الخميس، 23 أغسطس 2012

هل تغدو ممارسة الرياضة إدمانا؟


مروة بني هذيل

عمان-  كثيرا ما تلتصق كلمة إدمان بـ"المخدرات" أو الكحول أو حتى التدخين، غير أن كثيرا من الممارسات؛ كالتسوق أو استخدام الإنترنت أو مزاولة هواية معنية، قد تصل عند البعض حد الإدمان.
وخلصت دراسة أجراها باحثون أميركيون مؤخرا، إلى أن نوعا من الإدمان يتولد لدى الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام يشبه إدمان النيكوتين أو الكحول، على سبيل المثال، وذكرت أن البرامج الرياضية من الممكن "أن تساعد المدمنين على التخلص من الإدمان؛ حيث إن ممارسة الرياضة تولد شعورا ممتعا يشبه الشعور الناتج عن تعاطي المخدرات".
وهذا حال الخمسيني أحمد عطيات، الذي لجأ الى ممارسة الرياضة بعد أن قرر أن يقلع عن التدخين؛ حيث يبين "عندما كنت أنقطع عن السجائر في فترة تدخيني الطويلة، كنت أشعر بقلق وعدم راحة، بل وأرق يزعجني لا أستطيع فعل شيء حينها الا حين تتوفر لدي السجائر"، لافتا إلى أنه، وبعد أن تحرر من إدمان الدخان، عكف على مزاولة الرياضة حد الإدمان، وتشابهت معه الظروف "فحين أنقطع عن ممارسة الرياضة لأسباب طارئة، ينتابني القلق والأرق الذي يتبدد بمجرد ممارسة الرياضة في صباح اليوم التالي".
الطالب الجامعي لؤي عواد، يعتبر نفسه "مهووسا" في ممارسة الرياضة؛ حيث يقول "أمارس لعبة كرة القدم يومياً، بمعدل 3 ساعات متواصلة، ولا تمنعني هذه الهواية من مذاكرة دروسي إطلاقاً، وقد ارتفعت درجاتي مؤخراً".
ولهذه اللعبة "الجميلة" إيجابياتها الكبيرة، وفق عواد، الذي يشير إلى أنه رغم الفكرة السائدة لدى كثيرين بأن كرة القدم تشغلهم عن الدراسة، غير "أنني أؤمن بمقولة "العقل السليم في الجسم السليم"، هذه حقيقة أتفق معها تماما".
بعد انتقادات زوجها اللاذعة بحق أنوثتها، قررت الأربعينية منال كرم، ممارسة الرياضة للتخفيف من وزنها، تقول "بدأت بالمشي، ثم تطور الأمر لأسجل بأحد النوادي القريبة من بيتي، لم أكن متحمسة في البداية، بل كنت أشعر بجرح بداخلي بسبب تعليقات زوجي".
وبعد أن استمرت على الرياضة ثلاثة أشهر، تقول "أصبحت أشعر أنني غير قادرة على ترك الرياضة ولا ليوم واحد، وخسرت أكثر من 15 كيلوغراما خلال ثلاثة أشهر متتالية، ومن هنا بدأ إدماني على الرياضة مشكلاً جزءاً مهماً في حياتي".
وتشير دراسات سابقة إلى أن إدمان الرياضة بين الذكور، يصيب الرجال من أعمار 30 الى 50 سنة، وخصوصا أولئك الذين فشلوا في حياتهم العملية أو توقفت مسيرة حياتهم الوظيفية بسبب الفصل أو التسريح من العمل أو المرض.
أما أكثر النساء اللواتي يتعرضن لخطر الإدمان، فهن البنات قبل سن 20. وهنا يلعب السعي نحو الرشاقة النموذجية والوزن المناسب الدور الأساسي في نمو الهوس عند البنات، ويتطور الأمر لدى النساء في منتصف العمر للحفاظ على رشاقتهن.
اختصاصي علم النفس الدكتور جمال العتوم، يشير إلى أن أحد الفروق بين محبي ممارسة الرياضة والمدمنين على ممارستها هو أنه في حالة حب الشخص للرياضة، فوقتها ومدة ممارستها يخضعان لظروف الشخص، سواء من حيث نظامه اليومي أو حالته الصحية أو غير ذلك، أما في حالة إدمان الشخص عليها، فظروف الشخص بكل أبعادها تخضع لمزاولته للرياضة، مبينا "على سبيل المثال، قد يغيب الشخص عن عمله ليقضي وقته في ممارسة إحدى رياضاته المفضلة"، وهذا هو الإدمان، وفق العتوم.
بينما تعتبر الثلاثينية فرح عليوة نفسها مدمنة على ممارسة الرياضة، وخصوصا المشي؛ حيث توضح "في شهر رمضان تحديداً، أجد كل صديقاتي متكاسلات عن ممارسة أي نوع من أنواع الرياضة، غير أنني أفضل المشي على القيام بأي عمل آخر، وأحياناً كثيرة أعتذر عن المناسبات كونها تشكل عائقاً زمنياً في فترة المشي التي اعتمدتها بعد الإفطار بساعة"، وتعتبر عليوة نفسها سعيدة بإدمانها على الرياضة، التي تعتبرها من أفضل وأرقى أنواع الإدمان.
ويوضح المدرب الرياضي غسان غوشة، أن الراحة التي تجلبها الرياضة للشخص المدمن عليها قد تجعل ممارستها تتضارب مع معظم عناصر حياته، مبينا "يزداد الأمر سوءا بعد أن تصبح ممارسة الرياضة هي المبدأ المنظم لحياته على حساب الأمور الحياتية الأخرى؛ مثل العمل والعلاقات الاجتماعية وحتى الأمور العائلية"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com