السبت، 21 سبتمبر 2013

ألعاب أبطال "الكرتون" توقع الأطفال في "فخ" الخيال

شخصية الكرتون

تغريد السعايدة
عمان- شعر الطفل يزيد (6 أعوام) بالإحباط عندما أراد أن يجرب ساعة "بن تن" التي حصل عليها بعد إلحاحه على أهله أن يشتروها له، حيث لم تُجدِ كثرة الضغط عليها لـ"تحوله الى شخصية عملاقة" كما يفعل البطل في الشخصية الكرتونية.
بعد بكاء طويل اضطرت أم يزيد أن تشتري ساعة "بن تن" كما تسمى نسبة للبرنامج الكرتوني الشهير، لابنها "والتي يبلغ سعرها اثني عشر ديناراً".
تقول أم يزيد ان طفلها أصيب بـ"الصدمة"، عندما اراد استخدام الساعة، ولم تفلح محاولاته المتكررة للضغط على الساعة "لتحويله إلى مخلوقات عملاقة وقوية"، أسوة بشخصية المسلسل الكرتوني "بن تن".
أم يزيد كغيرها من الأمهات اللواتي يعانين من تهافت أطفالهن على شراء الألعاب "الخرافية" التي يروج لها عبر مسلسلات كرتونية، حيث تظهر تلك المقتنيات من يستخدمها من أبطال في البرامج الكرتونية بأنهم "يمتلكون القوة الخارقة".
وتتعدى متابعة الطفل لبرامج يستخدم أبطالها القوة لمصارعة الاشرار والقدرة على مساعدة الضعفاء، البعد الترفيهي او التعليمي، لتضع الصغار في "دوامة تفكير وتحليل لكيفية تطبيق الشخصيات"، وفق ام يزيد.   
أم أحمد ترى أن مسلسلات الكرتون الجديدة "تختلف عن القديمة التي كانت تطرح قصة معينة وعادةً ما تكون روائية"، منوهة إلى أن البرامج الحالية "تخاطب الطفل بلغة العصر التكنولوجي "الديجيتال"، والتي سيطرت على عقول الأطفال بطريقة غريبة لكثرة الحركة وسرعتها والأحداث الخيالية فوق التصور".
اختصاصية علم النفس وعلم النمو والاستشاربة الأسرية الدكتورة خولة السعايدة ترى أن الاطفال في مرحلة عمرية معينة، عادةً ما تكون قبل المدرسة "لا يميزون بين الواقع والخيال"، لذلك يكثر عندهم اختلاق القصص الخيالية، وهو ما يُطلق عليه الكبار "الكذب"، وهو في الواقع "خيال".
وتنصح السعايدة الأمهات بضرورة أن تستثمر رغبة ابنها في نشر الخير بطرق واقعية فتخبره، على سبيل المثال، بأن "بن تن هو شخصية خيالية وغير موجودة ويمكن مساعدة الناس من خلال عدة طرق واقعية"، إذ تستطيع الام ان تأخذ ابنها إلى أماكن بستطيع من خلالها مساعدة الفقراء بنفسه وبشكله الواقعي.
تقول أم الطفل أحمد انها ابتاعت لطفلها (5 أعوام) بناء على اصراره على شرائها في عيد ميلاده، نوعاً من الألعاب الموجودة في احد البرامج الكرتونية، وهي عبارة عن مجموعة من الكرات الصغيرة تسمى "الباكوجان" التي ما أن يلقي بها الطفل على الأرض حتى تفتح بشكل سريع وتتحول إلى مجموعة من "الوحوش" التي تتنافس على الخير والشر، وفق المسلسل.
إلا أن مفاجأة أحمد كانت "سلبية" إذ لم يفرح بها، وتبرر والدته ذلك بأنه اعتقد أنها كبيرة في الحجم، من خلال العرض الدعائي الذي شاهده على إحدى القنوات المتخصصة للأطفال، وعلى الرغم من سعرها المرتفع، إلا أنها الآن لا تستحوذ على اهتمامه نهائياً لمجرد اختلافها عما شاهده عبر الشاشة.
وفي هذا السياق تتحدث الاختصاصية التربوية سناء أبو ليل عن طبيعة تفكير الأطفال في هذه المرحلة العمرية الذين يعيشون أجواء خيالية في حياتهم، ما يدفعهم إلى التأثر الشديد بالمشاهد التي يشاهدونها في البرامج التلفزيونية آنفة الذكر، والتي تلبي رغباتهم الخيالية وأكثر. وتشبه أبو ليل الأطفال في هذه المرحلة بـ"الكمبيوتر" الذي نستطيع تخزين المعلومات عليه بشكل كامل، وبالتالي فإن للأهل دورا كبيرا في توجيه وتوعية أبنائهم في هذا المجال، من خلال برامج للأطفال خاصة وجديدة "ممنهجة ومدروسة لتساعدهم على أسس التربية للأبناء".
ويتحدث أولياء الأمور بشكل عام عن الكثير من القصص المتتالية التي تحدث من خلال متابعة أبنائهم لافلام الكرتون، إذ ترى أم ليث الزيود أن تلك الشخصيات تؤثر "سلباً"، خاصة وأنها موجهة للأطفال الصغار الذين يتشربون تلك الأفكار ويعتقدون بصحتها ومصداقيتها.
وتضيف الزيود أنها تلحظ من خلال متابعة أبنائها لبرامج الكرتون أنها تستحوذ على تفكيرهم وتجعلهم غائبين عن التفكير بمن حولهم عند مشاهدتهم لما يفضلون من شخصيات، وفي الغالب "جميعها تتحدث بعدوانية عن الأحداث الجارية"، وفق الزيود التي تقول "مهما حاولت أن أبعد ابنائي عنها إلا أنهم يتابعونها ويطلبون الألعاب التي تُعرض في الأسواق" وتمثل شخصيات الكرتون، وعادةً ما تكون "مرتفعة الثمن".
من جانبها تقول أبو ليل إن الأطفال يتمتعون بخيال واسع، وهذه فرصة للأهل من أجل أن يطوروا هذا الخيال والحديث الدال للأطفال على نحو إيجابي وعملي، ومثال على ذلك، بحسب أبو ليل "أن الأطفال الذين يرون في الألعاب التي تحول الشخصية الكرتونية إلى بطل يتم إرشادهم إلى طرق جديدة يكونون فيها أبطالا ويقدمون المساعدة لغيرهم".
بيد أن السعايدة تؤكد أن على الاهل ضرورة احترام عقل الطفل والتعرف على خياله الواسع، وفي نفس الوقت مساعدته على التمييز بين الخيال والواقع.
ومن الطرق التي يمكن عرضها على الأطفال للتفريق بين الخيال والواقع، توضح السعايدة يمكن إحضار دفتر ورسم مجموعة من الرسومات الكرتونية بشكل مختلف وتحريكها، ليرى الطفل بنفسه أن الرسومات هي شيء غير حقيقي، منوهة إلى أن "الاطفال أذكياء ويستطيعون تفهم الأمر، ويسهل دمجهم بالواقع".
وفي السياق ذاته تشير أبو ليل، إلى أن مشاركة الأطفال في مساعدة الآخرين من الفقراء والمحتاجين تسهم في توضيح الصورة لهم بأنهم قادرون على أن يكونوا أبطالا من دون ألعاب خيالية مثل تلك التي في برامج الكرتون، كأن يتم الحديث معهم أنه "بإمكانهم مساعدة الآخرين على طريق آخر أكثر واقعية".
ويمكن لأولياء الأمور إن أمكن التعاون مع المدرسة أو الروضة التي يدرس فيها طفلهم المتأثر بشكل مبالغ فيه في برامج الكرتون، تقول ابو ليل إن "التعاون مع الأهالي في هذا الجانب يتم عن طريق تشجيع المعلمة للطفل من خلال الحديث عن المساعدة للآخرين وعن الأمور الخيالية التي هي محض أحداث غير واقعية وسلبية".

tagreed.saidah@alghad.jo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com