بوسائله البدائية متسلحين بتاريخ أمجاد الغير من الأجداد دون أن نشارك بصنعه أو توثيقه وتخليده، بل نحارب المساهمة فيه لأعذار ركيكة حتى لا نصاب بالحسد والعين.

ظروف الرحلة العلاجية

الشكوى المرضية للسيدة، تختلف بخصوصيتها لارتباط اتحادي مع الرجل، حيث أن الذهاب للطبيب للبحث عن التشخيص والعلاج يتطلب بصورة أو أخرى موافقة الزوج على ظروف الرحلة العلاجية لاعتبارات لا تعنى مقالتي هذه بتحليلها خصوصا الزيارة الطبية لعيادة اختصاص النسائية والتوليد لحساسية الجهاز المعني بالتحليل والكشف - بالرغم من الانتقال لقرون الابداع والتغيير على ظهر حصان الأيام - لكن تحليل وقائع الحياة الزوجية بأصولها يبين أن أمر البحث للخلاص من شكوى أو معاناة هو أمر شخصي وحصري لا يحتاج لموافقة مسبقة موضحا أن شهادتي هذه لا تعني دعوة للتمرد على الدستور العائلي المطبق، فذلك حق وليس مِنّة من أحد، كما أن ذهاب الزوج مع زوجته أثناء رحلة العلاج يمثل عامل إطمئنان وحماية من غبار الزمن الأسود يشعرها بصدق تطبيق شعار شراكة الأيام كمجداف لشراع القارب ضد عواصف الصحة وليس مسافرا بقطار الزمن ينتقل من محطة لأخرى بما تيسر لديه من مال أو وقت للاستمتاع، فشخصيا أشعر بدفء الشكوى وانسياب الهموم عندما أقابل مريضة برفقة زوجها يذكرها بما غفلت عنه عند سرد شكواها أو يصححها بتاريخ أو واقعة لم تسعفها الذاكرة بوصفها، فأقرأ بعيني الزوج ما لم يذكره لسانه أو يخفيه خلده، إشارات تعبر عن القلق والخوف، تشكل بطاقة إطمئنان وبلسم شفاء، يمكننا ترجمتها بأكثر من معنى.

 فصول شخصية خاصة جدا

بعض الزيارات الطبية ، تحتوي على فصول شخصية خاصة جدا تصنف بدرجة السرية الذاتية، تشعر المرأة بحرج شديد لقراءة مفرداتها أو الافصاح عنها أمام آخرين حتى لو كان الزوج أو الأخت أو الصديقة، فعلينا احترام هذه الخصوصية، ولكنها عموما تشعرها بدرع قوية تحميها عندما تجد أن همومها قد اختلطت بهموم الزوج ترجمة للشراكة المحفورة على أسطر الأيام، تتشكل كلماتها من حروف الاخلاص والوفاء والمحبة فقد يكون فيها العلاج الشافي بالعطاء وليس بوعود في أسطر الزيف، نقاط حروفها همزات وصل بين فترات الزمن، ويحذر خلالها من استخدام بطاقة التوفير المادي أو الاختصار أو التأجيل، فلا حكمة من ذلك للغد إن كنا نؤمن أن الصحة تاج وحق لمن ينشد حيث البعض يبحث عن عينات طبية أو بدائل علاجية فالحياة سلسلة من اللحظات الممتعة وليس مجرد البقاء على قيد الحياة هو القاموس الجامع لمعاني السنوات بأيامها وإفراداتها، فقلب ينبض دلالة على استمرارية الحياة لكنه لا يعني الحياة بدلالاتها، لكن الأمر يشتمل على أبعاد تستحق منا أن نحلم فتعطي معنى أبعد وأرقى لترجمة تلك الأحلام لواقع.
الحرج بالشكوى الطبية يكون حاضرا ولكن طبيعة الرسالة الانسانية التي يحملها الأطباء تعتبر المزيل المبيض لهذا الحرج بالرغم من توارث عادات - أحترم خصوصيتها أحيانا - عندما تجد السيدة رغبة أو استجابة أو ربما السيد الزوج بالكشف لدى طبيبة عن الكشف لدى طبيب بل وهناك نسبة متصاعدة من أصحاب المبدأ المغاير بتفضيل التعامل مع طبيب عن التعامل مع طبيبة، لنجد أمواجَ حرج وواقعا مؤسفا بين الشكوى كواقع صحي مؤثر على النشاطات الحياتية وبين تدبير الأمور لتتكيف مع الواقع الحاضر، حيث أن القسم الطبي قد حسم هذا الأمر بشكل مطلق بحمل الأمانة وأداء الخدمة الطبية بدون التفريق، فطبيب النسائية يتعامل يوميا مع عشرات الحالات وأجزم بدرجة اليقين أن هموم المهنة والاختصاص تمنع علينا الانحراف بصورة مطلقة عن أبجديات أبو الطب «أبو قراط»، فالترجمة الحرفية لمن تبحث عن الشفاء من شكوى مرضية خلخلت روتين حياتها هو «مريضة» وتعني منعطفا صعبا بواقع الأيام يحتاج للتشخيص والعلاج على أيدي رسل الانسانية بغض النظر عن الجنس واللون والعرق والدين. الابداع والتفاوت باستخدام تقنيات الوسائل العلاجية لا ينحصر أو يرتبط بأي من العناصر السابقة، لنخلص بالقول أن الاجتهاد والقدرة تعتمد على جهد الأشخاص باستمرار التواصل مع الجديد دون فصول الحرج التي تمثل عقبات خدماتية أحيانا فتُحرم سيدة مستحقة للخدمة لسبب ليس من أولويات الرعاية الصحية.
موافقة الزوج على خطوات الكشف والتشخيص والعلاج هي موافقة أدبية ضمن المنظور الاجتماعي ولكنها في النهاية ليست إلزامية للطبيب أو المستشفى، حيث نحترم ونقدر شعور الزوج وحرصه وغيرته، فالأصل الأدبي لتنفيذ الخطة العلاجية يتطلب موافقة السيدة، ولها الحق بالتشاور والاستفسار، بل أن القانون الطبي والأدبي والأخلاقي والقانون المدني يمنع على الطبيب مناقشة الحالة الصحية للمريضة أمام آخرين بغض النظر عن درجة القرابة أو الصداقة، فذلك يمثل إفشاءً  للأسرار الطبية التي يجب أن تكون سرية وشخصية، كما أن القانون يمنع على الطبيب مناقشة الحالة المرضية الخاصة للسيدة مع أفراد آخرين.
فكيف لنا أن نتجاوز هذه المحظورات؟ لنطلب موافقة شفوية أو خطية من الزوج لعلاج زوجته؟ هناك حالات خاصة وحصرية تتطلب موافقة إضافية والتي تمثل الاستثناء بالتعامل، فليعلم كل من يعشق الحِشَرية بداعي قيادة المركب العائلي أن شرعية الرخصة ليست مطلقة ففي ذلك مصلحة يكون هو نفسه أول المستفيدين من نتائجها، لأن مرض سيدة المنزل يمثل سحابة تمطر قطرات بؤس على الأسرة.

هموم الخوف وهاجس المرض

الحفاظ على الرشاقة والجمال والجاذبية يحتاج لقرارات صعبة وجريئة، خطوات تحكمها اعتبارات شخصية واجتماعية وعائلية يجب أن تهدف لهدف أوحد بالابتعاد عن هموم الخوف وهاجس المرض، فارتدادات الوعكات الصحية تؤثر على مؤشر بوصلة السعادة العائلية، عنوان تحتاج صاحبته لمساحة أكبر من الحرية بالاختيار بدعم من أفراد العائلة والزوج بالتحديد، تحتاج خلاله لنزع قناع الخوف وحصرية البحث عن الشفاء بدون التردد، تحت ضغوط وأعراف اجتماعية قد نفذت صلاحيتها وأصبحت جزءاً من تراث الماضي، فالمغامرة ببند الصحة تشكل درجة معينة على سلم الجنون ولن يسعف بنظرة شفقة او وصفة عشبية مخلوطة تفصل تحت عنوان القدر، فالسعادة التي نبحث عنها هي غالبا بين أيدينا وقريبة منا بمتناول اليد، خسارتها نتيجة تصرف خاطىء لن يشفع لخاسرها بالتعويض عطفا وتصفيقا، فالحكم على النجاح يكون من خلال القدرة على العطاء وليس الأخذ، وحكمة سيدة المنزل يجب أن تتجلَى بسعادتها بما تملك بالتزامن مع جهد العمل لامتلاك ما تريد.

ساعات صعبة
من الأنين والشكوى والحرمان

كلنا معرضون لسحابات المرض، ساعات صعبة من الأنين والشكوى والحرمان، تمتزج فيها الأماني مع الأحلام، فنجود بما نملك لاستعادة فصل صحي كان بمتناول يدنا، نضحي بما اختزنا لأمل الشفاء، فواقع المرض يُفرض غالبا على أجندة الحياة بدون توقيت أو مقدمة، لكن الحكمة بالتعامل معه تلزم بخلط ثالوث التوفير بكرم، فحكمة احترام الحياة التي ننشدها تمنع علينا الاحتفاظ بشيء ما لمناسبة خاصة، لأن المناسبة الأجمل هي اليوم الذي نعيشه وليس الذي ننتظره برغم أنين المرض بثوب رث يجعل الرحمة تنطق بتحفظ فالصحة تمثل الأمنية الوحيدة التي لا يمكن شراؤها بالمال ويتمناها الأغنياء أو من فقدوها نتيجة البخل والجهل فلا حكمة من زيادة الرصيد لنصيب الوارثين وللحديث بقية!

kamilfram@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com