الثلاثاء، 28 أغسطس 2012

الرسم على الجدران..حقبة الإصلاح بميانمار

صورة

يحمل جدار بشارع جانبي مظلم في يانجون صورة لجهاز تلفزيون بجناحين.
 ويقول اونج (33 عاما) وهو يشير بفخر الى صورة رسمها برذاذ الطلاء العام الماضي احتجاجا على الرقابة على الإعلام وباتت الآن من الصور المتكررة في مناطق متفرقة من العاصمة التجارية لميانمار «كانت هذه الأولى بالنسبة لي، حرية الإعلام قضية مهمة عندي.»
 ينتمي أونج الذي طلب عدم نشر اسمه بالكامل لجيل جديد من فناني الشوارع ما كانت لرسومهم التي تحمل عادة رسالة سياسية لتخطر ببال قبل موجة الإصلاحات التي أجرتها ميانمار في الآونة الأخيرة.
 عاشت ميانمار لعقود في ظل نظام دكتاتوري كانت فيه أعين المخبرين في كل مكان تعني أن مجرد الكتابة على الجدران تنطوي على مجازفة كبرى. وبدأ هذا يتغير حين تولت حكومة شبه مدنية الحكم في آذار 2011.
 أفرجت البلاد عن معارضين سياسيين وقننت أوضاع النقابات العمالية وحسنت العلاقات مع الغرب بل إن مخبري الحكومة اختفوا تقريبا. واكتسب فنانو الشوارع جرأة دفعتهم لانتقاد يانجون في كل شيء بدءا بنقص الكهرباء حتى غسيل الأموال.
 قال اونج وهو رسام ومصمم جرافيك إن عدد فناني الشوارع تضاعف في العام المنصرم الى نحو 50 فنانا يستلهمون أفكارهم من أفكار أغاني الهيب هوب والبانك وهي فن جديد على يانجون او من رسامين بريطانيين مثل بانكسي ويلتقون ببعضهم البعض عن طريق فيسبوك او بعد حلول الظلام في الشوارع وهم يحملون علب الطلاء في أيديهم.
 وأضاف «معظم الشباب يكتفون بالكتابة وهو ما لا يعجبني كثيرا. إنها لا تحمل ايديولوجية.»
 وقال «أعجبني فكره السياسي... أدركت أنني لا أستطيع أن أقول كل ما أريد من خلال الفن لكنني أستطيع أن أقوله من خلال الرسم على الجدران.»
 ولدى فناني شوارع يانجون مساحات كبيرة للرسم مثل جدران وواجهات متاجر المدينة البالغ عدد سكانها ستة ملايين نسمة. ويفضل الفنانون تلك الموجودة على طريق كابا اي باجودا وهو طريق مزدحم من الشمال الى الجنوب لارتفاع نسبة مشاهدتها. وأصبح رسم يصور مقبسا كهربائيا يتدلى منه سلك ويصاحبه شعار «أضيئوا المدينة» شائعا في يانجون في مايو ايار حين أدى الغضب من نقص الكهرباء المزمن الى خروج احتجاجات على مستوى البلاد. قال توتوينتي (27 عاما) وهو الاسم المستعار لعضو بجماعة (فن الشوارع في يانجون) «لم نفعل هذا نيابة عن الناس بل لأننا أنفسنا تأثرنا بانقطاع الكهرباء.»
 ويشير رسم لغسالة ملابس الى جانب الأحرف الأولى من اسماء بعض أشهر البنوك في ميانمار الى دورها المشتبه به في غسل الأموال.
 وأغلب الكتابات على جدران شوارع يانجون بالانجليزية وتتنوع لهجتها من استهجان حاد مثل «اللعنة على الوشاة» إلى أدب الحديث مثل «سيدي الرئيس العزيز» التي كتبت على واجهة أحد المحلات لمناشدته توفير المزيد من الكهرباء. 
 كما كتبت عبارة «نحتاج الى ما يكفي من الكهرباء... مع وافر الاحترام يا سيدي.. هذا غير متوفر لنا.»
 وكتبت على جدار حديقة الحيوان في يانجون «حديقة حيوان ام سجن للحيوانات؟» في تذكرة برسالة يفترض أن بانكسي كتبها على الجزء المخصص للبطريق في حديقة حيوان لندن «مللنا من الأسماك.»
 وعادة يحمل رسم جهاز التلفزيون المجنح الذي رسمه اونج عبارة «من اجل حقك.»
 وألغت الحكومة معظم الرقابة على وسائل الإعلام في 20 آب لكن القوانين المقيدة لاتزال قائمة بما في ذلك تلك التي استخدمت لسجن نشطاء بارزين بعد احتجاجات داعية للديمقراطية قادها رهبان بوذيون عام 2007.
 ويجد سكان المدينة صعوبة في التمييز بين فن الشوارع والتخريب. قال اونج «معظم الناس لا يعرفون الكثير عن هذا الفن وأصحاب الأماكن التي نرسم عليها مازالوا شديدي الحساسية تجاه الأمر.»
 ويقول إنه حتى الآن لم يسجن اي من فناني الشوارع غير ان البعض احتجزوا لفقرات قصيرة وأفرج عنهم بعد تحذيرهم.
 كما خاض فنانو الرسم بالشوارع حربا ضد رئيس بلدية لا يتمتع بشعبية في يانجون هو البريجادير جنرال اونج ثين لين الذي فاز بمقعد في البرلمان عن حزب اتحاد التضامن والتنمية في انتخابات مزورة عام 2010.
 وكنوع من الاحتجاج قام فنانون بالرسم على جدار مقره الرسمي في طريق كابا اي باجودا.
 وقال اونج «كلنا نحاول الرسم على هذا الجدار... ويجري طلاؤه في اليوم التالي.» وليس كل سطح مستو مجالا للرسم.. فهناك ميثاق غير مكتوب ينطوي على الابتعاد عن المدارس والمستشفيات وأماكن العبادة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com