الأربعاء، 29 أغسطس 2012

الأدوية البديلة «الجنيسة» والمستحضرات المزورة

صورة

د. محمد خليل - تم تناول مشكلة الادوية المزوّرة ،على الصعيد العالمي في عام 1985 حين انعقد مؤتمر الخبراء للاستخدام الرشيد للأدوية في نيروبي ، حيث خلص لقاؤهم الى توصيات متفق عليها من منظمة الصحة العالمية ومنظمات اخرى عالمية وغير حكومية تحث على ضرورة دراسة جدوى انشاء دارمعلومات لجمع البيانات واعلام الحكومات بطبيعة ومدى انتشار التزوير الدوائي. 

مدى انتشار ظاهرة التزوير الدوائي
وتعرف منظمة الصحة العالمية الدواء المزوّرعلى انه دواء تم غشه أو وصف هويته أو مصدره بشكل خاطئ عمداً. وقد يطال مصطلح الدواء المزوّر كلاً من الأدوية الجنيسة والأصلية. 
والمنتجات المزوّرة يمكن أن تشمل أدوية تحوي المواد الصحيحة الفعالة بكميات غير كافية وأقل من تلك المعلنة على غلافها ، أومواداً خاطئة غير فعالة أومؤذية أحياناً، أوقد تحوي مواداً معلّبة تعليبا مزوّراً. 

أشكال تزوير الدواء
1-ان يكون الدواء صحيحاً والمادة الفعالة صحيحة: مثل الفياغرا ( غير المصنع من فايزر) و سياليس ( غير مصَنع من ليلي) و الكاماغارا ( المستحضر الهندي الجنيس)
2-ان يحتوي الدواء على المادة الفعالة الخاطئة ولكنه فعال علاجياً: مثل ان يحتوي السياليس على السيلدينافيل بدلاً عن التالادافيل أو ان يحتوي ليفيترا عاى السيلدينافيل بدلاً من الفاردينافيل أو ان يحتوي الليبيتور على اللوفاستاتين بدلاً عن الاتورفاستاتين.
3-ان لا يحتوي على المواد الفعالة: مثل مطعوم التهاب السحايا المزور ، وكبريتات الكوينين المزورة أو أدوية الملاريا المزورة والتي تباع على انها ميفلوكوين وارتيسونات.
4-ان يحتوي الدواءعلى مواد سامة: كمستحضرات الباراسيتامول المحتوية على الداي ايثلين جليكول.
وفي هذا السياق ، يمكن الإشارة إلى إنه قد يكون هناك لُبس واستعمال خاطئ للمصطلحات التالية: 
1.المنتج المزوًر
2.المنتج المنخفض الجودة
3.منتج الدواء الجنيس

أصناف الأدوية المزورة 
ولإزالة الغبار حول هذا الموضوع يمكن التفريق بين كل منهم على النحو التالي:
1.المنتج المزور: 
ويظهر هذا الدواء ، سواء كان أصلي ام جنيس ، بشكل الدواء القانوني على الرغم كونه غير حقيقي ، ويتم إنتاجه بجريمة منظمة لاقتحام حقوق العلامة التجارية ، اذ انه لا علاقة له بالمصدر الشرعي المعروف .
2.المنتج المنخفض الجودة:
ويعرف هذا المنتج على انه منتج قانوني لم يقابل المقاييس والمعايير المطلوبة من الجهات الصحية وهي قضية تختص بالرقابة النوعية للمنتج بغض النظر عن كونه اصلي ام جنيس.
3.منتج الدواء البديل أوالجنيس:
وهو منتج قانوني يحمل نفس صفات المنتج الأصلي والمادة الفعالة غير انه لم ينتج من قبل نفس الشركة المصنعة والمسوقة للدواء الأصيل. وينبغي لهذا المنتج أن يكون قد انهي مدة حماية براءة الاختراع وان يمتلك نفس الفاعلية للدواء الأصيل. 
وحيث إن سعر الدواء الجنيس هو اقل بكثير من سعر الدواء الأصلي ، فقد لعب هذا دورا كبير في إمكانية توفير الدواء الضروري في دول العالم النامي.
ونقف اليوم لنرى أن هناك محاولات جاهدة لتشويش قضية الدواء المزور والخلط بينه وبين مفهوم الدواء الجنيس ، والذي يؤثر سلبا على ثقة المريض في تناول الدواء الجنيس من ناحية ، وقد يدفع إلى المزيد من تعزيز تشريعات الملكية الفكرية وتطويقها على الصناعة الدوائية الجنيسة من ناحية أخرى.
نسبة التداول لمختلف أنواع الأدوية المزورة 

الأسباب وراء نمو ظاهرة الغش الدوائي
•الأرباح المالية الطائلة التي تدرها تجارة الدواء المغشوش 
•الطلب المتزايد للحصول على أدوية تقليدية لاستعمالات غير خطيرة
•توافر أجهزة التصنيع اللازمة
•سهولة توزيع الدواء المزور من خلال التسوق عبر الانترنت والتوزيع البريدي
•حرية المريض في وصف الدواء لنفسه
•ضعف التشريعات القادرة على محاصرة الظاهرة وردعها

توسع الجريمة المنظمة
لقد نوقشت مشكلة المنتجات الدوائية المزورة من منظمة الصحة العالمية وفي عام 1988 طلبت جمعية الصحة من مديرها العام أن يستهل برامج لمنع واكتشاف تصدير واستيراد وتهريب المستحضرات الدوائية ذات لصقات التعريف المزورة. وكان أن اقترحت منظمة الصحة العالمية إنشاء فريق عمل مسمى امباكت : 
International Medicinal Products Anti-Counterfeiting Taskforce )IMPACT(
وهو فريق العمل الدولي لمكافحة تزوير المنتجات الطبية – إيمباكت- ليعمل على انشاء وتاسيس البنى التحتية والمؤسسات الموجودة ويجمع الهيئات الخاصة والعامة والدولية ويعمل على خمسة محاور
أ‌-رفع الوعي التقني : ويرأس هذا المحور الصناعة ومنظمي الدواء وهذا المحور متطور ؛ ولكن نظراً للفارق التقني بين الدول فلا بد من العمل على نقل التكنولوجيا
ب‌-زيادة الوعي التشريعي: مراجعة قوانين الدول وتقديم النماذج الجيدة والفاعلة، والبحث عن وسائل للتنسيق والمقاربة بين الوجهات التشريعية.
ت‌-الشراكة في التنفيذ: إيجاد وسائل للعمل من البحث عن طرق تواصل فاعلة ربما عبر نظام معلومات مبني على تقنية المعلومات.
ث‌-تطويروسائل التنظيم: إيجاد طرق تمكن منظمي الدواء من العمل وتنفيذ الإجراءات التشريعية المتخذة ضد الأدوية المزورة، بما فيها ضمان معايير الجودة والمأمونية والفعالية وضبط سلاسل التوزيع بكفاءة.
ج‌-التواصل والتنسيق في المخاطر: التحذيرات والاستجابة، والتبليغ عن مخاطر المواد مزورة في المجتمعات المحلية.
ضمان جودة الأدوية الجنيسة:
إن تواجد البدائل الجيدة للدواء الأصيل هي ضرورة ملحة وذلك للأسباب التالية:
•كونه بديل امن وفعال ومتوفر
•يساعد على تخفيض النفقات على شراء الدواء
•يشجع البحث والتطوير
•يساعد على تقليل أقساط التامين الصحي
•توفير فاتورة الاستهلاك من 8 إلى 10 بليون دولار أمريكي سنوياً
•له نفس الخصائص والمتطلبات المعتمدة للدواء الأصيل ، كما هو موضح في الجدول الأتي:
الدواء الجنيس الدواء الاصيل المتطلب
مراجعة السلطات الصحية للمعلومات التي تُظهر أن الدواء الجنيس هو مكافئ حيوياَ للدواء الأصلي الذي خضع لدراسات المامونية والفاعلية 
تقويم السلطات الصحية لمدى التزام المُنتِج بأسس ممارسة التصنيع الجيدة قبل تسويق الدواء
مراجعة السلطات الصحية للمواد الفعّالة والغير فعّالة التي تم استخدامها في توليفة الدواء قبل تسويقه
مراجعة السلطات الصحية للمنتج المعني الحقيقي
مراجعة السلطات الصحية للصقات الدواء التعريفية
إلزام المصَنع بالحصول على موافقة السلطات الصحية على أي تعديلات أو تغيرات على طرق إعادة توليف المنتج
إلزام المصَنع بضرورة إرسال التقارير الخاصة بالتأثيرات الجانبية والتفاعلات الخطيرة الناتجة عن تناول الدواء
التفتيش الدوري على المصنع من قبل الجهات الصحية
مراقبة الجهات الصحية لجودة الدواء حتى بعد الموافقة على تسجيله وتسويقه

الفروق بين الدواء الأصلي والدواء الجنيس:
الدواء الأصيل: ويزود دائما من نفس المصدر الدوائي المُنتِج، ويباع تحت اسم العلامة التجارية المعروفة له.
الدواء الجنيس: يزود من أكثر من مصدر دوائي مُنتِج ، ويمكن أن يباع تحت اسم المادة الفعّالة
القضايا الجدلية حول الدواء الجنيس:
لازال الجدل قائماً حول ما إذا كان بالإمكان استبدال الدواء الأصيل بالدواء الجنيس وما يترتب عليه من إمكانية الاستعاضة عن احدهما بالآخر؟ 
وللخروج بالجواب الكافي فانه يمكننا القول انه يمكن الاستعاضة بالدواء الجنيس عن الدواء الأصيل إذا كان الدواء الجنيس مكافئ حيويا وبشكل متسق مع الدواء الأصيل .
وباستعراض ما لهما وما عليهما، فيمكن سرد مميزات وسيئات كل منتج على النحو التالي:
الدواء الأصيل: يتميز بالجودة المضمونة ويشجع على البحث والتطوير لابتكار أدوية جديدة ضمن نفس الأنظمة التشريعية ، غير انه غالي الثمن إذا ما قورن بالبدائل المناظرة له من الأدوية الجنيسة.
الدواء الجنيس: له الفضل في تشجيع انخفاض الأسعار وزيادة القدرة على التداول للدواء، غير أن أمر جودة الدواء يبقى القضية الرئيسية التي تبقى قيد الطرح وتحتاج إلى المزيد من التأكيد.
تقويم جودة منتجات الدواء الجنيس: 
تكمن الفرضية الرئيسية لجودة الدواء الجنيس في مقارنة الدواء الجنيس بالنسبة للدواء الأصيل فيما يخص:
•التحرر المتناسق والملائم للدواء 
•الانحلال الذائبي للدواء
•امتصاص المادة الفعالة من التوليفة
وكل هذا يعتمد على تكافؤ التركيب الكيميائي للمستحضر الدوائي وانتظام المنتج في مختلف التشغيلات الإنتاجية و دراسات الثباتية للدواء ، ... الخ.
وبناءا علي هذه العوامل مجتمعة ، عمدت السلطات الصحية لوضع متطلبات أساسية في الدواء الجنيس قبل تسجيله وتشمل:
1.احتواؤه على نفس المادة الفعالة الموجودة في الدواء الأصيل
2.أن يتطابق مع الدواء الأصيل في التركيز والشكل الصيدلاني وطريقة الوصف
3.أن يكون له نفس الاستعمالات
4.أن يكون متكافئ حيوياً
5.أن ينسجم مع المتطلبات الخاصة فيما يخص طريقة التعريف والتركيز ونسبة النقاء والجودة
6.أن يكون مُصَنع تحت معايير مشددة لأسس الممارسة الجيدة للتصنيع وكما هو مطلوب للدواء الأصيل.

العملية التنظيمية للدواء الجنيس: 
أولا: التكافؤ الحيوي هو متطلب رئيسي:
إن معدل توافر الدواء بعد الفحص السريري يكون مقبولاَ إذا اجتاز المستحضر المقارنة الإحصائية له مع المستحضر الأصيل فيما يخص معدل الامتصاص ومدى التوافر للمادة الفعالة في الدم أو فيما تم حساب معدل طرحه في البول أو كما يتم رصده من التأثير العلاجي. 
ثانياً: تقويم الملف المقدم للمستحضر الجنيس:
ويحتوي هذا الملف على بيانات ومعلومات خاصة لجزأين رئيسيين وهما:
الجزء النوعي: و يشمل المعلومات الخاصة بالمواد الأولية والمستحضرات النهائية مع التفاصيل اللازمة للمادة الفعالة ومواصفاتها ونتائج دراسات الثبات ومكونات التوليفة وطريقة الإنتاج والتغليف والتصنيف والطباعة والمعلومات الموجودة على الملصق.
جزء الفاعلية: ويشمل المعلومات الخاصة بدراسة التكافؤ الحيوي أو تقرير الدراسة السريرية.
ثالثاَ: طريقة التفتيش:
أ‌-التفتيش على المصنع:
حيث يتم التفتيش على الموقع المُصنِع للمستحضر النهائي أو المواد الفعّالة لضمان ما يلي:
الالتزام بأسس الممارسة السريرية الجيدة خلال التصنيع والرقابة النوعية وفقا للأدلة العالمية ومدى مطابقة طريقة التصنيع لما ورد في ملف التشغيلية ودراسات الثباتية والمواصفات وطرق التحليل و التثبت.
ب‌-التفتيش على مراكز الأبحاث التي تمت فيها الدراسة:
حيث يتم التأكد من الالتزام بأسس الممارسة السريرية الجيدة وأسس الممارسة المخبرية الجيدة خلال تنفيذ دراسة التكافؤ الحيوي وذلك عن طريق التدقيق على إجراءات الدراسة والموقع الذي تمت فيه الدراسة.
ويجري التحقق عن ما إذا كان هناك مفارقات عن الاعتبارات الأخلاقية للدراسة و البيانات التحليلية و الأوراق الأصولية والنتائج ذات الصلة بها واليات وضوابط العمل وطرق الحساب المتبعة وأية متطلبات تنص عليها أسس الممارسات الجيدة.
وعلى هذا النحو، يمكن اعتبار مستحضرين إنهما متكافئين حيوياً إذا تم إثبات إن المتوسط الإحصائي لكل من (1) معامل معدل امتصاص الدواء (Cmax) و(2) معامل مدى توافره في الجسم AUC)) يقع في الفترة الإحصائية ما بين 80%-125% بحدود ثقة مقدارها 90%. وبهذا يمكننا القول أن المستحضر الجنيس الذي يجتاز المعيار الإحصائي المتفق عليه يمكن إن يكون بديلاً عن الدواء الأصيل . وعلى النقيض تماماً فانه لا يمكن الاستعاضة عن دواء جنيس بمنتج جنيس آخر ولا حتى إجراء المقارنة بينهما لكون المرجعية دائماً تنسب إلى الدواء الأصيل.

المدير التنفيذي لمركز أكديما للتكافؤ الحيوي والدراسات الصيدلانية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com