الاثنين، 27 أغسطس 2012

نهاية الحيرة ... بين التفاؤل والتعاسة!

صورة

متابعة: مريم خنفر الخطيب

ما هي الفكرة الأساسية؟
تؤدي الطريقة التي نستخدم فيها أجسادنا إلى تطوير عقولنا على طول مسارات فريدة من نوعها، وليس على طول مسار مبرمج مسبقًا. ويتأثر فهمنا لبعض الكلمات ومواقفنا وقراراتنا إلى حد كبير بخبراتنا المادية الفردية مع بيئتنا.

ما هي الأمثلة التي تبين حدوث ذلك؟
يميل الإنسان الأيمن إلى تقييم الصور، والأغراض، والمعلومات بصورة أكثر إيجابية إذا كانت هذه الأخيرة تظهر على الجانب الأيمن. والعكس صحيح بالنسبة إلى الشخص الأعسر.

هل هذا التفضيل ثابت؟
لا، فعندما أضطر الأيمن والأعسر إلى استخدام أيديهم غير المهيمنة للقيام بمهام بسيطة (مثل التقاط الأشياء)، انعكس أداء الجانبين اللذين اعتبرا في السابق جيداً وسيئاً.

ما هي تطبيقات هذه النتائج؟
وجدت إحدى الدراسات أن الغرض الوظيفي الذي يظهر على الجانب المهيمن (الأيمن مثلاً)، يصنفه المرء بإيجابية أكبر من الغرض الذي يظهر على الجانب غير المهيمن. من الجدير بالاهتمام أن يتذكر كل من رب العمل والمتقدمين إلى العمل هذه المعلومة!

كيف يوسع هذا فهمنا لتجربة الإنسان؟
العقل أكثر ليونة وفردية مما كنا نعتقد. فيما نحن نتفاعل بشكل غير متماثل مع العالم المادي، نعمل على ربط «الخير» مع جانب أجسادنا الذي ينفذ معظم المهام بسهولة، ما يؤكد أنه يمكن لاختلاف طفيف في كيفية انخراطك في بيئتك أن يغيّر تصورك لها.

 سئمتَ من بذل الجهود؟ 
 يمكن أن نلخص حياتنا بجولة من العقبات تتراوح بين الالتزامات والقيود. نرغب بالعدول عنها كلها مع ذلك يبقى بعض الجهود ضرورياً لأجل التطوّر.
من الصعب تجنب الشعور بأنه علينا بذل أنفسنا باستمرار وبشكل متزايد، في المجالات كافة، العاطفية والعائلية والمهنية، لدرجة أن كلا منا يرغب في أن يصرخ «سئمت من بذل الجهود»، لكثرة الضغط.
ينبغي عدم الخلط بين «الجهد» و{الميل إلى التضحية»، فمطاوعة الشريك الاستبدادي في نزواته عمل ينتمي إلى الفئة الثانية، ويندرج في السياق نفسه العمل لمدة 14 ساعة في اليوم فاقدين الأمل بالمكافأة. يتخيل البعض أنه يبذل جهوداً في حين أنه يدفع الثمن وهو يتعذب من جراء شعور غير واعٍ بالذنب.
المرأة التي تعيش سنوات مع شريك خائن لا يهمها سوى أن تحافظ على حياتها معه. إذًا، من غير المفيد أن نبذل أنفسنا في سبيل أشخاص لا يستحقون العناء. كفى هذا الإيقاع الجامح الذي تفرضه الحياة الحديثة. نعم لبذل الجهود، لكن ليس سدىً وعلى الإيقاع ذاته. على كل منا أن يكتشف طموحاته. فما إن تستيقظ رغبتنا وتتجند باتجاه هدف يغذي جوهرنا حتى نفقد مفهوم الوقت ولا نعاني بعد اليوم من أي مهمة أو قيود.
بين الشريكين: السعادة تولد من جهد مثير للغريزة الجنسية
منذ عشرات السنوات، وفي ظل المخاطر الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي نرزح تحتها، تحول مفهوم السعادة وبتنا نعترف بأنها لا تنتج من حرية في العيش بل من بحث مستمر يمرّ بالعمل على الذات وعلى العلاقة.
من بين الجهود التي نتفق عليها في العلاقة، لأنها من مكوناتها الأساسية، التحدث والتبادل والحوار: الكلام هو الحلّ الأكثر فاعلية وإنسانية وأفضل من التزام الصمت أو المواجهة. نبذل جهدًا بأن نثق في الآخر ونتقبل كلامه ونكتشف مع الوقت أنه لم يعد جهداً بل لذة مشتركة متجددة باستمرار. هكذا يغدو جهد البقاء أوفياء في محله.
من المؤكد أن الناس يعتبرون الوفاء مسألة مستحيلة، لكن بمجرد الاستماع إليهم، ندرك أن قلة الوفاء لا تجعلهم سعداء بل تصبح هذه الممارسة بمثابة فرض يضغط عليهم.
في المقابل، بالنسبة إلى الشريكين، من السخف الاستمرار في الحياة لمجرد الاستمرار، إذا كانت ديمومة الحياة الزوجية تثير الرغبة والإعجاب، فالروتين وفقدان المخيلة يثيران الخوف، ويتطلّب التخلص منهما بذل جهود كثيرة.

مع الأطفال: الجهد الضروري هو الصبر
الطفل يحركه مبدأ التسلية، وليس بمقدوره القيام بجهد لا يعود عليه بمكافأة فورية. فضلاً عن ذلك، يبقى فكره متأثرًا بأفكار سحرية، فيتخيل أن البالغين والأطفال الأكبر منه سناً يقفون من جهة والأطفال في سنه الذين لا يستطيعون ربط حذائهم من جهة أخرى، ما يحبطه ويثير لديه شعوراً بالدونية.
ينبغي أن نفسر له ألا أحد يولد عارفاً الأمور كلها، وأن الكل يتعلم مسائل الحياة من خلال الجهود. إذا كان الولد يبكي أو يغضب فيمكن تأجيل الأمر، لكن لا يعني ذلك تركه يتخبط في شعور الدونية.
تعني الثقة في النفس معرفة أنه يمكننا الاعتماد على أنفسنا وعلى قدراتنا. وحده الجهد يسمح لنا باكتشاف قدرتنا على تحقيق هذه المهمة أو تلك. اكتشاف لذة النجاح يسمح للطفل بتمكين نفسه في مراحل تعلمه، أما ارتياب الأهل من هذا المفهوم فيبدو متناسبًا مع الحنين إلى جنة الطفولة. إلا أن الحياة ستزداد صعوبة، وسيتعين على أطفالنا التأقلم مع أوضاع عدة. بالتالي، سيتعين عليهم أن يكونوا قادرين على بذل الجهود سريعاً للانطلاق مجدداً.

في العمل: الطموح 
إلى جهد مفيد
نطمح دائمًا إلى التعبير عن أنفسنا وتحقيق طموحاتنا على الصعيد المهني، ونأمل بأن يتمتع أولادنا بدورهم بحياة مهنية مزدهرة. حتى إن كانت حالتنا المادية ميسورة يستمر العدد الأكبر منا في العمل، لأن هذا العنصر مرتبط بالفكرة التي تؤمن لنا السعادة.
يتمثل العمل المثالي في العمل الذي يتيح فرصة الاستمرار في التعلم والنجاح وإفادة الآخرين.

 قيمة التفاؤل 
 ككل شيء في الحياة، نتعلم السعادة وننقلها. يتطلب الأمر صبراً وجهوداً وإرادة لا تتراجع أمام الزلات والحتمية، لأن هذه العملية طويلة وربما تطول لمدى حياتنا وحياة أولادنا. لذلك، دعونا لا نهدر طاقتنا في تجنب السعادة أو الخوف منها، في حين أنه يجب استغلال كل طاقتنا لعيشها واختبارها.
لنستفد من مخيلتنا ونتخيل بطريقاً يرغب في العيش في الصحراء. ليس هذا المكان المناسب له ولا يمكنه سوى الموت فيه، مع ذلك، هذه هي الطريقة العبثية التي غالباً ما يختارها البشر. بين الحزن السهل التحقيق والسعادة التي تطلب مجهوداً، يغرينا الطريق السهل ونميل إلى السير فيه. فالسعادة تحتاج قطعاً إلى بذل الطاقة. إنها هنا، لكن يجب أن نكلف أنفسنا عناء الذهاب للبحث عنها.

اختيار نظارات مناسبة
العالم كالصدى، إذا صرختم «عدو» ستسمعون كلمة «عدو». من الجيد أن الحياة تتلون بالطريقة التي ننظر بها إليها. بعبارة أخرى، تشبه السعادة نظرتنا إلى حالتنا الذهنية الخاصة بشكل غريب. خلاصة القول، إذا كنا متشائمين، فيبدو لنا العالم كئيباً وشريراً لأن الذي يضع نظارتين سوداوين، لا يفاجأ برؤية عالم مظلم.
فضلاً عن ذلك، يعيش الشخص العصبي حياته في خداع بصري، ويتساءل: «لماذا أنا غير سعيد؟»، فهو أدخل سوء الحظ بنفسه إلى حياته، وينتهي بالنظر إلى العالم بطريقة فرضها هو على ذاته.
الشعور بسوء الحظ والتفكير في أننا نعاني منه فعلاً مسألتان مختلفتان. إحداهما مستعصية والأخرى تشكل صورة عن الذهن، يمكن إذاً أن تتغير في أي لحظة. إليك الحلّ السعيد إذاً: لا وجود للأمور المأساوية ما دمنا قادرين على تغيير الأوضاع!

 السعادة فينا لا في الماديات
ماذا لو تبين لنا أن معنى الحياة الذي نبحث عنه ليس سوى وهم؟ ماذا لو لم يكن من معنى للحياة وليست سوى عبث؟ هل يجب التراجع عن فكرة البحث عن السعادة؟ ليس بالضرورة، فالإنسان يملك موارد أخرى، وهذا هو موقف الفيلسوف ألبير كامو الذي يقترح تأملاً حول العبث والأمل.

 لنعلّم السعادة إلى أطفالنا
السعادة عقيدة يجب أن نعلمها إلى أطفالنا، إذا استرجع الطفل ما يسمعه وما يراه، فيجب أن يتعرض لتجارب عدة وغنية. هنا تكمن أهمية التربية الحذرة التي لا تترك الطفل يعمل كاسفنجة تتشرب عواطفنا ومشاعرنا السلبية.
بحكم التعريف الطفل هو الذي يتعلّم ويلفظ كلماته الأولى من خلال تكرار الأصوات التي يسمعها من حوله. ولأنه يشكل عجينة بغاية الليونة، من الضروري الانتباه إلى ما نعلمه إياه، فمنذ الولادة يمكنه تعلم كل شيء بما في ذلك الاضطرابات العصبية والمخاوف المرضية. لنعتمد إذًا قواعد تساعدنا على النظر إلى الحياة بتفاؤل، ويكفي أن نقلب الصفحة لنعيش حياة وردية!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com