الاثنين، 27 أغسطس 2012

انتقال الطالب إلى مدرسة جديدة: غربة مؤقتة


ديما محبوبة

عمان- مشاعر متضاربة تنتاب الطالب حين ينتقل الطالب إلى مدرسة جديدة، وأهم ما يقلق الأهل سرعة تأقلمه مع المدرسة الجديدة والطلاب والمدرسين الجدد.
الثلاثينية رجاء صخر تتحدث عن تجربتها مع طفلها الذي اضطرت إلى نقله من مدرسته في مدينة إربد إلى العاصمة، بعدما انتقلت هي وزوجها إلى هناك، ولتخطي مرحلة "الغربة" التي عاشها ابنها في البداية، تحدثت معه طويلا في الموضوع، وعملت على تعريفه السبب الذي من اجله تغيرت مكان إقامتهم، وأن عمل والده يحتم عليهم كثرة التنقل.
وتضيف "حدثته عن تجارب كثيرة عشتها عندما كنت في عمره وانتقالي من مدرستي التي أحببتها ودرست فيها وحدثته عن مشاعري المتضاربة والحزينة وكيف كنت قوية واستطعت تخطي المرحلة بعد مرور أسبوعين".
أما أبو ركان فعمل على تشجيع ابنته التي انتقلت إلى مدرسة جديدة، وبرأيه فإنها أفضل من ناحية التدريس وتعليم اللغات الأخرى، مبينا أن التشجيع وسيلة فعالة وتكسر الكثير من الجمود عند الطلاب.
ويذهب إلى أن ذلك يعطيهم الشعور بالطمأنينة والراحة، مبينا أنه من الضروري التركيز عليهم وسؤالهم ما أخبارهم في اليوم الأول وأنها فترة وتصبح ذكرى جميلة وخصوصا بعد تكوين علاقات جديدة ورائعة، وعليهم أن يحسنوا اختيار الأصدقاء.
ويرى أنَّه من الواجب على الوالدين التعامل معهم بصراحة، وشرح السبب الذي دعاهم إلى نقلهم لمدرسة جديدة، منها الأوضاع المادية مثلا أو التحصيل الدراسي الأفضل أو تغير السكن.
أكثر ما يزعج الطالب سمير الشيخ الذي في المرحلة الإعدادية، وانتقل من عمان إلى مدينة العقبة لأن والده غير عمله جو المدرسة مختلف بل حتى المكان والجيران والأصدقاء، وهذا ما جعله يشعر بوحدة كبيرة في بداية الأمر.
وحتى اليوم فهو يحلم بأن يعود إلى عمان وإلى صحبته الجميلة والمدرسة التي تربى فيها وكانت أول نشاطاته وهواياته الرياضية فيها، حتى إنه كون أول صداقة له في حياته في تلك المدرسة.
ومن ناحية تربوية من الممكن أن يتم السيطرة على مشاعر الطالب المنتقل من مدرسته القديمة وذلك بحسب التربوي د.محمد أبوالسعود من خلال اهتمام الأهل ببعض الأمور الذي يحبها الطفل كهواياته الرياضية أو الثقافية أو الفنية، وإدخاله بالنشاطات في المدرسة الجديدة المتعلقة بهوايته، وتشجيعه بالاتصال مع اصدقائه القدامى في أول أيام الدراسة في المدرسة الجديدة للطالب لأنها تكون صعبة عليه من دون أصدقائه.
ويضيف بأنه يتوجب على المدرسة الجديدة وإدارتها أن يجنبوا المواقف المحرجة في أول أيام المدرسة للطالب؛ لأنها ستؤثر عليه سلبا في كره المدرسة الجديدة، وإعطاءه الوقت الكافي في شرح ما يريد، وطرح أفكاره لتفريغ طاقته حتى لا تصبح طاقة عدوانية في المدرسة الجديدة، وبالتالي تؤثر عليه بشكل كبير.
ويوضح "تضطر ظروف الأهل أحيانا إلى نقل أبنائهم أو أحدهم من مدرسة لأخرى، بسبب بعد المسافة بين المدرسة والمنزل أو لظروف انتقال عمل الأب من منطقة لأخرى، أو من مدينة لأخرى وأحيانا يتم نقل الأبناء لرغبة الآباء لاختيار أفضل المدارس تعليميا وتربويا". ومع تغيير البيئة الجديدة والمدرسة الجديدة على الطالب المنقول أو الطالبة يحدث عاملين فإما أن يندمج المنقول سريعا مع البيئة الدراسية الجديدة، وإما أن يواجه صعوبة في التكيف مع الجو الجديد، وفق أبو السعود.
وتبين مديرة إحدى المدارس الخاصة فاطمة محمود بأن الانتقال من مدرسة لأخرى جديدة من الأمور الصعبة على الطلاب، خاصة في المراحل المتقدمة، فيشعر بالاغتراب وصعوبة التأقلم، مقارنة باندماج تلميذ ما يزال في مرحلة الطفولة لأن المراهق عادة ما يكون معتادا على طريقة تعامل معينة مع البالغين وأساتذته في مدرسته القديمة.
كما يكون، وفق محمود، معتادا على نمط معين في الدراسة، والأهم أنه قد كون صداقات صعب الاستغناء عنها، وكثيرا ما تكون أسباب الانتقال خارجة عن إرادة الأسرة، مبينة أن دور الأهل محوري جدا في مساعدة الطالبات والطلاب على اجتياز المرحلة الصعبة، اذ عليهم تقديم المساعدة والدعم لابنائهم في تلك الفترة عبر الحوار والتفاهم، والتحلي بالحكمة والصبر.
وتدعو محمود إدارة المدارس على وضع تصور معين لاستقبال الطالبات الجدد، فحين يتعرفون على قوانين المدرسة وسلم القيم سيكون التعامل أسهل، كذلك يجب أن تحض المدرسة الطلاب والطالبات على المشاركة في الأنشطة، ولتظهر براعتهم وتفوقهم فيستردوا الثقة في أنفسهم.
أما برأي الأسري د. فتحي طعامنة فإن فكرة انتقال الطالب من مدرسة إلى أخرى مؤذية، مستدركا في المقابل أن تجربة الانتقال تكون مختلفة من طالب إلى آخر، طبقا لشخصيته وقوته فيمكن أن تمر بسهولة أو تحتاج لمساعدة من طرف الآخرين، وتتوقف على مدى تقبله للتغيير، لذلك يجب احترام رأيه في اختيار المدرسة وكذلك عدم الإفراط في توجيه الانتقادات عليه بل رعايته واشعاره بأنهم فخورون به.
وينصح الأهالي بأنهم يجب أن يراعوا في اختيار المدرسة أسسا تربوية وتعليمية، وذلك من خلال السؤال عن المدرسة وإدارتها ومعلميها وسمعتها في المقام الأول، والتي ترتبط بنتائج الشهادات ومدى حصولها على مراكز متقدمة، كما يجب أن تحرص الأم في مقابلة المديرة والتعرف على خبراتها وطرق التدريس والمناهج المقررة خاصة اللغات الأجنبية لاهميتها بجانب اللغة العربية.
وتفضل فاطمة أن تكون المدرسة متكاملة المراحل حتى لا يتم انتقال الطلاب والطالبات من مدرسة لأخرى مع انتهاء كل مرحلة فتكون من الروضة للثانوي.
أما عن الأثر النفسي للطلاب المنقولين فيقول اختصاصي علم النفس د. محمد حباشنة: "قبول الطلاب للمدرسة الجديدة مختلف من شخص إلى آخر طبقا لطبيعة شخصيته، فهناك طالب يتأقلم بسرعة وآخر يحتاج لوقت طويل ليتعايش مع الدراسة وزملائه، وهو ما يطلق عليه أحيانا الطالب الانطوائي الخجول بطبيعته مع الآخرين".
ويتوقع انتقال قرابة أربعين ألف طالب وطالبة من المدارس الخاصة إلى الحكومية مع بداية العام الدراسي الجديد.

dima.mahboubeh@alghad.jo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com