الخميس، 26 سبتمبر 2013

علاج مرض بطانة الرحم الهاجرة 2/2

صورة

دكتور كميل موسى فرام

استشاري النسائية والتوليد/ مستشفى الجامعة الأردنية
أستاذ مشارك/ كلية الطب- الجامعة الأردنية

ذكرت بمقالتي السابقة أن الاجتهاد بتحليل نظريات ومسببات حدوث مرض بطانة الرحم الهاجرة ما زال خديجا برحم الأبحاث العلمية ومختبرات الابتكار فاختلاف بفرص الاجتهاد بجدوى النظريات السابقة للتفسير لا يؤثر بالخطة العلاجية كما أنه لا يؤثر بمفردات الشكوى المرضية ولا يغير بطبيعة السلوك الحميدي للمرض بكل مراحله، خصوصا أن رحم الأبحاث يعطينا الجديد من العلاجات الشافية على مدار الساعة لفئة من العلماء قد نذرت نفسها بتحدٍ يتعدى حدود الوصف، فئة تستحق التقدير لتصميمها على ايجاد الحلول الجذرية للنصف الجميل من عالمنا خصوصا أن هذا الفصيل من الأمراض لا يفرق بين السيدة المتزوجة أو العزباء، فيخلط الاحداثيات بشكل يمنع علينا التفكير الجازم بالتشخيص ليجعل من السيدة حقلا لتجارب علاجية بحدود الجرعات العقارية بالمستوى الحميد وغير المؤثر على المستقبل بالرغم أن العلاج التحفظي قد يكون الخطوة ذات الاشغال الهرمي لظروف السيدة بمراحلها الحياتية وبالذات عندما يتسلح الطبيب بسلاح التردد والخوف.
  قبل أن أجتهد بتلخيص وسائل العلاج فلا بد من التذكير ببعض المضاعفات المرضية التي تبرر التدخل الطبي وبغيرها لا يشخص المرض خصوصا بمراحله الأولى، فتنحصر المضاعفات بالأعراض التي تسببها تلك البطانة، وعليه لا تعتبر هذه المضاعفات بنداً منفصلاً كباقي الأمراض النسائية، فهي قد تشكل لوحة مرضية بتوقيت معين أثناء الشكوى الأمر الذي يتطلب التريث والتوقف بنفس عميق؛ شهيره وزفيره قبل تحديد وتنفيذ الخطوة التالية بالخارطة العلاجية، وبالرغم من هذا الحرص، فأريد التوقف بمحطة جذرية بالخطة العلاجية والتي تتلخص بامكانية حدوث انفجار الأكياس الدموية وما قد يسببه من آثار سلبية كثيرة ويزيد من فرصة تكوين الالتصاقات الحوضية والبطنية وتجميد حركة أعضاء الحوض أحيانا، لتترك وابلا من الشكوى بتداخلاتها من أعراض التجويف البطني والحوضي لتجعل من الفطنة الطبية والحكمة التشخيصية سلاحا يمكن استخدامه بالتوقيت المناسب.

مراحل مرض
بطانة الرحم الهاجرة
   للتوضيح، تقسم مراحل مرض بطانة الرحم الهاجرة لأربعة مراحل، الأولى منها تتمثل بوجود نتؤات سطحية من البطانة الهاجرة واحتمالية وجود التصاقات شفافة بسيطة تكتشف بشكوى غير محددة أو مصادفة لأمور متشابهة، فيما تتمثل المرحلة الثانية بوجود ندبات مرضية في منطقة خلف الرحم بالحوض إضافة إلى ما هو موجود في المرحلة الأولى، حيث يمكن طرحها بقالب الشك بوجود فشل بحدوث الحمل والانجاب بعد الزواج أو تحليل منطقي لألم تائه غير مفسر بمنطقة الحوض  والمرحلة الثالثة يضاف إليها على ما ذكر نتؤات مرضية على المبيض/المبيضين والتصاقات بدرجة أكبر تؤثر على النشاط الشخصي للسيدة وخصوصا أثناء فترات الاتصال الزوجي للسيدات المتزوجات، وأما المرحلة الرابعة والأشد فتتمثل بوجود أكياس دموية (أكياس شيكولاتية) مع وجود التصاقات شديدة قد تحد من حركة الأعضاء مساهمة بتحويل حياة العائلة لنمط من أنماط الجحيم.

سنوات الحيض الأولى
  البداية الصحيحة للعلاج يجب البدء بها أثناء سنوات الحيض الأولى إذا كان هناك شكوك بوجود الإصابة، ومع الاعتذار، فالعنوان الأساسي يلخص ببدايته بإنعدام توفر علاجا يمنح الدرجة النهائية بالشفاء، وتتمثل طرق العلاج المتوفرة في تخفيف أعراض المرض والحد من أذيته ولكل عرض  خطة علاجية تناسبه حيث هناك خيارات عديدة للعلاج تتحدد حسب الحالة المريضة.
بعض السيدات تمارس التمارين الرياضية التي قد تساعد على تخفيف الألم المصاحب للمرض بهمة ممزوجة بالتكيف، فلم تتوصل الأبحاث حتى هذا التاريخ لتوضيح العلاقة العلاجية بين التمارين الرياضية الشخصية بتقليل الألم، ولكنها تحتل مساحة من تضاريس الخطة الشفائية بدرجات متفاوتة، يتبعها على السلم استخدام العلاج الدوائي؛ الهدف الأساسي منه يكون لعلاج الألم الناتج عن المرض وإيقاف أو إبطاء تطور المرض، إضافة لضرورة استخدامه في حالات التأخر في الحمل والإنجاب، وأما اللجوء إلى العلاج الجراحي فينحصر فقط عند فشل العلاج الدوائي بالسيطرة على بنود الشكوى أو تفاقم الحالة المرضية بدرجة تتعدى حدود التحمل، سواء ما كان منها جراحة بسيطة أو تلك الكبيرة بدرجاتها.
العلاج العقاري ويعتبر العلاج الأولي المستخدم في علاج ألم المرض  باعتباره الشكوى الأهم ويتمثل عموماً في أدوية مضادات الالتهابات المسكنة ذات التأثي المزدوج غير الستيرويدية مثل الإبيوبرفين أو النابروكسين، وقد نضطر أحيانا لاستخدام أدوية مسكنة أقوى إذا لم تعطِ هذه المضادات نتيجة فعالة للسيطرة على الشكوى باعتبار أن جميع هذه الأدوية تعمل لتخفيف الأثر الانقباضي لمنشطات الانقباضات التي تنتج نتيجة تكسر كريات الدم الحمراء داخل الجسم.
  الخطوة التالية في العلاج فهدفها إبطاء أو إيقاف تقدم مرحلة المرض وانتشار بطانة الرحم إلى أماكن أخرى خارج الرحم، ويعتمد اختيار العلاج المناسب على شدة المرض، درجته، صورة الشكوى وعموما فيمكننا أن نذكر بوجود طريقتان مختلفتان للعلاج تستخدمان لتغيير مستوى الهرمونات التي تسبب تطور المرض، حيث الطريقة الأولى تهدف إلى إيقاف عملية التبويض لفترة زمنية محددة باستخدام وسائل منع الحمل الهرمونية مثل أقراص منع الحمل وهي المفضلة بين جميع الوسائل، كما يمكن في حالات خاصة استخدام الحقن الهرمونية لمنع الحمل، أو الوسائل الهرمونية بالزرع تحت الجلد، وبتلك الطرق يتم خفض مستوى الهرمونات التي تؤدي إلى تغيرات في بطانة الرحم وبالتالي تمنع التغيرات التي تحدث في نسيج بطانة الرحم الموجود في أجزاء مختلفة من الجسم، وعادة يتم استخدام أقراص منع الحمل بجانب مضادات الالتهابات غير الستيرويدية للسيدات خاصة اللاتي لا يرغبن بحوث الحمل أثناء الفترة العلاجية لظروف شخصية نقدرها على أن نوضح للنصف الجميل بحقيقة شفائية بالاقدام على الزواج والحمل كواحدة من طرق العلاج الناجحة.

الإستروجين والأندروجين
الطريقة الثانية وتهدف إلى خفض مستوى هرموني الإستروجين والأندروجين (هرمون الذكورة) بالجسم، نتيجة تناول هرمونات تعرف بمضادات الهرمونات المنشطة وتوجد على هيئة حقن بالعضل أو تحت الجلد أو على هيئة بخاخ أنفي وجميعها تقوم بمنع إفراز هرمونات الغدة النخامية المنشطة للمبيضين، وهكذا تعمل هذه الهرمونات على تثبيط وظيفة المبيض مما يؤدي إلى قلة إنتاج هرمون الاستروجين وبالتالي انقطاع الدورة الشهرية وهذا يوقف نمو أنسجة بطانة الرحم الهاجرة وبعد ذلك تصبح غير فعالة بسبات طويل على أمل أن تضمر لتتلاشى، وأذكر هنا من زاوية الأمانة العلمية بالتحذير والخوف لذي ينتاب البعض من خطورة دخول المبيض في سبات عميق يصعب تنشيطه فيما بعد، خصوصاً في الأعمار ذات الحدود العمرية، واقع يفرض الدقة بالتشخيص وترتيب وسائل العلاج على أن تؤخذ بعين الاعتبار جميع المضاعفات العلاجية بشكل مدروس وليس بنظام الفزعة أو الهمبكة.
الفشل العلاجي بالتزامن مع الشكوى المرضية خصوصا بشقها الألمي تلزمنا بدخول المسار الجراحي كخيار يحتل مساحة خصبة لا يمكن القفز عنها ويتم اللجوء إليه في حالة عدم الوصول للنتيجة المطلوبة مع العلاج الدوائي.
 هناك عدة طرق للعلاج الجراحي، فمنها جراحة منظار البطن وهي عبارة عن عملية جراحية بسيطة يستخدم فيها منظار صغير من خلال شق جراحي صغير بالبطن في منطقة الصرة بطول لا يزيد عن سنتيمتر واحد ويتم التعامل مع كل أنسجة بطانة الرحم الهاجرة ،المنظورة خارج الرحم، وذلك عن طريق الكي الحراري أو الليزر وإزالة الالتصاقات وأكياس الدم، فيستخدم غالبا عندما تكون المريضة في سن الخصوبة وترغب في الإنجاب أو عندما يكون حجم الأكياس الدموية (الشيكولاتية) حجما قارب على الانفجار، داخل تجويف الحوض أو سبب ألماً لا يستجيب للمسكنات المستخدمة، وهناك إجراء جراحي يمثل الخطوة الأخيرة في سلم الترتيب العلاجي الجذري وهو أقوى وأقسى وأصعب ويتمثل باستئصال الرحم والمبايض كطوق نجاة من التفكير بالانتحار ويستخدم في حالات فشل العلاج الدوائي والحالات المتقدمة من المرض إذا كانت المريضة لا ترغب بالحمل أو الإنجاب.
لا توجد حتى الآن وسائل معروفة للوقاية من المرض، لكن هناك أبحاث تقترح بعض الطرق التي تساعد على تقليل نسبة الإصابة  فيه مثل الحمل المبكر والمتتالي بعد الزواج، استخدام أقراص منع الحمل الهرمونية وذات التأثير الثنائي المزدوج، والمواظبة على التمارين الرياضية اليومية، ووصيتي في الختام أن البحث عن الحلول للأمور المرضية في الوقت المناسب يعطي الفرصة الطبية للاختيار بين الحلول المتوفرة ويمنع تطور الحالة المرضية لمرحلة أصعب تجبر الفريق الطبي على طرح الحلول الصعبة وللحديث بقية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com