الاثنين، 16 سبتمبر 2013

صنــع أدمغــة شبــه بشريــة

صورة

تستطيع الخلايا الجذعية البشرية أن تربط نفسها داخل نسيج مع تركيبات دماغية متعددة وكوادر متخصصة من الخلايا العصبية، في صورة تشبه دماغ جنين عمره 9 أسابيع.
ولا يدنو النسيج من تعقيدات الدماغ البشري المحيرة، ولكن رغم ذلك يقول باحثون إن هذه الكرات العصبية الدقيقة -التي لا يتجاوز حجم الواحدة منها حجم حبة دواء- تمثل بنية الدماغ الأكثر تعقيداً التي صنعت في مختبر حتى الآن، ويمكن أن يوفر العمل الجديد نافذة غير مسبوقة نحو مراحل مبكرة من تطوير دماغ بشري، وطريقة بسيطة لاختبار الأدوية على النسيج الدماغي ودراسة عيوب الدماغ لدى المرضى، اضافة الى فهم جديد لمرضي الانفصام والتوحد على سبيل المثال.
وتقول فلورا فاكارينو من جامعة ييل: «لقد تم انجاز عمل رائع جداً».
وتثبت التجربة انه بعد نحو شهرين من زرعها في حساء رقيق مغذٍّ تحولت الخلايا إلى خلايا عصبية استوطنت أجزاء متميزة ومحددة من الدماغ النامي. وكان لدى كتل النسيج أيضاً أجزاء غير مترابطة من القشرة الدماغية، الطبقة الخارجية من دماغ الإنسان المسؤولة عن عمليات التفكير المتقدمة، وكانت المكونات الأخرى للدماغ صحيحة أيضاً: كان العديد من الخلايا العصبية يبعث برسائل كهربائية نشطة، كما أظهرت التجارب. وبدا أن مجموعات مختارة من الخلايا العصبية الشابة ساهمت في عملية توطين الدماغ بالخلايا العصبية.
 ومثل الدماغ كان لدى النسيج مجموعة غنية من الخلايا الجذعية المتخصصة التي تدعى الخلايا الجذعية الشعاعية، وهي تحافظ على استمرار نمو أعداد الخلايا العصبية.
وهذه الأنسجة الدقيقة التي صنعت في المخابر والتي أطلق عليها المشاركان في الدراسة مادلين لانكستر وجورغن نوبليخ من الأكاديمية النمساوية للعلوم في فيينا اسم «العضيات الدماغية» قد تنطوي على مضاعفات ايجابية كبيرة بالنسبة إلى علم الدماغ.
ويقول عالم الأعصاب إد لين من معهد آلن لعلوم الدماغ في سياتل: «توجد إمكانية هائلة هناك».
وتبدأ عملية تنمية «العضي» بخلايا جذعية بشرية، تؤخذ إما مباشرة من جنين أو من عينات جلد بالغ أعيدت برمجتها إلى حالة تماثل الجنين. ويمكن لهذه الخلايا أن تنمو في أي نسيج في الجسم البشري. ومن أجل صنعها في أعضاء دماغية، ترك الباحثون هذه الخلايا تنمو عدة أيام في طبق ثم نقلوها إلى حساء يشجع نمو نسيج طبقة تعمل على تكوين الدماغ. ثم حقن الباحثون بعد ذلك تلك الخلايا داخل قطرة جل تعمل مثل سقالة تنمو الخلايا عليها.
وفي الخطوة النهائية تم تحويل قطيرات الجل إلى قوارير سريعة الدوران تحتوي على مغذيات.
كانت هذه الخطوة الأخيرة بالغة الأهمية -وقد تبين للباحثين أن حركة الدوران السريعة وزعت الأوكسجين والمواد المغذية على كل الخلايا المزروعة، ومن دون ذلك كانت الخلايا –خصوصاً تلك الواقعة في المركز- ستتعرض لجوع شديد والموت.
وبعد مرور نحو شهرين تجاوزت المتعضيات حدود قطيراتها من الجل، ووصلت إلى قطر من حوالي 4 مليمترات.
وقد قام الباحثون حتى الآن بزرع المئات من تلك المتعضيات الدماغية، وبلغ عمر الأقدم منها سنة واحدة. وفي النوع الأكثر قدماً لا تزال الخلايا حيّة لكنها توقفت عن الانقسام، بحسب لانكستر، ويصل الحجم الأقصى للعضي بعد مرور قرابة الشهرين. وتقول لانكستر إن أي زيادة في الحجم تعني عدم حصول الخلايا في الداخل على ما يكفي من المواد المغذية والأوكسجين. ويقول إد لين إن أحد أكثر الجوانب أهمية في هذا العمل يتمثل في تشكيل العضيات لهذه البنية المعقدة التي تشبه الدماغ عبر جهد قليل من الباحثين «والشيء الأكبر بالنسبة لي هو إدراك أن معظم المعلومات المتعلقة بتوليد دماغ هي داخلية المنشأ، ولدى هذه الخلايا معلومات كافية لتوليد دماغ».
وذلك يعني أن الخلايا من شخص مختلف يمكن استخدامها بسهولة لتنمية أنواع مختلفة جداً من الأدمغة، وكجزء من دراستهم قام نوبليخ ولانكستر وزملاؤهما بتربية عضي شخصي عبر استخدام خلايا من جلد مريض مصاب بمرض صغر الدماغ. وتقول لانكستر إنها رأت على الفور أن العضي كان أصغر من المعتاد.
وقد يكون العضي الدماغي، الذي صنع حديثاً، النموذج الأكثر تعقيداً للدماغ حتى الآن، ولكن مجرد تقريب للدماغ الحقيقي. وهو يفتقر إلى بعض الجوانب الرئيسية التي تمكن من تحقيق الأحاسيس والأفكار والذكريات، وهذه البقع الدقيقة ليست أدمغة كاملة تدور في قوارير وتتساءل عن معنى الحياة. وربما تسهم هذه العضيات في توفير فائدة متزايدة للبحث، ونافذة نحو تطوير دماغ الإنسان، وطريقة لدراسة الاضطرابات التي تحدث عند وقوع خطأ في مرحلة مبكرة من هذه العملية. (Science News)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com