السبت، 7 سبتمبر 2013

ترميم بيت الدلاي لاما في الصين يثير جدلاً

صورة

شهد البيت الذي ولد فيه الزعيم الروحي المنفي الدلاي لاما عملية تجديد كاملة، ولكنها اثارت جدلا لأن المنزل بات محاطا بجدار عال وكاميرات مراقبة.
ويقع هذا المنزل في هونغاي البلدة الجبلية الصغيرة ذات السبعين منزلا.
وتتهم السلطات الصينية بانها تتعامل بقسوة مفرطة مع هذه المنطقة من التيبت، حيث تتنامى النزعة الانفصالية عن بكين.
وكلفت عملية تجديد المنزل 2,5 ملايين يوان (305 الاف يورو)، وهي مؤشر على النشاط الثقافي للسلطات في منطقة التيبت، الأمر الذي يثير قلق المدافعين عن حقوق الانسان في العالم الذين يتخوفون من اخفاء معالم الثقافة المحلية هناك.
وقالت الشاعرة والناشطة التيبتية تسيرينغ ووسر «انها ليست اعمال تجديد، بل هي محاولة لتغليب الطابع الصيني على المنطقة».
ويطلق سكان التيبيت على بلدة هونغاي اسم تاكتسر، وهي تقع في منطقة تسود فيها الثقافة التيبتية منذ قرون طويلة، لكنها تقع اداريا خارج حدود منطقة التيبت، التي حددتها السلطات الشيوعية بعد العام 1949.
 ويرى السكان المحليون ان التعديلات التي ادخلت على بيت الدلاي لاما تتنافر مع روح المكان حيث يسود التقشف والبساطة.
لكن السلطات الصينية التي نفذت هذا المشروع وتقول انها تستعد لحملة تجديد كبيرة في المنطقة، تؤكد انها قامت بهذه الاعمال مدفوعة بنوايا حسنة تجاه الحجاج الذين يتوافدون الى البلدة.
و»اعمال الترميم» هذه، كما تسميها السلطات، تندرج في اطار برنامج تبلغ ميزانيته 1,5 مليار يوان (183 مليون يورو)، ويهدف الى انعاش النشاط المحلي.
وتقع هونغاي على مقربة من السكة الحديدية التي تصل غولمود ولاهاسا، ويتخوف المدافعون عن الثقافات المحلية وحقوق الانسان من هجرة عرقية جماعية، او تعزيز الوجود العسكري في التيبت، او تصاعد عمليات استغلال الثروات الطبيعية في المنطقة هذه.
واعتبرت وكالة انباء الصين الجديدة ان هذه المنطقة تشكل نموذجا لمناطق الريف في غرب الصين، التي بدأت تستفيد من القفزة الاقتصادية للصين ودخول الاستثمارات والشركات الاجنبية الى البلاد.
لكن في جوار منزل الدلاي لاما، لا جدوى لهذه الاعمال، بما ان السلطات تحظر على الاجانب الدخول الى المحيط، بحسب احد السكان.
وأبدى سكان البلدة حذرا شديدا في التعامل مع مراسلي وكالة فرانس برس، ورفضت السلطات السماح للمراسلين بدخول منزل الدلاي لاما بداعي ان بكين لا ترغب في «تنظيم حملة دعائية له»، بحسب احد المسؤولين.
والدلالي لاما هو الزعيم الاعلى للبوذيين في التيبت، والدلاي لاما الحالي يدعى لهامو دوندب، وقد اختاره رهبان التيبت وهو طفل في الرابعة من عمره، فغادر البلدة الى التيبت طلبا للتعليم المناسب.
ليل السابع عشر من اذار من العام 1959، وبعد مرور تسع سنوات على الاجتياح الصيني للتيبت، اجبر الدلاي لاما الرابع عشر على الفرار من البلاد، وشكل حكومة منفى في مدينة دارمسالا الهندية، حيث منح اللجوء.
ويعد الدلاي لاما من اكثر القادة في العالم نبذا للعنف، وهو يناضل على الساحة العالمية من أجل الحفاظ على هوية شعبه وحصوله على حكم ذاتي.
وتعرض المنزل الذي ولد فيه للتدمير على يد «الحرس الاحمر» الموالي للزعيم الشيوعي ماوتسي تونغ، اثناء اعمال العنف التي اطلق عليها اسم «الثورة الثقافية» بين العامين 1966 و1976.
ثم اعيد بناء البيت في الثمانينات، وهو الان في عهدة احد اقربائه الذي كان مسؤولا محليا، ويقيم في جواره.
وبحسب وكالة انباء الصين الجديدة، وهي الوسيلة الاعلامية الوحيدة التي سمح لها ان تزور ورشة التجديد، «حافظ البيت المجدد على شكله الاصلي، لكن تم تجديده واعيد طلي الجدران وتثبيت القوائم».
ووفقا للسكان، تجيز السلطات للبوذيين المؤمنين الدخول الى المنزل.
ويبدي رودي كونغ وهو كاتب كندي زار المنزل في العام 2000، وواحد من الاجانب القلائل الذي اتيحت لهم هذه الفرصة، شكوكه حول عملية التجديد هذه .
 ويقول «المبنى الاساسي كان مختلفا تماما في ملامحه، اذكر تماما ان هذا الجدار الذي يرتفع ثلاثة امتار لم يكن موجودا».
ويصف هذه الاعمال بانها «اعادة بناء» وليست ترميما.
وتتخوف المنظمات الحقوقية من ان تمسح الهوية الثقافية لسكان التيبت تحت شعار التحديث والعمران. أما بكين فتؤكد ان مشاريعها هذه تهدف الى تحسين مستوى الحياة.
ويضاف الى ذلك الغزو السكاني لمناطق التيبت الذي تمارسه اتنية «هان» التي تشكل العرق الاكبر في الصين والممسك بزمام السلطة.
وتقول تسيرينغ ووسر «عندما زرت تاكتسر المرة الاخيرة في العام 2007، قال لي احد الاقارب ان نصف البيوت فقط هي لسكان تيبيتيين».
وتقول الشاعرة التيبتية ان السلطات «تقول كلاما معسولا، لكن الواقع حزين جدا».(ا ف ب)


هناك تعليقان (2):

Tahsheesh.blogspot.com